الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

انتخابات ومجاملات‎


يري الكثيرون من المتابعين والمهتمين بالحياة السياسية والعملية الانتخابية في مصر أن النظام الانتخابي الموجود حاليا بنظام القوائم المغلقة المطلقة بنسبة 50% هو نظام غير عادل بعض الشيء، نظرا لصعوبة تشكيل قوائم كبيره تغطي ٦ محافظات أو أكثر بـ100 مرشح وبشروط وتفاصيل صعبة نظرا لنسب الفئات المميزة مثل المرأة والشباب والأقباط وذوي الإعاقة والمصريين بالخارج.

ويشوب تشكيل تلك القوائم الكثير من المجاملات وتعتمد في جزء كبير منها على العلاقات الشخصية بعيدا عن أي معايير أو شروط يتم وضعها مسبقا عند الاختيار فنجد أسماء لم يسبق لها العمل السياسي بالمرة موجودة في القائمة لمجرد ضبط النسب المقررة، ونجد مجاملات لبعض الشخصيات العامة وأحيانا نجد أبناء وزوجات شخصيات سياسية وتنفيذية كبيرة منعهم وضعهم من الترشح فدفع بأحد أبنائه أو أخوته وأحيانا بزوجته مما يضعف جودة المخرجات من المجلس القادم. 

هذا باستثناء بعض الكيانات الحزبية التي تضع معايير محددة للاختيارات ولكن هذا هو القانون ويجب أن نلتزم به.

وأري أن المشكلة الأكبر هي الانتخاب بنظام القائمة المغلقة المطلقة وهو الذي يهدر نسبا كبيرة من الأصوات حتي لو وصلت إلي ٤٩٪ فلا يحصل أصحابها على مقعد واحد، وأعتقد أن نظام القائمة النسبية هو الأفضل والأكثر عدالة ولكن يصاحبه بعض الصعوبات التي يمكن التغلب عليها بمزيد من التدقيق والتريث في وضع القانون والتريث في الإجراءات المصاحبة للعملية الانتخابية وهو الشرط الذي لا يتوفر الآن نظرا لحلول موعد إجراء الانتخابات دستوريا للأسف.

وأتمني وأطالب بإحداث تغييرات جذرية في نظام الانتخابات، وأن تكون هذه الجولة الانتخابية هي الأخيرة بنظام القائمة المغلقة المطلقة والتي وصلت حاليا إلي 50% من إجمالي مقاعد مجلس النواب القادم وهي نسبة كبيرة جدا.

وإذا كنا نسجل اعتراضنا علي نظام القوائم المغلقة المطلقة ونتوجه باللوم إلى واضعي القانون والقائمين علي تشكيل تلك القوائم فنقف لحظة علي نسبة ال50٪ المتبقية بنظام الفردي والذي تقع مسؤولية الاختيار فيه علي الشعب مباشرة. 

وهو النظام المفترض له هو حرية الاختيار. والمفترض أيضا أن يحاول الشعب الوصول إلي كل المرشحين والتعرف عليهم ومناقشتهم في مؤهلاتهم ومعرفة برامجهم ورؤيتهم المستقبلية للدولة وللدائرة المترشح عنها. وأن تكون أهم المعايير هي مؤهلاته العلمية وخبراته السياسية وحسن السمعة والنزاهة وغيرها من المعايير التي تؤهله للقيام بدوره في المجلس وتمثيله لأبناء دائرته علي أكمل وجه. 

ومعرفته بمشاكل دائرته ومطالب أبنائها وأن يكون لديه حلول علميه ومنطقية قابلة للتنفيذ علي أرض الواقع لكل مشاكل الدائرة الملحة من ضبط تشوهات الشارع المصري ومشاكل التعليم والصحة وغيرها.

ولكن للأسف نجد أن حتي الانتخاب بنظام الفردي يقع في عدة أخطاء. وللأسف لا تأتي دائما بالأصلح وذلك بسبب سطوة المال السياسي وخاصة في المناطق القديمة والخدمية وأيضا بسبب المجاملات والتربيطات القائمة علي المصالح الشخصية المشتركة وانتخاب أشخاص يأتون للشهرة والوجاهة، وليس لتطوير الدولة وتحديث البنية التشريعية والتمكن من الأدوات الرقابية للنائب، فضلًا عن تحكّم فئة من السماسرة والمرتزقة الذين يعتبرون موسم الانتخابات هو فرصة لمكاسب مادية ضخمة دون الوضع في الاعتبار المصلحة العامة أو النظرة إلي المستقبل والذين يقومون بتوجيه البسطاء من أهلنا تحت ضغط العوز والحاجة والوعود الانتخابية الكاذبة.

وتدعي تلك الفئة من السماسرة، أنها تتمتع بثقل انتخابي في الشارع. وهناك عامل آخر يقوم علي المجاملات بين العائلات الكبيرة والمصالح الشخصية دون النظر لمؤهلات المرشح أو إمكانياته العلمية والسياسية. لنجد مرشحين هم في الأصل لم يشتغلوا بالعمل السياسي أو الخدمي في الدائرة ولكن كل مؤهلاته أنه ابن نائب سابق تمنعه ظروفه من الترشح أو زوجه لمرشح سابق قد توفاه الله أو نجلة أحد القيادات التنفيذية الموجودة في السلطة أو أخ رجل أعمال كبير لن يسعفه وقته للترشح أو لديه بعض المشاكل القانونية تمنعه من الترشح. ولكن المشكلة ليست في تلك النوعية من المرشحين. المشكله الاساسيه هي في تسابق وتباري أبناء الدائرة من أصحاب العلاقات العائلية المباشرة والقبلية بعائلة المرشح وليس به شخصيا وتتسابق الشخصيات الكبيرة في المنطقة في مجاملة الوالدأو الأخ أو الزوج في أعلان تأييدهم للابن أو الزوجة أو الأخ الذين أعلنوا عن ترشحهم فجأه ودون مقدمات.

 وذلك مع اعترافهم بينهم وبين أنفسهم أنه غير مناسب لهذه المهمة العظيمة ولكن مجاملة لكبير العائلة أو العمدة أو الشخصية التنفيذية. ونجد صور التأييد والمشاركة وممارسة التأثير علي البسطاء الذين لم يتعرفوا علي المترشح قبل انتخابه وبالتالي لن يصلوا إليه بعد نجاحه. 

ولنجد أيضا تسريب الشائعات بأن فلان قد اشتري الكرسي وأنه دفع عدة ملايين من أجل ضمان النجاح أو رصد ميزانية تصل إلي عشرات الملايين من أجل الفوز بالكرسي. دون ذكر من الطرف الاخر الذي قبض الثمن وأعطي الوعد بالنجاح. ظنا منهم أنه من أصحاب السلطة وخوفا من الوقوع في مشكلة.

وأعتقد أن كل تلك الإشاعات هي بغرض تصدير اليأس للمتنافسين من أجل إحباط مؤيديهم والإنصراف عنهم. ولكنهم لا يعلمون أنهم يصدرون اليأس والإحباط إلي جموع المصريين وخصوصا الشباب منهم الذين ليس لديهم مال أو علاقات أو قبليات ولكن لديهم طموحا سياسيا مشروعا وهو الإحساس الذي يعود  باللامبالاة الانتهازية وتغليب المصلحة الشخصية عليهم وتحولهم إلي مجرد أدوات وأرقام وليس كيانات بشرية سوف تتحمل المسؤولية في المستقبل.

وأريد أن أتساءل عن من يرصد عشرات الملايين للوصول إلي كرسي البرلمان من أين أتيت بتلك الملايين وما الهدف من إنفاقها للوصول إلي منصب الهدف والغاية منه في الأساس هو الخدمة العامة التطوعية.

ولماذا لا تظهر تلك الأموال إلا في العملية الإنتخابية. وأتساءل أيضا. هلي كرسي البرلمان أغلى وأهم من الجنة؟ لَأنك لو أنفقت تلك الملايين لمساعدة للفقراء وسد حاجتهم دون هدف دنيوي فقد اشتريت الجنة. ولكن أعتقد أن الهدف ليس المصلحة العامة وإنما هدف حماية الممتلكات أو الحصول علي تسهيلات أو الحصول علي الحصانة والوضع الاجتماعي والوجاهة المجتمعية.

فقط وأخيرا أوجه ندائي إلي شعب مصر وخصوصا الكتلة الصلبة من أهلنا من حزب الكنبة الذين يتحركون فقط عند الإحساس بالخطر. نعم إننا نقترب من الخطر فيجب أن تقوموا بدوركم وأن تقفوا خلف قيادتكم السياسية متمثلة في فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي يحارب الفساد بكل قوته ولكن في هذه الحالة الفساد ينبع من أنفسنا ويجب التصدي له.

عن طريق المشاركة واختيار الأفضل والأقرب إليكم والذي تشعرون أنه كان بجانبكم سابقا وسوف يكون بجانبكم لاحقا فأنتم الأغلبية التي لو شاركت ستصنع الفارق وستقضي علي ظاهرة شراء الأصوات وتزييف الإرادة ويجب أن تقوم الطبقة المتوسطة بدورها في توعية المواطنين بخطورة المرحلة وكيفية الاختيار الذي سوف تتأثر به كل أطراف الحياة لمدة خمس سنوات كامله.

الطبقة المتوسطة هي صمام الأمان المجتمعي والتي تستطيع التغيبر دون اللجوء إلي مؤسسات الدولة التنفيذية.

وأخيرا من ينجح بالمال سيخدم المال ومن ينجح بالناس سيخدم الناس. تعرفوا على مرشحيكم جيدا إسمعوا منهم وناقشوه في كل مايخصكم. فالحوار مهم لكي تعرفوهم وابتعدوا عن المجاملات والمنافقين وأصحاب المصالح والتابعين  والله ولي التوفيق. 

وحفظ الله مصر وحفظ شعبها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط