الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زرعتم أردوغان فاحصدوا الإرهاب


بات الجميع وإن كان شكليًا إلى الآن يتبرأ من أردوغان من النظم الحاكمة الإقليمية منها والدولية ويغسلون أيديهم منه وكأنه ظهر فجأة كعشبة ضارة في حقول وبساتين المنطقة؟ شكليًا أقولها ينتقدون عربدة وانتهازية أردوغان ويتوعدونه كظاهرة صوتية ليس لها أية علاقة على أرض الواقع، منتظرين عامل الوقت كي يقولون كلمة الفصل. عامل الوقت هذا طبعًا ليس له علاقة بالواعز الأخلاقي أو المبادئ بقدر ما له حسابات المصالح الاقتصادية والأجندات فيما بينهم والتي لا يعلمها العامة من الشعب.


أردوغان ليس حالة فجائية تربع على عرش السلطة والمشهد منذ ما سمي بالربيع العربي، حينما ظهر وكأنه الأنموذج الذي ينبغي أن يُحتذى به في المنطقة. بل مثله تمامًا كما فيروس كورونا الذي تم صناعته أو تعديله مخبريًا بكل معنى الكلمة. أردوغان أيضًا يشبه فيروس كورونا فقد تم تحضيره وتعديله ضمن مخابر الاستخبارات الدولية ليتم نشره في المنطقة مهددًا هذا ومتوعدًا ذاك بالموت إن هو لم ينصاع لقوى الهيمنة العالمية ووسائل دعايتها وإعلامها.


منذ 2006 وأردوغان يتم تجهيزه ليكون الأداة الفعالة في تغيير الشكل الهلامي والاستقرار الشكلي وأكذوبة الحدود السياسية لدول المنطقة. معظمها كانت مصطلحات مقدسة ضحى الآلاف من أجلها لتتضح لنا الآن أنها لم تكن سوى مسكنات لأمراض سوسيولوجية ومجتمعية وثقافية واقتصادية وسياسية تم تأجيلها وفق أجندات قوى الهيمنة المقسمة للمنطقة. 


فكما أردوغان حالة طارئة وطبيعية للنظم الاستبدادية في المنطقة منذ تشكل الجمهورية التركية وحتى الآن، وما هم كما جمهوريتهم إلا حالة وظيفية وأداة لإدارة شؤون المنطقة والسيطرة عليها من خلال تركيا ورؤسائها منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية وتغيير الشرطي الغربي في المنطقة من شاه ايران إلى تركيا التي لبعت دورها على أكمل وجه في حصارها للسوفييت.


منذ ظهور أردوغان في المشهد السياسي التركي حينما كان عمدة إسطنبول وبعدها رئيسًا للوزراء ومن بعدها رئيسًا لتركيا بعدما حول تركيا إلى النظام الرئاسي، كانت لقوى الهيمنة دورًا رئيسيًا في الإعداد لهذا الظهور وتحويله لكاريزما ورمزًا شجاعًا وبطلًا لتحرير شعوب المنطقة، وكأننا نعيش عصر البطولات في القرون الوسطى.


معظم دول المنطقة دعمت أردوغان بكل ما لديها من إمكانات مادية وسياسية وكذلك فعلت دول أوروبا من دون استثناء. بدءًا من الناحية الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والاستخباراتية، الكل كان في خدمة السيد (حينها) أردوغان ويطبلون له ويزمرون وكأنه الحالة الفريدة التي ظهرت في المنطقة ليحول تركيا إلى قوة اقتصادية جبارة على حساب شعوب المنطقة.


أردوغان واقتصاده وقوته لم تكن سوى عبارة عن فقاعة وظاهرة صوتية من دون أية أرضية متينة يمكن التعويل عليها ليحول تركيا إلى قوة إقليمية في المنطقة، وإن كان للإعلام دورًا كبيرًا في ذلك. إلا أن الحقيقة لا بد لها أن تظهر وإن حاول البعض في اخفاءها تحت ألف قناع.


كل الدول الأوروبية كانت تدعم أردوغان في حروبه وارهابه على الشعب الكردي في تركيا وتتهم الكرد بالإرهاب، لأنهم فقط يحاربون أردوغان والحكومات المتعاقبة منذ ثمانينات القرن الماضي. مئات الأشخاص تم القبض عليهم وتسليمهم لتركيا بحجة أنهم إرهابيين. وتم منح وبيع تركيا الكثير من الأسلحة الألمانية والفرنسية والدانماركية والإيطالية، بينما الدول الأخرى كانت قد رجحت الصمت عمَّا كانت تفعله تركيا وأردوغان بحق الكرد. وراح الزعماء الإقليميين والدوليين يزرعون أردوغان في المنطقة كأداة لتغييرها وفق مشروع الشرق الأوسط الكبير/الجديد، ويغضون أبصارهم عن نقل الإرهابيين من تلك الدول لتركيا ليحولوا سوريا والعراق لمسرح جريمة عالمية الكل شارك في إعدادها، معتقدين أن المسرحية لن تعرض إلا في هذه المنطقة، متناسين أنه سيأتيهم الدور ليكونوا شهود عيان للمسرحية التي صدروها لنا وأنهم سيرونها ويتفاعلون معها على أرضهم وإن كان بعد حين.


الآن أدركت تلك النظم الحاكمة والتي لا تفكر إلا بمصالحها الاقتصادية ولعبة الأمم أن ما زرعتموه من مصالح ومشاريع كأردوغان والإخوان المسلمين في منطقتنا منذ عقود، حان وقت أن تحصدوا وتجمعوا غلال ما زرعتم أنتم أيضًا من عمليات إرهابية تتم باسم "الله أكبر". فلا تلوموا أردوغان كثيرًا صنيعة أيديكم، فلكم نصيب من لعنة ضحايا الذبح التي تتم في بلادكم. احصدوا ما زرعته أيديكم من أردوغان كما فعلتم حينما زرعتم وصنعتم كورونا والآن تحصدون ما تزرعون. فلا فرق بين أردوغان وكورونا والإسلام السياسي، فهم أسلحة قتل جماعية بحق شعوب المنطقة. 


وإذا أردتم التخلص من هذه الأسلحة الفتاكة فلا بد من دعم الكرد لأنهم في الخندق الأول ضد أردوغان ومرتزقته من الفرق الاردوغانية العابرين للحدود. الكرد هم أول من وقف في وجه داعش وهم الوحيدين من يحارب أردوغان وعقليته في المنطقة في وقت يقف الآخرين يشاهد كيف يقاومون أو أنهم ما زالوا أسرى مصالحهم الاقتصادية.


ربما ما حصل في فرنسا سينتقل لدول أوروبية أخرى كما انتقل للدول العربية الواحدة تلو الأخرى، فكلما تم تأجيل القضاء على أردوغان كلما كانت النتيجة أفظع ومكلفة جدًا. هم القوة الرئيسية المنظمة والوحيدة في تركيا الذين بمقدورهم أن يقصموا ظهر المعربد أردوغان. كريلا العمال الكردستاني الذين كانوا ارهابيي الأمس حينما كانت المصالح هي الأساس، بكل تأكيد سيكونون هم المخلصين والمقاومين من إرهاب اردوغان حينما تتغلب المبادئ والأخلاق وتكون هي الأساس.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط