الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف ينظر «بايدن» إلى مصر ؟


الكثيرُ من المصريين الذين راقبوا الانتخابات الأمريكية لم يُخفوا شُعورًا بالقلق من فوز المرشح الديموقراطي جو بايدن، فهم يتوقعون أن يكون نُسخة مُكررة من الرئيس باراك أوباما، الذي لاعب المنطقة العربية على مدار سنوات حكمه الثمانية بوجه متعدد الأقنعة، يبدأ خطابه صباحًا من جامعة القاهرة بـ "السلام عليكم"،  بينما تحت ستار الليل يدعم قوى التطرف وفي مقدمتهم جماعة الإخوان المسلمين.


هذه النظرة لـ "بايدن" شديدة السطحية، فالسياسة لا تعرف الوجه الواحد، أو الرأي الثابت، ولكن تحكمها المصلحة، وبايدن سياسي محنك، يُدرك جيدًا حقيقة المُتغيرات التي عصفت بالمنطقة العربية، كإعصار جائح، ترك آثاره في كل دولة وإقليم، وهو يعلم جيدًا أن على سياسته خلال ولايته القادمة، أن تكون متواكبة مع هذا التغير، فالقوات الأمريكية خرجت من العراق ولن تعود، والعداء مع إيران لايمكن أن يدوم، وابتزاز دول الخليج بالمال والنفط في سبيل حمايتهم بات سلوكأً غير مقبول، ومصر الآن لم تعد كما كانت قبل 2013، وعقارب الساعة لا تعود للوراء.


بايدن ذكي، تاريخه السياسي يشي بذلك، فالرجل الذي يتأهب لدخول البيت الأبيض بعد فوزه الفعلي بأغلبية كاسحة في الانتخابات الرئاسية لم يسقط على كرسي الحكم من السماء، بل كان وصوله إليه نهاية رحلة طويلة من الكفاح والسعي، فطريق السياسة الذي اتبعه طويل بدأ كعضو بالمجلس المحلي عام 1970 حتى عام 1972، ثم عضوًا في مجلس الشيوخ الأمريكي على مدار 36 عامًا ما بين عامي 1973 حتى 2009، ليصبح من هذا التاريخ نائبًا لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما نهاية فترته الثانية في عام 2017، كما سعى بايدن أن يكون المرشح الديموقراطي في انتخابات الرئاسة لعامي 1988 و 2008 ولكنه أخفق.


مواقف جو بايدن من مصر على المدى القريب كانت متقاربة مع شريحة كبيرة من المصريين، بعيدا عن النزعات الثورية للشباب،  فبايدن لم يكن مؤيدًا لما حدث في يناير 2011 في مصر، ضمن هوجة الربيع العربي، فبينما كان يرى ضرورة أن يكون للجماهير آلية للتعبير عن مطالبهم المشروعة، فلم يكن يحبذ اللجوء إلى العنف.


كما دافع بايدن، فى مقابلة تليفزيونية مع برنامج News HOUR يوم 27 يناير 2011، عن الرئيس الأسبق مبارك وقال حرفيًا : "مبارك كان حليفا لنا فى العديد من القضايا، وكان حليفا مسئولا.. ولن أصف مبارك بأنه ديكتاتور".


والأهم من توجهات بادين نفسه، هو حالة مصر في الوقت الراهن، والوضع الذي يجعلها تمتلك فعليًا الكثير من أوراق اللعب في مواجهة الإدارة الأمريكية الجديدة، ولعل الإدارة المصرية لم تنتظر بل سارعت ليكون الرئيس عبد الفتاح السيسي أول زعيم عربي يهنئ الرئيس جو بادين بالفوز في انتخابات الرئاسة أمس، وهو النهج الذي يعكس رغبة حقيقية من جانب مصر لمد جسور حقيقية من التواصل مع الإدارة الجديدة، فإدارة الملفات الشائكة في المنطقة العربية والشرق الأوسط تتطلب التنسيق والتشاور، لتهدئة الأوضاع وتخفيف حدة الصراعات والعمل من أجل السلام.


العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية يحكمها المصالح المشتركة، وكما أن من مصلحة مصر ايجاد مناخ ايجابي من التشاور وتبادل الرؤى والتعاون الثنائي مع أمريكا، فإن الولايات المتحدة هي الأخرى لها مصلحة رئيسية في إبقاء قنوات التواصل مع مصر مفتوحة، لتحقيق المزيد من التقارب في وجهات النظر، فإذا كانت مصر تدرك أن الولايات المتحدة قوة عظمى، فإن الأخرى تعلم جيدًا ان مصر حجر الزاوية لاستقرار المنطقة، هذا إذا كانت إدارة بايدن الجديدة تتطلع نحو الاستقرار، ولعل العام الأول من ولاية بايدن سيكون كاشفًا لرؤيته ونهج فريقه بصورة كبيرة.


أؤكد ثانية .. جُو بايدن لم يسقط في البيت الأبيض من السماء، بل كان وصوله نهاية رحلة شاقة من الكفاح، وأثق أنه يتمتع بالذكاء الكافي والرغبة في أن يغير صورة الولايات المتحدة الأمريكية التي تضررت وتشوهت كثيرًا خلال حكم الرئيس دونالد ترامب، الذي أثرت سماته الشخصية سلبًا على قراراته تجاه القضايا الداخلية والخارجية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط