الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قانون البناء وفرص العمل


تابعت بقلق شديد الأخبار المتداولة على بعض وسائل التواصل الاجتماعي حول قانون البناء الموحد الجديد, ومبعث القلق هو ما تناوله البعض من حديث عن حظر تراخيص الأنشطة التجارية فى الشوارع الضيقة, وهو شيء إن صح فإنه سوف يضيق على الناس حياتهم المعيشية فى ظل أزمة جائحة كورونا التى أثرت بالسلب على كل الأنشطة الاقتصادية فى العالم أجمع ودون استثناء.

بكل تأكيد من حق الدولة أن تنظم عمليات البناء السكنى وغير السكنى فى الدولة, فالنظام شيء جميل ويطفى قدرًا كبيرًا من التحضر والجمال على أى تجمع سكنى, ولكن ما فائدة تخطيط عمرانى جميل فى شوارع أكثر جمالًا بدون مصدر رزق لقاطنيها؟.

لأن حظر قيام نشاط تجارى فى أى شارع بسبب ضيق عرض الشارع يحرم السكان من إمكانية وجود فرص عمل لهم فيه, والكل يعلم صعوبة توفير فرصة عمل فى مصر وفى غير مصر هذه الأيام , فالكثير من المشروعات المتناهية الصغر غير الملوثة للبيئة مثل محال البقالة والسوبرماركت والمكتبات والخياطة وغيرها من الأنشطة التجارية والخدمية التى يعمل بها عامل واحد أو أكثر توفر مئات الآلاف من فرص العمل للسكان , فليس كل رب أسرة موظف لدى الحكومة أو الشركات الكبرى العامة أو الخاصة.

فالغالبية العظمى من العاملين فى مصر يعملون إما فى مشروعات متناهية الصغر ملك لهم أو ملك لمعارفهم أو أقربائهم أقاموها فى محال تجارية بسيطة فى الأدوار الأرضية فى العمارات السكنية, ومنع إقامة هذه الأنشطة التجارية والخدمية فى الشوارع الصغيرة سوف يحرم ملاك العقارات من فرصة مضمونة للدخل, ويحرم المواطنين البسطاء من فرص عمل مؤكدة لهم فى المناطق التى يعيشون فيها.

لذا أتمنى, أن يتم مراجعة أى قانون للبناء يحد من فرص إقامة المشروعات متناهية الصغر , تجارية كانت أو خدمية فى المدن والقرى , بل علينا تيسير عكس ذلك وهو تيسير تحويل الشقق السكنية فى الأدوار الأرضية فى أى عمارة إلى نشاط تجارى أو خدمى , لأن التوسع فى تحويل الدور الأرضى من سكنى إلى تجارى سيؤدى إلى مزيد من العرض وبالتالى تخفيض أسعار الإيجارات التجارية مما يشجع الناس على العمل الخاص وبالطبع زيادة دخل المالك من فرق الإيجار التجارى عن السكنى , أما أن يتم التشديد فى تحويل السكنى إلى تجارى فلن نجنى منه سوى التضييق فى فرص العمل الضيقة منذ البداية.

أعلم أن النظام فى المدن الجديدة يقسم المناطق إلى سكنية وتجارية , وهو شيء نجح نظرًا لطبيعة الحياة فى المدن الجديدة ذات التخطيط العمرانى المتكامل منذ البداية , أما المدن القديمة المكتظة بالسكان فنحن بحاجة إلى التعامل معها فى إطار نظرة اقتصادية شاملة , وليس من منظور بناء وإسكان فقط لا غير , لأنه كما سبق وأن كتبت أن مئات الآلاف من فرص العمل لسكان المدن القديمة قائمة على المشروعات التجارية والخدمية  المتناهية الصغر فى شوارعها الكبيرة والصغيرة معًا.

لذا وجب علينا مراجعة قانون البناء الموحد واللائحة التنفيذية الخاصة به من منظور اقتصادي شامل وليس من منظور تخطيط عمرانى فقط لا غير , من أجل استمرار تواجد مئات الآلاف من فرص العمل للسكان فى المدن القديمة المكتظة بالسكان والذين هم أحوج الناس الى فرص العمل هذه.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط