الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شكرًا 2020 !


يمر عام ويسلم الراية للعام التالى.. سُنة الحياة وناموس الكون.. عادة سنوية نحتفل بها وكل الصدور والقلوب ممتلئة بالأمل ومفعمة بالتفاؤل والأشواق لكل ما هو جديد ومشرق.. ننظر إلى شجرة الكريسماس الخضراء بأضوائها المبهجة، ونبتسم لرؤية وجه "بابا نويل" ذى اللحية البيضاء الكثيفة والرداء الأحمر المبهر، وأنظارنا تتعلق بحقيبة هداياه المنعشة.. حالة كلها فرحة وبهاء ونشوة.. حتى آخر يوم من عمر "٢٠٢٠".. 

هنا الحالة تتبدل، والإحساس يختلف، والمشاعر تتغير وتحتار عند استقبال الضيف الجديد "٢٠٢١" ما بين الحفاوة والترحيب وبين  الترقب والحذر .. وفى شهور وليالى ٢٠٢٠ الإجابة الشافية عن هذه الحالة عندما عشنا داخل منازلنا ووراء جدران مدارسنا وأماكن العمل وفى الأزقة الضيقة والشوارع الفسيحة بصحبة "كائن ضئيل" زرع الخوف فى النفوس قبل أن يهاجم الأجساد ويحصد الأرواح!.

وخلافا لأغلب البشر من شعوب العالم .. وقد يكون العبد لله الوحيد الذى يحمل هذه المبادرة ويتبناها وعلى استعداد لقبول من يرغب فى الانضمام .. فأنا أتقدم بيدى البسيطة لأصافح "أجندة ٢٠٢٠" بكل صفحاتها وأيامها العصيبة عرفانًا وتقديرًا لإسهاماتها وبصماتها المؤلمة التى فتحت جراحًا وأيقظت عقولا نائمة وأزعجت نفوسا خاوية  وضمائر ضريرة بأشد وأقسى "جرس إنذار" .. وظهر مفتاح الشفرة "كورونا" ليرفع الغطاء عن جوانب قصور سياسى، ومواطن خلل اجتماعى، وثقوب مخزية فى ثوب اقتصاد العالم، وثغرات مخجلة داخل مؤسسات العلم والأبحاث وصناعة الدواء .. أشياء كثيرة ومثيرة كشفتها الجائحة العاصفة ووضعت الكبار والصغار أمام أهم وأعظم "امتحان" مكتوبة أسئلته ومعروفة إجاباته بتدبير وإحكام إلهى يبرهن على عظمة الرب وفحوى رسالته لمن نسى .. وغفل .. وصار عبدا ذليلا لرغبات الدنيا وشهواتها وأطماعها!.

علينا فعلاً أن نحيى "ظرف كورونا" لأنه جدد الثقة فى جنود الجيش الأبيض و "ملائكة الرحمة" بأجنحتها الدافئة التى احتضنت المرضى وسهرت على راحتهم والعناية بهم لتجاوز المحنة وعبور الأزمة وتقليص مساحة الإصابات ورقعة الوفيات .. ولنعترف بأن الفيروس نبهنا بعنف إلى أهمية العلم و"ميكروسكوب" المعامل وتغليب التفوق والابتكار على أى مصلحة أو حسابات سياسية أخرى .. وحذرنا من مصير أمة تفرط فى عقول أبنائها وتقبل البقاء دائما فى ذيل القائمة وتحت أقدام ورحمة وفضلات "الشاطئ الآخر"!.

أزال الوباء الغشاوة على عيوننا لنواجه الخيبة والفشل فى مرآة حياتنا، ونحن نرتضى لأجيالنا منظومة تعليم ممزقة ومنعزلة عن التطور وأدوات العصر، لنضطر لهذا التطوير فقط لتعويض خسائر العزل المنزلى، بينما العالم "الحر" ينعم منذ عقود بالوسائل الإلكترونية وتحصيل المعلومة عن بعد وتسليح المُعلِّم والطالب والأسرة بالتكنولوجيا الحديثة والقدرة على مواكبة فضاء المعرفة .. وكانت تجربة الدراسة فى ٢٠٢٠ فرصة لتصويب المسار وتعديل الاتجاه والدفة نحو أساليب تعليمية وتربوية أكثر مرونة وذكاء واتساقا مع روح العلم ومتطلبات المرحلة .. وآن الآوان أن يتعانق "الإنترنت" و المنهج المدرسى ليستفيد النشء من هذه العلاقة وتلك مهمة وزارة التربية والتعليم بكتبها مع أجهزة الاتصالات بشبكاتها، لننتصر - عمليا - على أى فيروس أو وباء أو طاعون!.

قبل ٢٠٢٠ .. فقدنا رشدنا .. واختلت أفعالنا وتشوهت تصرفاتنا .. لم نعد كما خلقنا المولى رائحتنا عطرة وأفواهنا طاهرة وأجسامنا نظيفة وناصعة .. وجاء أصغر شئ ليجبرنا على التطهر وتنقية النفس قبل الجسد .. فرض علينا غسيل الوجه واليدين والقدمين  لكيلا نصاب بالمرض وتجنبا لانتقال العدوى .. أمرنا بالتباعد الاجتماعى الصحى والتزام النظام واحترام كل مكان واتباع التعليمات والقواعد .. فقط لمقاومة الخطر وقطع الطريق على انتشار الفيروس .. لا يا سادة .. إنها الوقاية أولا وأخيرا .. ولا سبيل للقضاء على أى ميكروب إلا بالسلوك المستقيم وثقافة "النظافة الشخصية" واتخاذ صفات التنظيم والإدارة الواعية والنزعة المتحضرة "أسلوب حياة" .. وعلى سبورة "٢٠٢٠" كتبت كورونا "الدرس القديم" لتنعش به الذاكرة وتُنشط خلايا المخ وأعصاب الروح، ونحن فى كل يوم نقرأ الدرس بكل الإرشادات والتوجيهات .. ولكن هل نفهمه ونحفظه .. ونطبقه؟!

اقتحم الفيروس ساحتنا الرياضية بإهمال لاعبيها واستهتار مدربيها وأنديتها.. وهزم مهرجاناتنا الفنية وكرنفالات "السجاة الحمراء" مع استهانة نجوم الشهرة والمال والإعلام بالوضع وسيادة منطق المنفعة المتعة المؤقتة .. واخترق أسوار الشخصيات السياسية والقيادية والقصور الملكية والرئاسية التى ضربها الغرور والصلف ومكياج "السلطة" الزائف، ليتعجب الإنسان البسيط المتواضع الذى نجا وحده من هذه المصيدة بعقله وقلبه .. وضميره!.

- فى ختام اللقاء .. تنتهى المصافحة مع "٢٠٢٠" بالرغبة فى قبول اعتذارنا، والوعد الصادق بأن نعيش ونسير فى ٢٠٢١ بمنطق آخر .. وفكر جديد .. ووعى سديد وبصير .. ولاتزال رياح "كورونا" فى الهواء، ووجب علينا الشكر لـ "عام" يمضى .. والحذر والتغيير مع "عام" يجئ ويتوقع من العالم ما هو أفضل وأرقى وأطهر بعد أكبر درس وأعظم رسالة فى التاريخ!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط