الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

طلاب «النخبة»!


انظروا إليهم جيدا.. وتأملوا ماذا فعلوا.. وكيف وصلوا.. ولماذا فازوا واحترام العالم نالوا.. مجموعة منتقاة من طلبة جامعة الأزهر بأسيوط التفوا حول حلم الإنجاز وهدف الإنتاج والابتكار، وكونوا معا كتيبة من مختلف التخصصات للمشاركة بمشروعهم القومى فى مسابقة "ريادة الأعمال" التى تنظمها سنويا منظمة "إيناتكس" العالمية غير الربحية لاحتضان أفكار ونماذج الشباب لتنمية المجتمعات وعلاج أزماتها ومشكلاتها.


ووصل فريق أسيوط الأزهرى بما يمتلكه من خليط مذهل بين ضوء العلم وجوهر الدين إلى الدور النهائى للمسابقة لينافس فرقا من ٣٢ دولة من مختلف قارات العالم، أبرزها كندا وأمريكا وألمانيا والهند والصين وكوريا والبرازيل، وتفوق أبناء الصعيد النابغون على كل الجنسيات ليحصلوا على المركز الأول بفكرة القضاء على معاناة  أكثر من ٥٠٠ أسرة من صيادى بحيرة قارون بقرية شكشوك، بعد أن حولوا نفايات قشر الجمبرى القابعة فى قاع البحيرة بأيدى الإهمال والجهل إلى منتجات ذات قيمة اقتصادية فى صورة توابل وسماد زراعى طبيعى، وأيضا فلاتر للشرب، ولم يكتفوا بذلك، بل أسس أعضاء الفريق آليات لاستزراع الجمبرى من خلال عمل أكثر من مزرعة للصيادين للمحافظة على السلالة.


أرأيتم؟! كوكبة من عقول مصرية "نظيفة وواعية" وهبت نفسها للعلم وثقافة الاختراع وسخَّرت جهودها وطاقاتها الكامنة لخدمة وطنها وتخفيف الأعباء عن أهل بلدها.. "ثُلَّة" من خيرة شبابنا الجامعى لم ترتضِ الالتزام بمقعد الطالب لتلقى وتحصيل الدروس والمحاضرات فى صمت وأداء روتينى مقابل الدرجات العلمية وشهادة النجاح التقليدية، وإنما اتجه العقل المصرى نحو المعمل لاكتشاف ما هو جديد.


وجلس فريق العمل لتبادل الأفكار والمعلومات لصناعة "مادة" مشروعاتهم وأحلامهم، ومن هذه المادة يستفيد المجتمع من مكوناتها، ويستقر كل طالب على مشروعه الخاص "الريادى" والذى يُمكِّنه من بناء مستقبله وترسيخ أقدامه فى مهنته.


من إيجابيات المشهد أن تحظى تجارب طلاب "أزهر أسيوط" برعاية وتمويل مؤسسات لرجال أعمال وبنوك حكومية لتتوفر لها التربة الملائمة والمناخ الصحى، ويصبح بمقدور أولادنا أن ينطلقوا بأفكارهم ورؤيتهم نحو آفاق أرحب ويقفزوا إلى العالمية ثم يتربعوا على العرش، وينالوا الجائزة الكبرى، وعندما يعود سفراؤنا إلى منازلهم يتبخر الإنجاز عند حدود التكريم الرسمى والإشادة من كبار المسئولين وأهل السلطة السياسية!


ولكيلا نُصدِّر لأنفسنا طاقة سلبية أو نُثبِّط من عزيمة وحماس أبنائنا ومن يفكر فى السير على دربهم، وجب الإنذار إلى ما يحتاجونه هؤلاء الشباب الموهوب.. المخلص.. المنتمى - قولا وفعلا وسلوكا - للبيئة المصرية.. وأبسط ما يمكن تقديمه لمن يرفع رؤوسنا ورايتنا فى ميادين العلم والثقافة والإبداع، هو مبادرة الدولة بفتح أبوابها وأذرعها لرعاية هذه العقول الفذة.


وأعظم هدية تُمنح لـ "أبناء الوجه القبلى" هى تبنى مشروعاتهم والتواصل مع القطاع الخاص وشركات الأثرياء لتمويل تلك الأفكار وتسويقها فى إطار بروتوكول تعاون بين الطرفين يضمن تنفيذ المشروعات فى كيانات واضحة ومحددة الأهداف تخدم المجتمع وتساهم فى مشوار التنمية والرخاء، وبما يحقق أيضا المكسب المادى والفائدة التجارية لكلا الشريكين.. الدولة ورجل الأعمال.. وما ينتظره "التلميذ الشاطر" بعد التصفيق والحفاوة أن يعمل بشهادته ويتطور بوسامه، ولا يكون مصيرهما مجرد "برواز" على الحائط!


نريد استمرار تجربة "إيناتكس" دون انقطاع، ونتشوق دائما لأفكار ونماذج "ريادة الأعمال" لخلق قناة موازية للدولة والقطاع الخاص روافدها من شباب مصر لتوظيف قدراتهم وأدواتهم ومواهبهم فى رحلة الإصلاح والتعمير، ولن يقتدى الآخرون بنفس الطريق إلا عند مشاهدة اقتراحات زملائهم مُجسَّدة على أرض الواقع وداخل خريطة "المشروعات القومية"، إذ إنها لا تقل أهمية وقيمة وكفاءة فى تغيير الكثير من أحوالنا البائسة وإيجاد حلول سحرية لأوضاعنا الفقيرة!


- صدق الدكتور صبرى الشبراوى المثقف البارز وأستاذ التنمية البشرية بالجامعة الأمريكية حينما عرَّف "النخبة الحقيقية" بأنهم من يعبرون من المحلية إلى العالمية، وينقلون المجتمع إلى هذه العالمية فى كل شيء، ولا أتصور من هو أفضل وأجدر من طلاب "أزهر أسيوط" للفوز بهذا اللقب، لأنهم ببساطة رواد "مشروعات وأفعال"، ولا يعرفون التنظير واستعراض العبارات والمعلومات!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط