الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«مصر بلا غارمات».. والقوس مازال مفتوحا!


كلنا نعيش حالة الاختناق المادى .. من أصغرنا لأكبرنا يعانى من ضغوط ضعف الدخل وقلة الموارد أمام مطالب الحياة اليومية وضروراتها .. وتتكاثر النماذج الإنسانية القاسية التى تلهث وراء لقمة العيش وحفنة جنيهات من أجل سد أفواه الأبناء وتوفير الحد الأدنى من المعيشة الكريمة .. ويضطر عائل الأسرة إلى الاستدانة وكتابة “الشيك بدون رصيد” أملا فى السداد يوما ما وكحل مؤقت للوفاء بالتزاماته وواجباته العائلية .. وعندما يتبدد الأمل فى النجاة من السجن، تتضاعف أعداد الغارمين والغارمات خلف القضبان تاركين الأهل فى مواجهة مصير مجهول ونفق مظلم!.


ولأننا جميعا عُرضة لهذه المحنة، تحمسنا بمختلف شرائحنا الاجتماعية والثقافية لمبادرة “مصر بلا غارمات” التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ ٦ سنوات، وعندما أعطى الضوء الأخضر لصندوق “تحيا مصر” للتدخل وسداد فاتورة كل غارم وغارمة ليعود السجناء إلى أحضان ذويهم .. وبالفعل أنقذت المبادرة حتى الآن ٢١ ألف أسرة من التشرد والضياع .. وخرج الآلاف من “ضحايا الحاجة” إلى أبنائهم بمخزون وفير من المشاعر المركبة .. حنين وقلق .. فرحة وإحباط .. نشوة وخجل .. حزن ممتزج بالسخط والغضب .. لأنهم ببساطة يجهلون الوسيلة لتجنب الرجوع إلى الزنزانة مرة أخرى، وينطلقون من نقطة الصفر ولكن على أرض رخوة تفتقد إلى الصلابة والأساس المتين لإقامة حياة سليمة وعزيزة.


لقد قطعت المبادرة الرئاسية النبيلة نصف الطريق، وعالجت العرض وليس المرض .. فقد ساهمت فى حل الجزء الأكبر من المشكلة بتخليص الغارمين من عبء الديون وطى هذه الصفحة السوداء لبداية جديدة .. ولكن هذه البداية الصحيحة تقتضى من الدولة اجتثاث جذور الأزمة ذاتها، بإيجاد فرص عمل ومصادر دخل مناسبة ومريحة نسبيا لهؤلاء الغارمين عقب أداء عقوبتهم .. فضلا عن التفكير جديا من أهل الاختصاص والفقه وأساتذة القانون فى تشريعات أكثر مرونة يبحثها ويقرها البرلمان فى أسرع وقت لإصلاح الكثير من المفاهيم الخاطئة والتقاليد الموروثة البالية فيما يتعلق بأمور الزواج وتكوين الأسر وتكاليف المهر والشبكة ومؤخر الصداق بما يُرهق ظهر البسطاء ويدفعهم إلى الاقتراض بلا ضمان أو غطاء .. ولنا فى الأوساط الريفية والمنطق القروى قصص وحواديت أفرزت ظاهرة “الغارمين والغارمات” وأنتجت انحرافا أخلاقيا لايدفع ثمنه إلا الأبرياء من أطفالنا وشبابنا فى مقتبل حياتهم وعيونهم تتفتح على المشاكل والمتاعب!.


“مصر بلا غارمات” .. قصة جميلة بدأت مؤسسة الرئاسة فى كتابتها ونسج خيوط شخصياتها وأحداثها .. وفجَّرت القضية ونجحت فى تفكيك حبكتها .. وتظل نهاية القصة مفتوحة دون أقواس .. ولكى تكتمل فلسفة المبادرة يتعين النظر سريعا إلى أوضاع الغارم أو الغارمة المادية والإنسانية، ووصف “روشتة” لدواء ناجع ضد أسباب الفقر والبطالة وغياب العدالة الاجتماعية .. وإلا سنعاود كتابة القصة مجددا بأبطال آخرين من “آباء وأمهات مصر”!.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط