الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

موت .. وفضيحة!

داخل سيارة بزجاجها الأسود المعتم .. أنا وأنت .. وقبلات حارة وعناق ساخن بوقود الشهوة والرغبة .. وسيجارة مخدرات تملأ الهواء بثانى أكسيد الكربون .. ثم رحيل مخجل لجثتين تتعفنان بطول مدة البقاء داخل “عربة الموت”، ورائحة “العار” لا تفارقهما حتى القبر، وتطارد سمعة عائلتيهما إلى الأبد!.
باختصار هذه هى جريمة  “عشيقى الهرم” من جيل لم يفهم بعد قيمة كلمة الحب ومدلولها الذهبى .. جيل لم يتعلم كيف يمارس العلاقة العاطفية على نحو أكثر سواء ورقيا فى التعبير .. جيل غابت عنه القدوة واختفى صوت العقل من حوله ليرشده إلى الصواب وحسن التصرف .. جيل ارتمى فى أحضان الإنترنت ورضخ لفراغ هذا الكائن الافتراضى بتفاهاته ونفاياته الأخلاقية وثقافته الاستهلاكية .. جيل ضاع بين فقدان الهدف وضعف الموهبة وتجنب أشكال التنفيس عن الطاقة بصورة إيجابية وبما يبنى الشخصية وينمى مداركها ويحفظ شرايينها من التصلب أو الشيخوخة .. هذا الجيل مسئولية الأسرة قبل أى أحد .. حكمة الأب ورقابة الأم .. وبدونهما تجد ابنك أو ابنتك يوما ما داخل السيارة بعيدا عن الأعين ويهربان من تراكم كل ماسبق حصره فى قبلة خاطفة ممتزجة بدخان “التخدير والتغييب” .. وبصراحة عند قراءة تفاصيل الحادثة لاتتجه العين إلى الضحيتين بقدر ما تنظر بعين التوبيخ واللوم للأهالى الذين يغضون أبصارهم عن سلوك الأبناء ويهملون متابعة جدولهم اليومى وأسرار علاقاتهم الخارجية إلى أن تصل إلى هذه المأساة المفجعة .. ولم يعد مبررا على الإطلاق أن يتقاعس الأب عن مصاحبة ابنه ومشاركته أحلامه وطموحاته، وتغفل الأم عن مرافقة ابنتها وتفرط فى دورها كـ “صديقة مخلصة” تحت وطأة ظروف الحياة الصعبة والدوران فى دوامة “لقمة العيش” وتوفير متطلبات الحياة الكريمة  .. فكلنا مختنقون باختلاف درجات المعاناة .. وكلنا نعيش حالة مادية واجتماعية تفوق الاحتمال وتستدعى الصبر والجلد لحين الفرج .. ولا مخرج لنا سوى تربية أولادنا على القيم والأخلاق والفضيلة والاستثمار فى قدراتهم وملكاتهم بما يمنعهم عن طريق الرذيلة ودروبها الحائرة!.
كنا شبابا ومراهقين وتغمرنا مشاعر الرومانسية ولمسة اليد الرقيقة ووردة ”الارتباط الشريف” .. وكنا نختلس لحظات الصدق داخل السينما وكل طرف يثق فى إخلاص وجدية وضمير الطرف الآخر .. وكثيرا ما انتهت علاقات بالزواج والشكل الرسمى تحت مظلة العائلة لأنها تشبعت بالمسئولية والمصارحة والتحكم فى القلب عن طريق العقل، ولم يكن هذا ممكنا إلا مع وجود أسرة أصيلة تربى وتراقب وتستوعب مراحل نمو وارتقاء أولادها وتغرس بداخلهم فن الجمع بين الأصول و”حرية التجربة”!.
ولخص زميلى الصحفى المحترم حمدى زمزم بمنطق الأب حادثة “عشيقى الهرم” فى كلمتين : “موت .. وفضيحة” .. فصفقت له فى الحال لأننى لم أجد أفضل منهما تجسيدا لعمق هذا الإثم .. إثم الآباء والأمهات فى حق أبنائهم قبل إثم الأبناء فى حق أنفسهم .. والمسألة تقتضى حوارا مجتمعيا وتربويا على أعلى المستويات ومساحة إعلامية وفيرة لتقرير مصير ملايين البيوت المصرية، ولحماية أجيال فى المستقبل من المجهول .. ولكيلا نُفاجَأ جميعا أننا داخل سيارة “الموت والفضيحة”.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط