الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«دم» سمير غانم!

 

كنت دائما أضحك من قلبى عند مشاهدة سمير غانم فى أى مشهد سينمائى أو منظر مسرحى أو لقطة تليفزيونية .. كتلة من الحيوية وسرعة البديهة والقدرة الفائقة على الارتجال .. والمادة الخام لأعماله مصنوعة من “الدم الخفيف” .. ومع كل “إيفيه” يطلقه لسانه، وإيماءة تصدر عن أجزاء جسده، تستمتع كمشاهد وناقد وفنان بهذه اللحظة التى صارت “تميمة” تداولها مواقع التواصل الاجتماعى عند التعليق أو السخرية اللذيذة من موقف ما أو ظاهرة ملفتة أو أزمة سياسية تستحق التنويه والإسقاط!.
وشاركت زوجته ورفيقة مشواره دلال عبد العزيز “المهرج الكبير” فى فصيلة الدم النادرة، وشربت من نهر “الكوميديا الفارص”، ولكنها بذكاء واحترام لمكانة وتاريخ “فطوطة” تمردت على دور “الظل”، وتفوقت باقتدار فى تجسيد شخصيات مركبة على الشاشة وحجزت لموهبتها المتوهجة مقعدا وثيرا على خريطة نجوم الدراما .. وبتراكم خبراتها وتجاربها تركت بصمة مختلفة ومتفردة عن علامات “أبو سمرة” السكرة .. وهل تتوقف حالة “توأم الضحك” عند هذا المجرى؟!.
قطعا ما حدث يضع هذه الأسرة فى التصنيف الأول لعملاء بنك “الموهبة الشاملة”، حينما ورثت هذه الجينات ابنتاهما دنيا وإيمى .. فرضعت الأولى من أمها لبن “الأداء المتنوع”، وشربت الثانية من نبع أبيها ماء التلقائية والعفوية .. وعلى صدر الأعضاء الأربعة سطع وسام “سمير غانم”، وانتشرت ماركته المسجلة بتطورات حالتها عبر السنين والأجيال، ولم يعد من السهولة التفريط فى وجودها على أفيش أى عمل فنى أو التضحية بها إذا ما أردنا الحصول على جرعة ضحك صافية عذبة تملأ الحياة بهجة ونشوة وطاقة إيجابية!.
ويبدو أن القدر قد رسم لهذه الأسرة “الحالة” مصيرا فريدا عند الرحيل ليفارق شريكا الفن والحياة جمهورهما فى نفس التوقيت تقريبا وبنفس الفيروس الضئيل .. ومن وحى هذا الكم الغزير من المشاعر الدافئة التى تحيط بالزوجين وتحتضن ابنتيهما البارعتين، توقعت إطلاق اسم “سمير غانم” على المسرح الذى أبدع على خشبته وفجَّر الآهات من الصدور والحناجر بلزماته واستعراضاته الرشيقة وحقيبة “إكسسوارته” المبهرة .. أو تخصيص قاعة له داخل المعهد العالى للفنون المسرحية تكون مهمتها تدريس مادة الكوميديا واكتشاف مواهب جديدة تتقن هذا اللون المنعش على أن تكون أهم صفة وشرط في اختيار الوجوه الصاعدة هو “الدم الخفيف”!.
- إن تخليد ذكرى سمير غانم تكون بإنجاب تلاميذ يتعلمون أسس وتفاصيل مدرسته ليتجدد “العطاء الكوميدى”، وتتضاعف البراعم المبشرة فى هذا الاتجاه .. وبذلك يظل الاسم محفورا فى الأذهان والسيرة الذاتية مطبوعة فى الوجدان وعلى جدران الإبداع .. وهذا استثمار أفضل وأبقى وأكثر عملية لـ “دم” سمير غانم.. أما إطلاق الاسم على الكبارى أو الشوارع أو تشييد تمثال مجسم للشخص الراحل، فهو تقليد له نجوم من سلالة أخرى وعمالقته البارزون أيضا!.
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط