الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«اليوتيوبر» المحترم .. و«البلوجر» المفيد!

كثيرا ما نعترض على قرارات حكومية ونتوجه بالنقد والنُصح لتصحيح المسار أو تصويب “الفرمانات المتسرعة”، وقد تستجيب السلطة وتتراجع عن القرار أو تتشبث به ولانملك هنا سوى الاحترام والاكتفاء بالاحتجاج الإيجابى بالورقة والقلم .. والأمانة تقتضى أيضا أن ننحنى تقديرا ونرفع القبعة عند صدور قرار من شأنه أن يحمى الحقوق ويحفظ كرامة المواطن ونشيد بأداء الحكومة ونساند موقفها .. وقانون فرض ضرائب إلزامية على فئة “اليوتيوبرز” و”البلوجرز” يستدعى ذلك، لأنه ينبع من الشعور بالمسئولية تجاه كل من يبذل جهدا ويدفع عرقا فى مهنته أيا كانت، ويتقاضى أجرا متواضعا، ثم تحصل منه الدولة على ضرائبها، ويمتثل المواطن البسيط إخلاصا لوطنه ودوره فى بناء دولته!.
لقد أدركت الدولة ورأت بالدليل والبرهان أن مواقع التواصل الاجتماعى صارت فضاءً مفتوحا لآلاف الرواد من محترفى الشاشة الصغيرة بهواتفهم المحمولة أو كاميرات الديجيتال ليستغلوها فى نشر فيديوهات ولقطات مسجلة تبث أفكارا وسلوكيات مستهلكة، وتعتمد فى ترويجها على سخافات أو إيحاءات تتنافى أحيانا مع الآداب العامة والقيم الاجتماعية والأخلاقية .. والعاطل الآن يبحث عن شاشة فارغة يصب فيها ما يشاء ويخاطب الملايين ويشحن عقولهم بتوافه الأشياء، وعيناه دائما على “سلة المشاهدات” ليجنى الثمرة الفاسدة ويقبض من دولارات “اليوتيوب” مبالغ طائلة نظير تفرغه للحديث والسخرية دون عمل .. دون إنتاج .. دون فائدة له ولمن حوله!.
وانتبهت الحكومة أخيرا لظاهرة مرضية تنهش العقل السليم وتُجرِّد المجتمع من طاقاته البشرية الفاعلة .. ففرضت الضرائب على كل “يوتيوبر” و”بلوجر” .. وبالفعل يمكن للدولة أن تحصل على ضرائبها ونصيبها من “مغارة” المشاهدات اليومية، ولكن ستظل هذه الكائنات تعبث بالمنصات الإلكترونية وتنتهك براءة الصغار وخيال المراهقين، وتستفز مواهب ومشاعر الراشدين الذين لا ينعمون بهذا الترف بكل ما يتمتعون به من إمكانيات وملكات ووعى ثقافى وإنسانى .. ومهما بلغت الضريبة المدفوعة فالأرقام التى يحصل عليها “قراصنة الإنترنت” فلكية وتطغى على أى محاولة رسمية لتحجيمها أو محاصرتها .. وأتصور أن القضية تتطلب شقين، الأول أن مصلحة الضرائب أو وزارة المالية توجه جزءا وفيرا من أموال هذه الفيديوهات لإنشاء منصات مضادة تستوعب برامج وإبداعات فنية وإعلامية وتحتضن مشروعات جادة لشباب يقدس العمل ويصنع المستقبل .. وما المانع أن تستهدف المنصة نشر صناعات يدوية جديدة وأفكارا حرفية وأنشطة لسيدات وربات بيوت تخدم الأسر والفقراء، وتفتح أبواب الرزق تحت مظلة الدولة وحصانة حكومية رسمية؟!
أما الشق الثانى فيتمثل فى أهمية محاربة “سموم” اليوتويوب بفرض رقابة صارمة وقاسية على المواد المسجلة ومنع أية فيديوهات مسيئة أو خادشة للحياء أو تلك التى تهدم المضمون وترسخ للتسطيح وطمس الشخصية .. بل والأحرى أن يمتد الإجراء إلى تغليظ العقوبات المادية والقانونية على أى “يوتيوبر” أو “بلوجر” يتجاوز حدود الحرية المسئولة، إلى حد التهديد بحذف صفحته أو إغلاق قناته .. وهؤلاء المذنبون هم الأولى بالعقاب والتنكيل مقارنة بمن يُسخِّرون حساباتهم الخاصة لحرية الرأى والتعبير والمشاركة البناءة والمخلصة فى كشف الأخطاء ومظاهر الفساد!.
- النجاح فى ترويض الوحش الكاسر لايتحقق بحرمانه من أجزاء الفريسة، وإنما بإصابة أنيابه وتقليم مخالبه .. ومنح الفرصة للكائنات الأليفة والفصائل الوديعة لكى تنمو وترتقى وتقوى أذرعها وأقدامها .. و”الضريبة الإلكترونية” مجرد مفتاح فى سلسلة مفاتيح لخزائن “اليوتيوبر” المحترم .. و”البلوجر” المفيد!.   
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط