الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جيمس بوند وصناعة البطل القومي

في مشهد يُرضي الكبرياء الإنجليزي يقف القائد و يتحدث مع البطل القومي الخارق "جيمس بوند" الذي يبعد عنه آلاف الأميال حيث يقوم بمهمته، فيقول له " هناك أزمة دبلوماسية ممكن أن تحدث، الصين و الولايات المتحدة و دول أخرى  يطلبون تفسير حول العملية التي نقوم بها و لكن يرفض بوند الرد على تلك الدول العظمى و يطلب مهلة بسيطة لإنهاء مهمته "
إظهار القوة العسكرية و المخابراتية الإنجليزية بشكل خارق هو هدف رئيسي لسلسلة "جيمس بوند" عموما منذ ظهرت في ستينيات القرن الماضي، في الجزء الأخير "لا وقت للموت " يقوم البطل بمهمة خارج الحدود و بالقرب من حدود دول أخرى بمعاونة سلاح الجو الملكي الإنجليزي و باستخدام أسلحة عسكرية متطورة جدا و المهمة في جزيرة تقع في نطاق السيطرة الصينية في مياه المحيط ! بالطبع تلك النوعية من الأفلام تداعب المشاعر الوطنية للجمهور للفخر بالقوة العسكرية لوطنهم و لذلك كانت الإيرادات القياسية للفيلم حيث حقق اكبر إيراد يومي داخل إنجلترا منذ بدأت سلسلة جيمس بوند عام 1962! و حتى هنا كانت مفاجأة لي أنني عندما ذهبت لدار العرض وجدت الحفلات sold out ! ولفت نظري عكس ما توقعت أن الجمهور داخل صالة العرض من مختلف الأعمار!
رغم انه ليس الجزء الأفضل فنيا و يعيبه تجاوز مدة العرض لساعتين ونصف، و رغم كثرة المعارك و المغامرات إلّا إنك لا تستطيع أن تتجاوز "بعض الملل" الذي يصيبك و كان لا بد من إختصار زمن الفيلم، و حتى المقدمة أيضا كانت طويلة.
بالطبع الدعاية التي سبقت الفيلم و حتى إقامة العرض الخاص وسط أجواء احتفالية كبرى في العاصمة لندن و بحضور أفراد من العائلة المالكة على رأسهم الأميران تشارلز وويليام، يعكس الاهتمام الكبير بالفيلم و بهذه النوعية من الأفلام مثلما تقدم هوليوود كل عام سلسلة من الأفلام الحربية تبرز قوة و بطولات الجيش الأمريكي وجنوده.
بداية الفيلم مثيرة و رائعة وبها الكثير من الغموض  والتشويق  ولكن بدون ظهور بوند! و كعادته يكون جيمس بوند في إجازة مع عشيقة جميلة في إيطاليا يستمتع بوقته في هدوء ورومانسية حتى يتم استدعاءه بعد مغامرة مفاجئة، تبدو تيمة ثابتة "بالمناسبة فيلم العارف أخذ نفس التيمه"!  و يبدأ شد و جذب بين بوند و رئيسه في العمل و التلويح بعميله جديدة تحمل نفس رقمه السري 007 و نشاهد بعض المناوشات اللطيفة بينهم، حتى يعود بوند لعمله و يبدأ مهمته الأخيرة، والتي يواجه فيها أحد أشرار العالم الذي يخترع سلاح بيولوجي "فيرس" يهدد الكرة الأرضية! تخلل الأحداث عدد كبير من مشاهد الأكشن و كانت قوية وبصورة مبهرة و مصممة بإتقان بالطبع لأنها روح هذا الفيلم، هذا كان تعويضا جيدا عن لحظات الملل، وجاءت النهاية رائعة ومؤثرة جدا وبها مشاعر إنسانية كبيرة خاصة من البطلة "ليا سيدو"،  والتي قدمت أداء ممتاز وخاصة في الجزء الأخير ، اختار صناع الفيلم نهاية بها الكثير من إنكار الذات حيث يختار بوند التضحية من أجل إنقاذ حبيبته و ابنته التي لم يكن يعرفها! و إنقاذ العالم أيضا من هجوم بيولوجي مدمر، وداع يليق بدنيال كريج في آخر ظهور له مع شخصية جيمس بوند.
رامي مالك في دور الشرير مقنع جدا وأداء متميز بنبرة صوت و نظرات معبرة وساعده المكياج "المقزز" للوجه.
انا دي ارماس رغم صغر حجم دورها إلّا أن روحها المرحة سيطرت على مشاهدها المليئة بالأكشن، هي نجمة كبيرة قادمة في هوليوود.
البطل دانييل كريج والذي قدم 5 أجزاء من "جيمس بوند" مع نهاية التصوير ودع طاقم الفيلم "باكيا" بعد 15 عاما لعب خلالها الشخصية الشهيرة حيث قدم خمسة أجزاء حققت نجاحا مذهلا حول العالم، الكثيرين اندهشوا من مشاهدة البطل الخارق صاحب الملامح الجادة "دانيل كريج" يبكي ، و هو ما رد عليه قائلا أنا في الحقيقة شخص عاطفي جدا.
فنيا هو في موقف صعب الآن  بعد وداعه للشخصية الشهيرة وكيف سيجد عمل يوازي هذا النجاح حتى مع محاولة الدعاية لفيلمه الجديد knives out 2 و محاولة التلميح لإنتاج أجزاء أخرى و لكن قطعا هو يعلم أنه لن يقترب من بعيد أو قريب من نجاح جيمس بوند.
مهمة اختيار بطل جديد يستطيع جذب المشاهدين ليست سهلة على الإطلاق و ننتظر حتى نرى جيمس بوند الجديد.
ستخرج من قاعة العرض متذكر جيدا أغنية التتر المميزة لبيلي آيليش و الموسيقى التصويرية الرائعة والمثيرة للمشاعر للموسيقار هانز زايمر "صاحب أكبر ترشيحات لجوائز الأوسكار "، هو فيلم ممكن أن تشاهده مرة أخرى ولكن عندما تتذكر مدته التي تقترب من 3 ساعات ستعيد التفكير.
قبل أن أنتهي و بمناسبة الأفلام التي تداعب الشعور الوطني، في ذكرى حرب أكتوبر المجيدة لاحظت عدم اهتمام كبير كما ينبغي من النجوم بالاحتفاء بتلك المناسبة الوطنية بتغريده أو صورة مثلما يفعلون على مدار اليوم !! 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط