الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الغرب الجماعي ووحل أوكرانيا

إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

جاءت التصريحات الأخيرة للرئيس الروسي، بوتين، مع دخول العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا الشهر الخامس، "بأن روسيا لم تبدأ حتى الآن أيا من مهامها الجدية في أوكرانيا". مضيفا:. "يجب أن يعلم الجميع أننا، بشكل عام، لم نبدأ أي شيء جدي بالفعل". ليثير الكثير من التساؤلات، حول حسبة الرئيس بوتين في أوكرانيا وواقع المكسب والخسارة في هذه الحرب العالمية.


وبداية، فالحرب الروسية- الأوكرانية، ليست أبدًا حربا بين طرفين، حتى الآن وإن كان هذا هو المظهر الخارجي لها، ولكنها حربا بالوكالة بين المعسكرين الشرقي والغربي، واستدعاء متأخر بعد ثلاثين سنة لأجواء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.


فأوكرانيا لا تحارب لحالها، وليست موجودة بمفردها في ميدان المعركة ولكن وراءها الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، والتي قدمت حتى الآن ما يصل إلى 7.6 مليار دولار كمساعدات عسكرية لأوكرانيا، وفق تأكيدات "البنتاجون"، علاوة على مساعدات بريطانية سخية طوال فترة بوريس جونسون المستمرة حتى اللحظة.


وعلى صعيد الحرب الميدانية، فالولايات المتحدة تقوم بتدريب الجنود الأوكرانيين على استخدام أنظمة صواريخ وأسلحة حديثة وهذا معلن. فالحرب ليست روسية أوكرانية، ولكنها حربًا بالوكالة بين أطراف محددة. كما أن روسيا حتى اللحظة لا تقف وحدها، فقد أعلنت كل من إيران وسوريا تأييدهما التام لها، كما أن هناك تعاطفا صينيا -هنديا مع الروس، وتحركات من جانب موسكو لضم التنين الأصفر إلى معسكره واستغلال الخلافات الصينية- الأمريكية الكبيرة في الوقت الحالي.


ووفق مختلف التحليلات العالمية، فإن الحرب بالوكالة هى الخطوة الأولى والأخيرة، نحو الحرب العالمية الثالثة، وهذا لم يعد تخمينا سياسيا أو مجرد إرهاصات ولكنها حقيقية تتأرجح في ميدان المعركة الأوكرانية وتنتنظر فقط لحظة تهور أو تخطٍ لخطوط حمراء من أحد الطرفين، وهو ما لم يعد بعيدًا على أي حال من الأحوال.
وقبل نحو أسبوعين، حذرت روسيا ليتوانيا من تبعات "خطيرة" بسبب القيود التي فرضتها على نقل بضائع بالسكك الحديدية إلى جيب "كالينينغراد" الروسي.


وقد يكون جيب "كالينينغراد"، الذي ليس له حدود برية مع روسيا، ويعد منطقة إستراتيجية حيث يقع فيه مقر أسطول البلطيق الروسي، هو شرارة الحرب العالمية القادمة.
في السياق ذاته، فإنه بالعودة الى تصريحات الرئيس بوتين والتي قال فيها "نسمع اليوم أننا بدأنا حربا في دونباس، في أوكرانيا. لا، لقد أطلقها هذا الغرب الجماعي، حيث نظم ودعم انقلابا مسلحا غير دستوري في أوكرانيا في عام 2014، ثم شجع وبرر الإبادة الجماعية ضد الناس في دونباس".  وتابع بوتين إن "هذا الغرب الجماعي نفسه هو المحرض المباشر والمذنب فيما يحدث اليوم"، على حد تعبيره. 


ومن واقع التصرحات الروسية، فإن بوتين قرر وضع نفسه في مواجهة الغرب الجماعي، المتكتل ضد موسكو وفق رؤيته ويعوق أعمالها في أوكرانيا، ويحاول أن يهدد سيادتها.
وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية على لسان الرئيس بايدن، والعديد من المسؤولين بالإدارة الأمريكية يعتبرون أوكرانيا مرحلة فارقة في النظام الدولي، فإنها كذلك بالفعل، وإن لم توضع خطة سلام واضحة ومحددة على الطاولة بين روسيا وأوكرانيا، تضمن الانسحاب الروسي من أوكرانيا بالكامل، وفي الوقت ذاته تراجع الغرب عن مد حدود الناتو ومظلته إلى قرب الأراضي الروسية. فالحرب في اوكرانيا قد تمتد سنوات.


وإذا كانت روسيا، قادرة اليوم ولشهور قادمة على تعويض خسارتها العسكرية والاقتصادية والتجميد وفرض عقوبات مهولة، وتخلف عن سداد الديون، مثلما حدث مؤخرا ليس لنقص الاحتياطات الروسية من النقد الأجنبي، والتي تصل إلى نحو 604 مليار دولار ولكن  لقيام وزارة وزارة الخزانة الأمريكية، بإنهاء ثغرة في العقوبات، ما أدى إلى إزالة الإعفاء الذي سمح لحاملي السندات الأميركية بتلقي مدفوعات من الدولة الروسية. علاوة على أن السندات الأساسية لا تحتوي على شروط تسمح بالتسوية بالعملة المحلية "الروبل" فإن الاقتصاد الروسي سيواجه وضعبا صعبا حقيقيًا، بعيدا عن الدعاية والدعاية المضادة على الجانبين.
الخلاصة.. أوكرانيا وحل حقيقي وتحول الخطاب الروسي للاعتقاد أنه يواجه "الغرب الجماعي" وسيتخذ الوسائل المناسبة لذلك تطور خطير يمس سلام وأمن العالم.