الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بيلوسي.. زيارة غير بريئة إلى تايوان

صدى البلد

جاءت الزيارة التي قامت بها رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي لـ"تايون" في الوقت الخطأ تمامًا. فلم يكن هذا وقتها، ولا تايوان على وجه الخصوص هى المكان المناسب، لواشنطن لتوجه من خلاله رسائل قوة للصين، ذات مغزى يفهمها البلدان.


وبعيدًا عن البيان الرسمي، الذي أصدرته نانسي بيلوسي، في ختام زيارتها وكان معبأ وخطيرا، بتأكيدها إنه لا يمكن للصين منع قادة العالم من زيارة تايوان. وإنه  في الوقت الذي أمكن فيه للصين منع قادة تايوان من الذهاب لاجتماعات منظمة الصحة العالمية، فإنه لا يمكن للصين منع قادة العالم من الذهاب إليهم للإشادة بديمقراطية تايوان المزدهرة، وتسليط الضوء على نجاحاتها العديدة وتأكيد التزام الولايات المتحدة باستمرار التعاون معها.


ومع كل ما جاء في بيان نانسي بيلوسي من رسائل محرجة ومزعجة للصين، ومنها الإشادة بالديمقراطية التايوانية، في حين تنتقص واشنطن مرارًا وتكرارًا من حكم الحزب الشيوعي الواحد في الصين، والضغط على هذه النقطة باستمرار لإحراج بكين عالميا.. فإن للزيارة أهدافا أخرى غير بريئة على الإطلاق:


في مقدمتها إرسال رسالة واضحة للسلطات الصينية، بأنه يمكن مضايقتهم وفتح ملف استقلال تايوان، التي تعتبرها الصين جزءا لا يتجزأ من أراضيها، من جديد ما لم تغير الصين من موقفها الداعم لروسيا في حربها ضد أوكرانيا. فواشنطن تقول للصين عبر بيلوسي، إنه اذا أصرت الصين أو واصلت موقفها الداعم لروسيا في أوكرانيا، فإنها ستشعل النار في تايوان – الحديقة الخلفية للعملاق الصيني- وتشغله بملف مزعج له طوال عقود.


الرسالة الثانية، من الإدارة الأمريكية، هى توجيه نظر السلطات الصينية، إلى إنه يمكن لواشنطن عرقلة المارد الصيني، بإعادة فتح ملف تايوان، والذي سيدفعه حتما لإجراء مناورات عسكرية وزيادة ميزانيته الدفاعية والانشغال بأمور السيادة والحرب والدفاع عن تايوان، بما يعطل قفزات العملاق الصيني الاقتصادية لبعض الوقت- وقد كان، حيث أعلنت الصين بدء أضخم مناورات عسكرية تطوق تايوان، إثر زيارة بيلوسي ستستمر حتى الأحد القادم.


لكن ومع كل هذا، فما لم تأخذه الولايات المتحدة في اعتبارها، أو ربما يكون قد تعمدت ذلك، هى أن المناورات الصينية التي تطوق تايوان، وتكاد تخترق مياهها الإقليمية وستكون بالذخيرة الحية وبقوات ضخمة، قد تخرج عن السيطرة وقد تشعر تايوان، أن بكين تنتهك سيادتها وهو ما سيدفع سريعا لحرب في شبه الجزيرة التايوانية.


خطة الولايات المتحدة لإبعاد الصين عن موسكو بإعادة إحياء ملف تايوان، قد ينقلب إلى كارثة عالمية. فمعنى دخول الصين حربا مع تايوان، فإن روسيا ستعلن انضمامها اليها ومساندتها سياسيا وعسكريا فيما بعد، وهو ما يؤدي إلى هزة عالمية كبيرة، علاوة على أن دخول الصين في أي حرب، سيشكل نكسة اقتصادية للعالم أجمع، بحكم اقتصادها الممتد وعلاقاتها التجارية الواسعة.


الخلاصة.. زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي إلى تايوان ليست بريئة على الإطلاق، ووراءها خطة أمريكية كاملة للاستفزاز، والرغبة في إيقاع الصين في آتون الحرب، وهو ما لن تحمد عقباه. ويؤكد من جديد أن الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة بايدن، خطر على الاستقرار العالمي. فهى تستعيد هيبة أمريكا، بالزج بروسيا في الوحل الأوكراني، والعمل على الزج بالصين في مياه تايوان، أي شغل المنافسين الكبار بمعارك دموية تستنزف جهودهم وإمكانياتهم، وتحد من سباقهم للحاق بالولايات المتحدة الأمريكية.