الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تحطيم الثوابت وتجريف التاريخ

حسين مرسي
حسين مرسي

وما زال مسلسل التشويه لماضينا وحاضرنا مستمرا وبكل إصرار وقوة  تثير الشك في كل ما حولنا، وصلنا إلى مرحلة الخطر فعلا وليس قولا، القصة باختصار أننا أدمنا تحطيم كل الرموز في بلدنا بشتى الطرق والوسائل حتى أننا لم نعد نجد شخصا واحدا يتفق عليه الغالبية أو حتى الأقلية كرمز وطني محترم بسبب عمليات التشويه والهجوم المتلاحق على كل الرموز المصرية. 

في وقت من الأوقات كانت مصر مليئة بالقامات الثقافية والدينية والعلمية والفنية والوطنية وما زالت، شخصيات بلا حدود وعلى مدار تاريح طويل من النجاحات والتقدم والازدهار، وكان لدينا القدوة التي كنا دوما نفخر بها ونسعى لتقليدها والاقتداء بها في حياتنا العملية والشخصية. 

كنا في وقت مضى نحترم رموزنا بداية من الأب والأم مرورا برموزنا الوطنية والثقافية والعلمية التي نفخر بها و التي كانت ملء السمع والبصر، كنا كذلك حتى وصلنا إلى عصر الفضائيات، والأجواء المفتوحة انتهاء بعصر الميديا وفيس بوك وتويتر، فأصبح الكل خبيرا وأصبح الجميع في مرمى نيران أي عابر سبيل، وأصبح أي شخص لا يعي شيئا قادرا على أن يهاجم قامات لها تاريخ لمجرد أنه يحمل موبايل يختفي خلفه ليهاجم القامات ويحطم القيم والمثل أو يبحث عن التريند سواء بالحق أو بالباطل، يرفض كل شيء ولا يعجبه شيء بدءا من رموز حية تعيش بيننا وحتى ملوك الفراعنة القدماء الذين ينالهم نصيبهم من التشويه والتحطيم لأغراض خبيثة من البعض ولسذاجة من البعض الآخر الذي لا يدرك أبعاد الكارثة.

منذ فترة شاهدت طبيبا يتحدث بالتلفزيون لم أعرف اسمه، وكان كلامه كالصاعقة عندما قال إن مصر كانت قبلة الطب للعالم كله يقصدها القاصي والداني ليتلقى علاجه، حتى وصلنا لمرحلة تكسير رموزنا الطبية على الملأ بالهجوم عليهم ونقدهم وتجريحهم بكلام أبعد ما يكون عن الواقع، والهدف طبعا واضح وهو إخراج مصر من دائرة السياحة العلاجية التي تتميز بها. 

والحق أن كلام الطبيب مس جرحا عميقا وضغط عليه بشدة، نعم نحن نحطم كل رموزنا وقدواتنا في كل المجالات، في الطب وفي الثقافة وفي الفن وفي كل مجال للأسف الشديد، الكل معرض للهجوم المنظم بحثا عن الترند أو سعيا لتنفيذ مخطط لتدمير الهوية المصرية، وهو كلام صحيح وسليم وليس مجرد رأي يكتبه بعض الهواة.

كان الهدف في وقت ما هو إسقاط الشرطة والجيش لهدف عملوا على تحقيقه طويلا ودفعوا مقابله مليارات الدولارات، وبالفعل تم تشويه صورة الرمز الأمني وقتها في صورة كل رجل شرطة سعيا لإحداث نوع من الكراهية تجاه رجال كل عملهم هو حفظ الأمن، وحدث أيضا مع رجال الجيش الذين يحمون وطنهم بكل وطنية وإيمان بالوطن والموت دفاعا عنه، ولولا ستر الله لنجح المخطط ولكن الله سلم وحفظ مصر من مخططهم الشيطاني لإسقاط مصر.

والآن يحدث بالفعل عملية تشويه منظم لكل رموز مصر، رجال الدين يتم إظهارهم بصورة هزلية في أعمال فنية وفي منصات التواصل الاجتماعي بل والهجوم عليهم صراحة بشكل فج الآن، حتى شيخ الأزهر لم يفلت من استهدافهم بهجوم غير مسبوق. 

والمثقفون القلائل الذين ما زالوا يحتفظون بهويتهم المصرية الوطنية يتم تشويههم وتجنيبهم لتتسع الساحة لمدعي الثقافة، رجال الدولة بكل مكان يتم الهجوم عليهم ليل نهار بحق وبدون حق، حتى زعماء مصر الوطنيين لم يسلموا من شر ألسنة وهجوم المغرضين السادات وعبد الناصر وغيرهم من الزعماء المصريين الوطنيين وكما قلنا حتى ملوك الفراعنة لم يسلموا منهم ومن هجومهم على كل ما هو مصري وبيد مصرية للأسف الشديد. 

نحن للأسف الشديد الشعب الوحيد في العالم الذي يحطم رموزه الوطنية والثقافية والوطنية والعلمية والدينية، بل نحن الشعب الوحيد الذي يدمر تاريخه بتصرفات غير مسئولة تجاه رموز احترمها ويحترمها العالم كله، إنها باختصار عملية تجريف لتاريخ مصر الحديث والقديم على السواء، والسؤال الأهم والأخطر هو لصالح من يتم هذا التجريف وهذا التشويه؟ ولماذا الإصرار على تحطيم كل الثوابت على اختلافها؟؟!!