الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"الزلزال" لم ينقذ سوريا من "خرائط الحرب"

سامح لاشين
سامح لاشين

الفيلسوف الإغريقي "هيراقليط " قال: "تعتبر الحرب أبا لكل الأشياء "ففي تقديره الحرب قوة مؤثرة في التاريخ .. نعم القوة والحرب هما من يرسمان خرائط الجغرافيا ولا تستطيع الزلازل تغييرها هذا الأمر ظهر جاليا في سوريا عقب كارثة الطبيعة.

وتزاحمت التساؤلات في الوجدان هل كانت مفاجأة بالنسبة لنا تجاهل العالم لشمال سوريا بعد وقوع كارثة الزلزال ؟ هل كانت مفاجأة أن خرائط الحرب  لم تعد ترسم اسم الدولة  السورية؟ هل كانت مفاجأة أن سوريا تم تقسيمها ولم تعد على خريطة الجغرافيا كما كانت ؟ هل كانت مفاجأة أن تركيا هي من تسيطر على الشمال ؟ هل كنتم تنتظرون الزلزال أن يغير الخرائط حتى تتيقنوا أننا نعيش في وهمنا القديم ؟.

الزلازل لن تغير قوانين القوة وما ترسمه جحافل الجيوش على الأرض من واقع جديد لا مكان فيه للضعفاء .. ولا رحمة للمهزوم  .. و لن تحركهم صور الاطفال تحت الركام ولا أيادي الأب الممسكة بيد أبنته .. ولا الطفلة التي قالت أخرجني لأكون لك خادمة.  

الولايات المتحدة ومعها الغرب لا يتذكرون الحدود التي صنعوها في التاريخ لأنهم رسموا حدودا جديدة ذهب فيها الشمال السوري منضويا  تحت سيطرة تركيا ، ومن ثم فتركيا فقط هي من تأثرت بالزلزال ، والشمال السوري أصبح ضمن خريطة جديدة ولم يعد يحمل عنوانه القديم.

الزلزال لن يعيد سوريا كما كانت بل أكدت الهزيمة التي لا يعترف بها البعض .. و أكدت الانكسار .. وعمقت الكارثة بكارثة أخرى وموت جديد .. وأكدت أن العالم يستخدم معاني الإنسانية  والرحمة بانتقائية شديدة ٧٠ دولة يمدون يد العون لتركيا في حين أعداد قليلة هي من أبصرت  أنه لازال هناك إنسان في سوريا تحاصره الحرب ويقتل يوميا ..ومن أفلت من ويلات الرصاص مات تحت أنقاض الزلزال.

سوريا سقطت في صراعات دامية بفضل  عدة قوى دولية وإقليمية ودخلت في محنة إنسانية من أشد المحن بين شعب أسقطه الطغيان قبل الاحتلال واشتد الصراع  لا من أجل انتشال سوريا وبقائها وإنما من أجل لعبة المصالح والنفوذ إلى أن جاء الزلزال لتشتد المحنة ويظهر مدى دناءة بالدول الكبرى والدولية.

كبيرة مسؤولي الطوارئ في منظمة الصحة العالمية أديلهايد مارشانغ، قالت أمام اللجنة التنفيذية للوكالة التابعة للأمم المتحدة، أن  عدد المتضررين من زلزال سوريا وتركيا إلى ما يقرب من 23 مليونًا من بينهم 5 ملايين شخص في وضع سيء للغاية وغالبيتهم سوريين. 


مارشانغ أكدت أن الدولة التركية قادرة على التعامل مع الأزمة وتقديم الرعاية اللازمة للمتضررين، إلا أن الاحتياجات الأساسية تعجز سوريا عن توفيرها لضحاياها، حيث تعاني سوريا من أزمة إنسانية قبل الزلزال بسبب الحرب الأهلية وتفشي وباء الكوليرا، موضحة أن المنطقة الأكثر تضررًا بالزلزال هي في أساس منطقة منكوبة.

كل هذا يحدث وحصار قانون قيصر لم ينفك الذي وجهته أمريكا ضد أنصار بشار الأسد إلا أن الضحايا الحقيقين هم الشعب السوري وليس من تسببوا في أزماته وأنصار بشار .. و تتجاهل امريكا سوريا وتسقط سوريا بين قسوة الدول الكبرى وغضب الطبيعة ولم يشفع الزلزال لدى جنرالات الحرب الرأفة بهذا الشعب .. ولم يغير الزلزال من خرائط الحرب وواقع التقسيم الجديد .. لم يعيد الزلزال روسيا كما كانت .. ولم تلين القلوب الأشد قسوة من الحجارة .


-