الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مشاهد عن المرأة في القرآن


"أم موسى عليه السلام"..

لاشك في أن الإعجاز القرآني أثار أفكار العلماء و أخذ أفئدة المحبين لما رافق نظمه الفريد من أسلوب بديع تاه في بيانه البلغاء و الفصحاء، و لما اتسم مراده بتأثير نفسي يحول بين المرء و هواه و ذلك لمن كان له قلب ، و قد مسني شيء من الجمال القرآني آثرت على تبيانه و أظنه كائنا في المعاني المشاهدة الكامنة وراء نظمه الفريد و الذي أخاله رابطا بين ألفاظه و عباراته و بين ما نشهده في يومنا ، و الأدلة على ذلك كثيرة لا يمكن حصرها و لا يمكن تعدادها لأنها تنمو بنمو المعاني الهامشية الملازمة لألفاظ النص المبارك و آياته ، فهذا قوله تعالى: ( وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا ۖ إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(10))القصص)
حيث لازم فكري صورة مشاهدة إيذاء هذه الآية المباركة، فهذه الأم التي ألقت بابنها الرضيع في اليم معتمدة على وحي الحق – سبحانه و تعالى – الملهم لفعلتها، والذي يظن فيها الناظر السطحي أنها أم من زبانية نسوان الآن، بيد أن المتعمق في النص المبارك و المدقق في القصة المباركة يجد فيها أروع الأمثال المساقة لكل أم و لكل فتاة نرجو فيها الأم الحقيقة.

يجسد لنا النص المبارك هذا المشهد بتصوير فريد يمثل فيه حال المرأة التي ابتعدت عن ابنها بالقلب الفارغ و ما أروعه تصوير خاصة و أن المرأة أخالها لا يكن بمقدورها أن تحيا بقلب فارغ و كأن ابتعاد ابنها الرضيع عنها بمثابة الحياة التي لا يرافقها معن مرجو ، تصوير يعظم من غريزة الأمومة لدى المرأة باعتباره أمر مسلم من المسلمات الفكرية التي لا يمكن إنكاره.

لتكون هذه اللفتة المصورة ناقلة الرائي إلى مشهد الأم و هي ترى ابناها حيث العودة إلى أحضانها باعتبارها مرضعة له بعد أن حرم الحق – سبحانه و تعالى - المراضع على ابنها (موسى) عليه السلام، وقد لازم هذا المشهد موقف من مواقف الأم التي تخشى على ابنها فرعون و بطشه بعدم إبداء لهفتها على ابنها الذي رده الحق – سبحانه و تعالى – إليها ؛ تنفيذا لوعده ( إنا رادوه إليك ) ، مشهد يشخص في خاطري يجسد بطولة الأم التي ترى وعد الخالق لها رأي العين و هي بإيذاء هذا المشهد تنازعها اللهفة و الرهبة ، لهفة عودة رضيعها إليها ، و خشية انكشاف سترها.

مشهد يبرز لنا المسئولية التي تحملتها هذه الأم ، مسئولية العهد و الوعد القائمين بينها وبين ربها ، مسئولية الحفاظ على ابنها بكونها مرضعة له ليس أمه التي أنجبته، حتى وإن لم يكون منسوبا إليه في عرف بني البشر ، و ذلك لم يك له محل من الإعراب في السرد القصصي لولا أن ترسخ اليقين في قلبها بعودة ابنها إليها؛ و دليلي على ذلك أني سمعت الحق - سبحانه و تعالى - يقول عقب هذا المشهد السالف : ( لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا) فالله سبحانه و تعالى هو المتولي لأمر الربط على قلب الأم لتكون غير جاهرة بحقيقة الطفل الذي يكون ( عدوا و حزنا ) لبني إسرائيل.
فما أعظمها امرأة و أكرم بها أم!

نظم فريد يحمل بين طياته مشاهد مصورة تدفع بالمتلقي إلى اليقين و التسليم بصدق النص المبارك ؛ اعتمادا على الصور الكائنة في ظلال الألفاظ المنظومة و دلالتها و الأثر النفسي المتولد في الضمير إثر الصور المولدة ، فتبارك الله أحسن الخالقين.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط