الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مشهد رأسي لقيمنا الاجتماعية



لاشك في أن التغييرات المتلاحقة على الساحة الاجتماعية لخير شاهد على حالة الاضطراب التي نعانيها في آن على أغلب الأصعدة الحياتية والتي تكشف عن مدي الحراك والتغيرات المتسارعة من القيم والعادات وتفسر لنا العديد من التطورات المتلاحقة، والتي إن دلت فإنما تدل على أن الميول متباينة والرؤى منعكسة، وفي ظني أن الحالة المزاجية السائدة في الشارع المصري لخير مؤكد ومبين على ذلك والتي تفرز لنا مظاهر في حقيقتها متناقضة ما بين القبول حينا والرفض للواقع المعايش حينا آخر والذي أخاله له مرجعية للقيم الأخلاقية والدينية، والتخوف من التأثيرات السلبية التي قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار، ولعل هذه هي المعضلة التي هي محل الخلاف والتنازع في الوسط الحياتي وبخاصة الاجتماعي منها والثقافي.


و لعل المشكلة تكمن هنا – في أحد جوانبها – في اختلاف النظرة إلى القيم في كل العصور بين مختلف الأجيال، فبينما تتمسك الأجيال القديمة، وتريد أن تشق طريقا يتفق مع تطورات المجتمع ومتغيرات العصر، وفي هذا نستدعي قول نُسب إلى الإمام على بن أبي طالب – ضي الله عنه – في هذا الصدد قوله : " لا تربوا أولادكم على ما تربيتم عليه، لأنهم ولدوا لزمان غير زمانكم "، وقد نسب مثل هذا القول أيضا إلى بعض فلاسفة اليونان.


و هذه الإشارة الكاشفة عن التغيير الحتمي للعادات والقيم لخير مبين لنا على أن ما نعانيه من تغير للقيم يجب أن يُغير مساره ويُعدل مقاصده المشوهة قِبَل الحاقدين على ثقافتنا وهويتنا، فإذا كان ولابد من التغيير في المفاهيم والقيم إثر التطور الطبيعي للبيئة المحيطة ؛ فلامفر من العماد القويم الذي قاد العقول والقلوب في الكثير من الأزمات ألا وهو الوازع الديني والهوية الإسلامية التي بها نهتدي والتي من أجلاها نحارب وتزرع في طريقنا العديد من الفتن والمؤامرات الداعية إلى التدمير والتخريب، ولا عجب في ذلك لأن بالهوية الإسلامية لا يكون للكيان الغربي كيان ولا تكون لماديتهم وجود .


و إذا ما سلمنا بأن البشر جميعا في كل العصور متفقون – إلا من شذ منهم – على أن الصدق فضيلة وأن الكذب رذيلة، فمن البديهي أن ندرك أن التصرفات والأفكار بلاشك نابعة من أجل طموح مأمول ومصالح مقصودة، ومن مصلحة العدو الغربي زرع الفتن وزعزعة الاستقرار وفض وحدة نسيج الأمة داخل مجتمعنا، ومن مصلحتنا أن نواجه ذلك الترصد المقصود والمكيدة المحاكة، وآسف أن أجسد المشهد وأنظر إليه بمشهد رأسي ليتجلى لي مدى الترجيح المنسوب للعدو الغربي، الذي أجده ناجحا في خلط القيم وتشتيت الهوية وجعل المصلحة الفردية هي الشعار المثالي في العقيدة الداخلية لكل فرد إلا من رحم ربي، فصار التخوين السمت العام السائد في مجتمعنا وعلا أصوات الجهلاء وأنصاف المتعلمين المتداخلة في أصوات المتكبدين مرارة هذا الصراع والمطحونين بين راحا الفقر والمرض.
إن الحكمة والفطنة لخير معين للخروج مما وقعنا فيه من تيه الصواب وفقدان الطريق .


يا سادة في ظني أن الحقيقة كامنة في أن ننحي الوظائف المتعددة الكامنة في ضمير كل فرد على حدا فليس من المعقول أن نجد الفرد الواحد في مجتمعاتنا طبيب أحيانا ومناضل حينا وسياسي حينا آخر وفي أوقات أخرى وظائف ومهن شتا، يجب أن نعطي الخبز لصنيعة خبازه، ونفسح المجال لأصحاب التخصص ومن يقيمون على الصناعة ذاتها .


يا سادة إن المحب الحقيقي لهذا الوطن يجب أن يوقن تمام الإيقان في أن الفلاح والنجاح لنا يبدأ أولا بالصبر على بلاء الأزمات والمثابرة على العمل ونبذ الفتن وإثارة الآراء حتى تنجلي الصورة للناظر ونعرف طريقنا ونحدد مسارنا، وألا نكون أمعة لأصحاب المصالح في كل نادي نصحب حتى وإن كان لنا فيه الحتف المميت.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط