الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قراءة في الفكر المتطرف


كنا ومازلنا نردد أن الولوج في الدراسات القرآنية منهج متوعر على الناهج وباب متعذر على الوالج، وهذا ما اقتضت الضرورة إلى حتمية أن يكون المتبحر في الدراسات الإسلامية له من رصيد القراءة ما هو كاف للتبحر في علومها وله من التفتح العقلي ما يؤهله إلى الأخذ والرد فيه قضاياها وروافد بيئتها.


وعلى سطح الحياة الفكرية والثقافية لا تخلو حقبة زمنية من التاريخ إلا وقد كانت للفتن محل من الإعراب تحت مسمى محاربة أعداء الدين، وفهم مقاصد الدين الذي اعتراه الانزواء أو الانحراف عن المسار الصحيح على يد الجهلة أو المشعوذين أو العملاء والمأجورين.


أسباب مختلقة لتبرير كل فعلة تخالف العقل والضمير الإنساني لتكون مرجعيتها الدين، وفي السنين الأخيرة زادت وتيرة التشكيك في التراث الإسلامي والأئمة الكبار الذين حملوا على كاهلهم أمانة الدين الإسلامي بسواعد قوامها الفكر والإخلاص، وكانوا لا يرجون من خلال أعمالهم إلا ابتغاء مرضات الله .


فكم مرت على الآذان عبارات من التشكيك في صحة البخاري، وهذا الأمر ما أدي إلى وقوف الكثير من العلماء والمفكرين المخلصين موقف الاستنكار خاصة وأن لديهم رصيد فكري يكشف عن الشروط والضوابط الملزمة في انتقاء البخاري للأحاديث الصحيحة، لتنقية سنة الرسول صلى الله عليه وسلم من كل دخيل.


وما أصاب الإمام ابن تيمية من أقوال تديين فكره وتشوه تراثه؛ بغية تبرير الكثير من الأفعال التي تريدتها الجماعات التكفيرية لتبرير أفعالها المشينة ما إن دل فإنما يدل على أن هناك خطة محكمة داعية إلى تشتيت الفكر واضطراب الاتجاه لدى الشباب في تربة فكرية أكلت خلطها بالتجهيل والتغيب، وهذه كله ما يؤول إلى المزيد من الهمجية والتطرف والإرهاب وتأجيج نار الفتنة بوقود الشباب التائه في غيابات التشتيت بحثا عن الفوز بالجنة والنجاة من الدنيا.


هناك من استحضر بعض العبارات المجتزءة من أقوال ابن تيمية مبررا الأفعال الهمجية والإرهابية التي شتتت رباط الأمة دون الفهم الصحيح لموضع العبارة من القوال والموقف الذي قيل فيه والعلة من قوله.


يا سادة لا يكتفي الارتكان إلى قول مجتزأ لتبرير بعض الأفعال بغية هدم ركن أساسي من تراثنا الفكري والإسلامي.


يا سادة إن الأمام ابن تيمية المتهم ببذر البذرة الأولى في الفكر الإرهابي والداعي إلى التحريق والتعذيب والقتل هو ذات الإمام الذي داعى إلى التفاؤل وإسعاد الآخر وانتظار الدعاء بالغيب.


إن البحث عن السعادة والرضا ركن أصيل من أركان التعبد والطاعة لما اشتملت عليها العبادة من بواعث تسعد النفس البشرية وتجعلها راضية بالقليل وتكثره في النفوس، ولا شك أن الدنيا وطلاسمها وأحداثها في آن حوت بين طياتها من نوكب الدهر ما هو كفيل بالتشاؤم والإحباط، غير أن النفس البشرية الفطنة هي القادرة وحدها على تخطي النواكب المحيلة من الألم والحزن إلى السعادة والفرحة .... ولعل هذا ما جعلني استعيد بعضا مما ذكره ابن القيم في هذا الصدد، ولعلها تكون خير راد لبعض المدعين على الإمام : لا تفسد عقلك بالتشاؤم، لا تفسد فرحتك بالقلق، لا تفسد نجاحك بالغرور ....لا تفسد يومك بالنظر إلى الأمس، لا تفسد تفاؤل الآخرين بإحباطهم .


عبارات تحمل بين طياتها الدعوة إلى التفاؤل ونبذ التشاؤم... هكذا كانت دعوة مفكري الإسلام الذين نالوا من الظلم والتجريح ما نالوا.

إذا تأملت عزيزي المواطن بحالك لوجدت أن الله أعطاك أشياءً دون أن تطلبها ففي كل آية من آيات الوجود الحلو منها والمرير يجبرك أن تثق في كون اللهسبحانه وتعالى – لم يمنع عنك حاجة رغبتها إلا وكانت لصالحك.

 
إن المعضلة الأساسية في العقول المستقبلة والمجتزءة أو المؤسسات المجندة للعملاء والخونة المخولين لنصوص العلماء سبيلا للطعن والتشتيت.

فالحرب والغزو صار محله الفكر والدين، والمسلك إلى ذلك الشباب الذي نشأ في ظلال الجهل والتغيب، فلا غرو من أن نعيد لشبابنا المسار الصحيح لفهم الدين ورد أي عدوان فكري يشكك في العقيدة ويكون مطية التناحر والهلاك.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط