الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

منهج أمين الخولي


قام أمين الخولي بوضع الأسس التي قامت عليها "المدرسة البيانية " في التفسير والتي اعتمدت علي ما تركه القدماء؛ و ذلك لإيمانه بأن أول التجديد قتل القديم فهما وهو ما يؤكد أن دراسة الجديد لا يمكن أن تتم بصورة جيدة ما لم يسبقها هضم تام للقديم وهي رؤية تنويرية توضح منهجه المتبع في التفسير والذي سيظهر بصورة جلية في حديثة عن القرآن، وهذا الأمر سوف يوضحه الباحث في حينه.

وقد اعتمد أمين الخولي علي ذوقه الأدبي الحر الذي يستند علي ممارسة فنية جريئة بالنسبة لعصره، حيث كان يقر بخضوع البلاغة العربية القديمة لمناهج التحليل المنطقية والكلامية، ويعمل علي أن يؤصل لها أصلا جديدا يجعلها فنًا القول الذي يقوم علي جانب الفنون الأخرى السمعية، والبصرية، وبدعوة "واقعية المثالية " و "تجديد المحافظ "إلي نقض التراث البلاغي القديم ليميز ما يصلح منه لهذا العصر.

ونتيجة لنشاط الحركة الأدبية بصفة عامة والأسلوب الأدبي بصفة خاصة عند المحدثين و المؤلفين؛ جاء أمين الخولي داعيا لتفسير النص القرآني و دراسته دراسة أدبيه كما تدرس النصوص الشعرية في محاضرات الأدب بالكليات؛ إيمانا منه بأن القرآن الكريم كتاب العربية الخالد، وتنحيته في مجال الدرس الأدبي قصور وتقصير معا، كما قرر أن الدراسة الأدبية للنص القرآني يجب أن تسبق الدراسات الأخرى، حيث أنها الأجدر باسم التفسير.

وكانت هذه الرؤية الأدبية التي اعتمد عليها أمين الخولي عند تفسير القرآن الكريم ناتجة عن فهمه لعلم البلاغة، الذي كان علي ارتباط وثيق ببيان الإعجاز القرآني.

ولما كان لعلم البلاغة من ارتباط بالنظريات النفسية اهتم أمين الخولي بالنظر إلي هذا العلم و الاعتماد عليه في دراسته التفسيرية، ولعل هذه هي اللبنة الأولي التي اعتمد عليها أمين الخولي في التأصيل لمنهجه التفسيري في كتابه "مناهج التجديد في الأدب و البلاغة و التفسير والنحو " والذي تضمن:
1) القرآن كتاب العربية:-
يري أمين الخولي ضرورة تناول النص القرآني باعتباره كتاب العربية الأكبر؛ لاشتماله علي آثار أدبية عظيمة، لا يمكن تفسير نصه دون إيضاح هذه الآثار فالتفسير عند أمين الخولي - علي حد قراءتي- أدبي محض.
فالدافع لتفسير النص القرآني عند الأستاذ أمين الخولي بيان الآثار الأدبية فيه، وبيان أثرها في نفوس المتلقين حتى يمكن الوقوف علي المقاصد المرجوة منه، وقد أشار إلي ذلك قائلا:- "وهذه هي نظرتنا إلي التفسير اليوم وهذا غرضنا منه، علي هذا الأساس نقصد لبيان طريقة تناوله ومنهج درسه".

اعتمد أمين الخولي عند تفسيره لآيات الذكر الحكيم علي الدراسة الأدبية؛ لأنه يري بأنها الأجدر في بيان مقاصد القرآن وأهدافه، من خلال الرؤية السابقة وهي اعتبار القرآن الكريم كتاب العربية الأول مع ضرورة الاعتماد على الجانب الأدبي فيه وعليها نتجت الفكرة الثانية وهي الوحدة الموضعية، وهي فكرة أدبية أكثر منها تفسيرية، فأمين الخولي يريد أن تكون البلاغة العربية وسيلة وغاية في آن واحد ؛ وذلك بإخضاعها لنطاق الكشف عن جماليات فن القول.

2) الوحدة الموضوعية:-
يذهب الأستاذ أمين الخولي إلي القول بالوحدة الموضوعية، فعندما نظر إلي النص القرآني وجد أن القرآن الكريم لم يرتب علي الموضوعات و المسائل فيفرد كل شيء فيها بباب أو فصل إنما جري علي غير ذلك كله فيعرض الكثير من الموضوعات ولم يجمع منها واحدًا بعينه؛ فيلتقي أوله بآخره.

 وقد أعطي الأستاذ الخولي أمثلة علي هذا التصور توضح أن الفهم لا يكتمل إذا تناول الفرد القرآن الكريم أجزاء متفرقة فيشير إلي سورة "البقرة" في حديثها عن المؤمنين وحالهم بأن المتلقي لا يستطيع فهما الفهم الصحيح إلا إذا ما قورنت بما في سورة "المؤمنون "، ثم هو يجد في سورة "البقرة" عن المنافقين و حالهم ما لا يفهم علي وجهه إلا مع سورة "المنافقون".

 ويرجع الأستاذ أمين الخولي السبب في الأخذ بالوحدة الموضوعية إلي التباعد الزمني بين نزول الآيات، و تفرقه علي مدار ثلاثة و عشرين عاما، وقد فرق الحديث عن الشيء الواحد والموضوع الواحد في سياقات متعددة
ومقامات مختلفة ظهرت في ظروف مختلفة ولم يقتصر علي دعوته إلي التفسير الموضوعي بل تناوله كذلك في أحاديث إذاعيه تحت عنوان "من هدي القرآن " وهي تتبع ما يخص موضوعات من الآيات القرآنية في مختلف سوره و أجزائه، ومن الطبيعي أن تنتج من هذه الفكرة النقطة التالية ، هي ترتيب القرآن الكريم وأثره.

3) أثر ترتيب القرآن:-
نظر أمين الخولي إلي ترتيب القرآن علي أنه لم يرتب موضوعاته كما هو الحال في كتب التشريع، ولا علي نسق كتب الأخلاق، أو التاريخ، ولا غير ذلك.... ، فترتيب القرآن لم يرع شيئا من تقديم الزمن وتأخره، فمكيه يتخلل مدنيه ويحيط به، ومدنيه يتخلل مكيه و يحيط به، وهذا ما جعل الشيخ أمين الخولي ينظر إليه - النص القرآني – علي أساس الوحدة العضوية، ولا ينظر إليه علي أنه أجزاء متفرقة غير مرتبطة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط