شبكة "ايه بي سي نيوز":"داعش" يبني دولته ويعين موظفين إداريين ويبني الطرق

اختلاف صيغة تطبيق الشريعة من مكان لآخر
فور هيمنته على الموصل قام بإصلاح خطوط الكهرباء
الرقة نموذج مصغر للدولة
التنظيم يستقطب الكفاءات
نشر موقع شبكة "إيه بي سي نيوز" الإخبارية الأمريكية تقريراً، نقلاً عن وكالة الأسوشيتد برس، تناول محاولات المسلحين المتطرفين من جماعة "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) في الظهور بمظهر الدولة على الرقعة التي يسيطرون عليها، مؤكداً تعيينهم لمنظمين إداريين على درجة عالية من التنظيم.
وذكر التقرير أن تنظيم "داعش" يستفيد من السيولة النقدية المتوفرة لديها في إصلاح الطرق، وتنظيم المرور، وإدارة المحاكم، وتأسيس نظام تصدير للنفط الخام المهرب من حقول النفط التي يسيطر عليها التنظيم.
ولفت التقرير إلى أن المسلحين المتطرفين هم مزيج من العراقيين والسوريين جنباً إلى جنب المقاتلين الأجانب من الدول العربية ومناطق غير عربية مثل القوقاز، وهو ما قد يثير مخاطر إثارة رد فعل عنيف من الناس الذين يحكمونهم. فعلى الرغم من ترحيب بعض العراقيين الذين تعرضوا للظلم من قِبَل النظام الحالي، فإن الكثيرين يعتبرون داعش كياناً أجنبيّاً في نهاية المطاف.
وبحسب التقرير، فإن "داعش" يفطن لتلك النقطة ولذلك تختلف صيغته للشريعة الإسلامية التي يطبقها باختلاف المناطق الواقعة تحت سيطرته.
ففي معقله الرئيسي في سوريا، يكشف عناصر التنظيم عن شريعتهم دون تحفظ، فيقتلون من يعتبرونهم مجرمين ويقطعون يد السارق في الأماكن العامة. لكنهم كانوا أكثر حذراً في الموصل العراقية، فبدأوا ببعض الخطوات مثل حظر الكحول ورسم وجوه النساء على إعلانات الشوارع. ولكنهم أوقفوا العقوبات الصارمة في الوقت الراهن.
وذكر التقرير أن أبو بكر البغدادي، زعيم داعش، يدرك أن مقاتليه ليسوا حكاماً على المدى البعيد. لذا، في خطابه بعد سقوط الموصل في 9 يونيو، ناشد المسلمين أصحاب المهارات العملية في جميع أنحاء العالم- من علماء وقضاة وأطباء ومهندسين وإداريين- أن يتدفقوا على المناطق التي تسيطر عليها جماعته للمساعدة في بناء الدولة.
ونقل التقرير أن البغدادي قد عرض منصب حاكم الموصل على شخصيات بارزة في المدينة لكنهم رفضوا التعاون معه خشية رجوع الحكومة العراقية ومعاقبتهم بعد ذلك على تعاونهم مع الجهاديين.
خلال الشهر الماضي، عزز "داعش" قبضته على رقعة واسعة من الأراضي، بما يقرب من إجمالي 700 كيلومترا، من أقصى الغرب على مشارف مدينة حلب السورية، حيث عبر شمال سوريا ومعظم المنطقة الشرقية وصولاً إلى معظم المناطق ذات الأغلبية السنية في شمال وغرب العراق لتصل إلى أطراف بغداد.
وأشار التقرير إلى أن أولى الخطوات التي قام بها "داعش" في المناطق السورية التي هيمن عليها كانت إقامة عدد من الدوائر المختلفة للإدارة الإسلامية وعيّن فيها مقاتليه والمتعاطفين معه. بمعنى محاكم إسلامية لتسوية المنازعات؛ ومكاتب "حسبة" لفرض قواعد الشريعة؛ ومكاتب "دعوة" للتبشير ونشر أيديولوجيتها.
وتعتبر مدينة الرقة السورية، حسبما ذكر التقرير، تمثيل مصغر لحكم "داعش". وتضم هذه المدينة 500 ألف نسمة في شمال سوريا على طول نهر الفرات. وقام الجهاديون المسلحون هناك بحظر الموسيقى والتدخين وإجبار النساء على الحجاب وقتل المخالفين للشريعة في الساحة الرئيسية، بما في ذلك قطع الرؤوس وتعليق الجثث على خوازيق. وأفادت مجموعة من الناشطين السوريين يوم الجمعة أن امرأة سورية تعرضت للرجم بالحجارة يوم الجمعة بتهمة الزنا لأول مرة. هذا ولم يتم التأكد من صحة هذه الأخبار بشكل مستقل.
وكان تقديم الخدمات ضمن الأولويات الأخرى لتنظيم داعش. ففي مدينة الرقة، تدفع الجماعة رواتب الموظفين المدنيين، وتعيد بناء خطوط الكهرباء التالفة، وتحافظ على الإمداد بخدمات المياه والكهرباء. وخلال شهر رمضان المبارك، وزعت المواد الغذائية وغيرها من المساعدات على سكان الرقة والموصل ومناطق أخرى.
ونشر الناشطون صوراً على تويتر تُظهر رجالاً ملتحين بجلابيب بيضاء يفضلها المتشددون يجلسون وراء مكتب في مسجد بالرقة يسلّمون إعانات نقدية للفقراء. وقام الرجال بطباعة طلبات للحصول على مساعدات كُتب عليها شعار الجماعة بعنوان "الدولة الإسلامية، محافظة الرقة، إدارة الزكاة". وتتوافق هذه الصور مع تقارير وكالة "أسوشييتد برس" من ناشطين في المنطقة.
ونقل التقرير عن أحد الموظفين المدنيين في الموصل ويُدعى ليث (وهذا ليس اسمه الحقيقي بناء على طلبه)، أن "داعش"، فور هيمنته على الموصل، قام بإصلاح خطوط الكهرباء، وضمنت توافر الكهرباء لمدة تصل إلى 18 ساعة في اليوم حتى فجرت القوات الحكومية بعض الأبراج. ورغم عدم حصول معظم موظفي الدولة في الموصل على رواتبهم، فإن المسلحين وعدوهم بالقيام بذلك قريباً. وقال ليث إن أكبر شكوى في المدينة هي النقص الحاد في الوقود منذ مجيء "داعش".
وأشار التقرير إلى أن تنظيم "داعش" لا يعاني من أي نقص في الموارد. فقد استولى على أموال المصارف العراقية التي تُقدر بعشرات الملايين من الدولارات. كما استولى على جميع حقول النفط والغاز الرئيسية في شرق سوريا ، بما في ذلك أكبر حقل نفط في سوريا ويُدعى ’العُمَر‘، بقدرة إنتاجية تبلغ 75 ألف برميل يومياً. وذكر بعض الناشطين في المنطقة أن الجماعة استأنفت بعض الضخ وأمنت الإيرادات من خلال بيع النفط الخام إلى التجار بأقل من أسعار السوق، فضلاً عن التصدير إلى العراق وتركيا من خلال وسطاء باستخدام الشاحنات الناقلة.
ويوم الخميس، استولت الجماعة على حقل غاز في وسط سوريا بعد أن قتلت 100 جندي وعامل في عملية واسعة استهدفت الحقل بمنشآته ،وتقوم الجماعة باعتراض جميع المساعدات الإنسانية والتجارة في الرقة وأجزاء أخرى من سوريا.
وقال أحد نشطاء المعارضة في الرقة، طلب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته: "هناك حظر لأي نوع من التجارة خارج إطار تنظيم الدولة الإسلامية. فالشراء والبيع وغيرها من المعاملات يجب أن يكون من خلال الدولة".
ويرجئ المسلحون المتشددون فرض أحكام الشريعة الصارمة في الموصل، التي تضم مليونَيْ نسمة، أي أربعة أضعاف حجم الرقة، خشية ردود فعل غاضبة من السكان. فلا تُفرض أي عقوبات مشددة حتى الآن، ولم يُنفذ حظر التدخين بشكل صارم.
وتعد الرقة، بحسب التقرير، مؤشراً أكثر صرامة لتصورات جماعة "داعش" وشكل الدولة التي تريدها. يقول الناشط المعارض في الرقة: "إن الجماعة تريد إنشاء مثل هذه الدولة، ولكنها لا تملك في النهاية إلا المال والسلاح". وأضاف قائلا: "لكن من المستحيل أن يستمر هذا الوضع، لأن الناس يكرهونهم".