ارتفاع نسب الحوادث وكراسٍ متهالكة وأرضيات ملوثة والسائق يقوم بكل الأدوار
تدهور حالته بعد نقل تبعيته للنقل العام ولم يعد يستخدم في السياحة
علب صفيح للغلابة في الأعياد والمناسبات لرخص سعره
يعمل منذ الستينات وجدرانه تآكلت ولم يعد يصلح إخفاؤها بالطلاء
رئيس هيئة النقل العام: جارٍ طرح مناقصة لإدخال القطاع الخاص للتطوير
رئيس الهيئة: الأتوبيس النهري آمن ويتم تجديد الرخصة كل 4 أعوام
متعة البسطاء والأغنياء، فكما يبحث القادرون عن الترفيه بالحجز بأفخم الفنادق العائمة والمطاعم النيلية، تجد الفقراء ومتوسطى الدخل يلهثون وراء متعة التجول بين ضفاف النيل عبر الأتوبيسات النهرية بتذكرة بجنيه، لكنها الأن فى حالة متدنية 25 أتوبيسا يعمل منذ الستينات وجدرانه تآكلت ولم يعد يصلح اخفاؤها بالطلاء تمر على 16 محطة وتنقل 9 آلاف راكب يوميا. وتدهورت أحوال الاتوبيسات النهرية بعد نقل تبعيتها للنقل العام ولم تعد تستخدم في السياحة، وأصبحت علب صفيح للغلابة في الاعياد والمناسبات لرخص سعره.
ومن مرسى الأتوبيس النهري بمحطة آخر كوبري الجامعة، توجهنا لحجز تذكرة الدخول، ولا مجال للانتظار بالاستراحة لحين بدء الرحلة، فقد وجهنا العاملين لضرورة النزول عبر سلم خشبي يصل بمدخل الاتوبيس.
وما إن دخلنا حتى فوجئنا بوجود 20 راكبا، وأغلبهم يجلسون في الخلف، والكراسي متهاكلة، والأرضيات تملؤها القمامة وفوارغ المشروبات والاطعمة.. ولحظات ودخل شخص عرفنا فيما بعد أنه السائق ويحمل بين يديه مشروبات غازية وحلويات، يقوم ببيعها للركاب.
وقام بتشغيل الاتوبيس وصعد مرة أخرى للمرسى، ولكننا فؤجئنا بشخص مختل عقليا، قام بإيقاف التشغيل وظل لدقائق يهتف ويشتم ويسب، والركاب فى حالة هلع وخوف من أن يقوم بتشغيل موتور الاتوبيس في غفلة من العاملين بالمرسي، خاصة وأنه لا يوجد فرد أمن أو حراسة داخل الاتوبيس.
وجاء السائق بعد استغاثة الركاب وقام بإخراجه وحاول تهدئة الركاب، مؤكدا أن هذا الشخص لا يستطيع أن يقود الأتوبيس، وبعد أن هدأ الركاب قام السائق بتشغيل الموتور، لتبدأ الادخنة في التصاعد من الجانب الايمن للاتوبيس، ويضطر بعض الركاب لالتزام الجانب الايسر هروبا من تصاعد الأدخنة وصوت الموتور المرتفع.
ورغم أن تعليمات الاتوبيس النهري توضح أنه لا يمكن ان يبدأ جولته إلا فى وجود اثنين من البحارة لتأمين الرحلة على مقدمة وخلف الأتوبيس، إلا أن الأتوبيس بدأ رحلته في وجود السائق فقط.
يجلس محمد عبد المنعم وابنته، ويتحدث إلينا عن رأيه فى الأتوبيس النهري قائلا "بالنسبة لى هو وسيلة للمتعة والترفية، فهو جزء من يوم ترفيهى لي ولابنتى، شمل دخول السينما والذهاب لحديقة الحيوانات، وانتهى بركوب الأتوبيس، والتنزه في نهر النيل".
ويكمل: "ينقص الأتوبيس النهري الاهتمام بالنظافة، فالقمامة تملأ الارضيات والروائح الكريهة، كما أنه لا يوجد عامل للخدمات، وتتصاعد الادخنة مع الصوت المرتفع للموتور مما يعكر صفو الركاب، بالاضافة لغياب الامن، ويكفى دخول احد المختلين، في غفلة من السائق والموظفين في المرسي"
وتوافقه ابنته على حديثه قائلة:" لماذا لا يتم زيادة عدد الاتوبيسات والاهتمام بها لتصبح وسيلة مواصلات للمدارس والجامعات بدلا من الازدحام المروري بشوارع القاهرة، حتى لوسعوا لزيادة سعر التذكرة، خاصة وان الاتوبيس النهري وسيلة أمنة تابعة للدولة وليس مثل المراكب النيلية مرتقعة السعر ولاتمتلك وسائل امان ويكثر بها حوادث التحرش والتجاوزات الاخلاقية ، في حين الاتوبيس النهري وسيلة مواصلات للعائلة ويمكن الاستفادة منه بعد إرتفاع اسعار الوقود" .
غياب الخدمات سمة الأتوبيس النهري، فالسائق هو عامل النظافة وهو بائع المشروبات الغازية وعامل الامن، وهو ما اكده احد الركاب ويدعى عطية عبدالمجيد وكان بصحبة زوجته واولاده، وأوضح :" الاتوبس النهري وسيلة ممتعة، ولا نعتبره وسيلة مواصلات، فهى وسيلة ترفية لانها بطيئة للغاية ولا يمكن الاعتماد عليها في الذهاب للعمل، كما أن عدد المحطات قليل للغاية، وللاسف يفتقد الامن، فقد سبق أن صعد أحد السارقين وكان يستقل مركب وقام بسرقة محتويات الراكبين، ولغياب الامن تم سرقة جميع الركاب في غفلة من المسؤلين"
ويتساءل "عطية": لماذا لا يكون الأتوبيس من دورين ويشمل خدمات التكييف والبوفيه، فهو رخيص السعر عكس المراكب النيلية التى تتكلف الرحلة بها 60 جنيها للعائلة، مطالبا ً بتطويره فهو منذ الستيتنات وأغلب جدرانه تأكلت ولم يعد يصلح إخفائها بعمليات الطلاء.
ويتدخل أحمد موسي، طالب جامعي فى الحديث: كنت أستخدم الأتوبيس النهري للذهاب إلى جامعة القاهرة، حيث إنني اسكن بالقرب من الكورنيش، ولكن مؤخرا أضطررت لاستخدامه كوسيلة ترفيه بصحبة اصداقئ، لرخص سعره، وبدأت أعتمد على المترو في الذهاب للجامعة.
ويحكي الحاج محمد عبدالله :" إن الأتوبيس النهري كان تابعا للمحافظة، وتدهور حاله منذ أن أصبح تابعا لهيئة النقل العام، فقد كان في البداية يتم إستغلاله فى السياحة، ولكن الان أصبح يعامل مثل إتوبيسات النقل العام، فقل عدده وعدد المراسي وتدهورت حالة الاتوبيسات لتصبح علب صفيح للغلابة فى المناسبات والاعياد هروبا من جشع اصحاب المراكب النيلية.
وتحدث سائق الأتوبيس قائلا ً:" أعمل سائق للاتوبيس النهري بمرسي ماسبيرو منذ 3 أعوام وخضت اختبارات ودورات تأهيلية بالهئية، حتى أحصل على رخصة سائق نهري، وعملي من 8 إلى 10 ساعات يوميا مقابل 1800 جنيهاً" .
ويكمل " الأتوبيس يبدأ رحلته من محطة الجامعة إلى ماسبيرو وتستغرق الرحلة حوالي نصف ساعة، ولابد أن يتواجد على متن الأتوبيس اثنان من البحارة لضمان سلامة الأتوبيس والركاب، ويتم الصيانة شهريا بورش الهيئة، وإذا حدث عطل يتم الاتصال بمركز الصيانة ونحن فى عرض النيل" .
ويكمل "السائق": الأتوبيسات بحاجة لتطوير ومراكب جديدة وسريعة وصديقة للبيئة بدون أدخنة وأصوات مزعجة للماتور، وأغلب المشاكل التى تواجهنى هي الشبورة والمراكب الضخمة التى تعترض طريقي والأرض العالية، ولدينا خطوط الجامعة والزمالك ومصر القديمة،وكل خط لديه حوالى عربتان. وتعددت أعطالها، وهذه المراكب يجب استبدالها بأخرى جديدة وحديثة أكبر سرعة وأكثر كفاءة بحيث تلبي رغبة الركاب وتحافظ على البيئة".
وعن وسائل الأمان، أكد أن نسب احتمالات وقوع حادثة أصبحت مرتفعة بسبب تهالك الأتوبيسات وضعف بنيتها وصدأها، لذلك فحياة الركاب في خطر محتمل في أي لحظة.
ويحكي" أضطر لبيع الحلويات والمشروبات لزيادة دخلى وبالاخص فى موسم الاقبال المتزايد مثل الاعياد والمناسبات والأفراح وأعياد الميلاد "
وخلال الرحلة لاحظنا عدم وجود البحارة وقارب النجاة أو العوامات على متن الأتوبيس، والتي من المفروض أن تكون مهمتها حماية الاتوبيس والركاب وفك العوامات وقارب الانقاذ في حالة حدوث مشكلة.
وفي نهاية الرحلة تزاحم الركاب للخروج من الباب الضيق، والعبور عبر السلم الخشبي المتهالك، والذي لا يصلح لعبور صغار وكبار السن
ويرى دكتور مصطفي جندي، خبير النقل والمواصلاتـ ان أتوبيسات النقل النهري من ضمن الامور التى يجب النظر إليها عند تطويرالنقل النهري في مصر من خلال تحسين أداء العاملين فيهاالتعليم والتأهيل والتدريب والبحث العلمي هو حجر الأساس لتطور صناعة النقل النهري، ولهذا فأن قطاع النقل النهري إلى العديد من الدراسات المتخصصة وتشجيع القطاع الخاص على من خلال وحدة الشراكة مع القطاع الخاص بوزارة المالية لطرح عدد من الاتوبيسات النهرية، واستبدال الموجود حالياً بوحدات سريعة وصديقة للبيئة و زيادة المسافة المغطاة لتصل من القليوبية إلى جنوب حلوان والجيزة، وزيادة عدد المراسي للاتوبيس النهري ليصل إلى 30 مرسي واستغلالها سياحياً
ويدافع مصطفى "عن فكرة الشراكة موضحا ً " الشراكة لا تعنى تحولها إلى شكل جديد من الخصخصة للمرافق العامة للدولة، خاصة وأن العائد الذى يحصل عليه القطاع الخاص مرتبط تماماً بأداء الخدمة بالمستوى الموصوف بالعقد، وفى حالة أى إخلال بمستوى الخدمة المطلوب يتم توقيع الشروط الجزائية، مثل فسخ العقد والغرامات وعودة المرافق لادارة الدولة، طبقا للمادة 16 فى قانون 67 لسنة 2010 لتنظيم مشاركة القطاع الخاص فى البنية الأساسية"
ويتوقع فى حالة تطوير منطومة الاتوبسات النهرية سيتم تحويلها لوسيلة مواصلات للعمل والجامعات، وتوفير عائد ربح عالى للدولة "
وصرح الدكتور هشام عطية رئيس هيئة النقل العام ،ل"صدى البلد" أن هناك وحدة للتسيق مع القطاع الخاص بوزارة المالية للاعلان عن مناقصة للقطاع الخاص للعمل على تطوير واستثمار منظومة الاتوبيسات النهرية من مراكب ومراسي، موضحا ً ان القطاع الخاص ستولى ضح وحدات جديدة مكيفة صديقة للبيئة بأسعار سياحية، ولن يتم التأثير على الوحدات القديمة واوضاع العاملين بها، وسام إستغلال العائد لتطوير المنظومة القديمة
ويكمل "سيكون بداية العمل بعمل مراسي بمنطقة أول ركن فاروق فى حلوان حتى القناطر الخيرية، تحت اشراف هيئة النقل العام وستضع الهيئة ضوابط العمل، وستحصل على نسبة من الارباح تستغل لرفع كفائة وتطوير الاتوبسات النهرية التابعة لهيئة النقل العام، وسيقوم بجذب فئة جديدة من الركاب، ولن يتم المساس بشريحة ركاب الاتوبيس النهري القديم "
ويدافع رئيس الهيئة عن فكرة غياب وسائل الامن بالاتوبيس النهري قائلا ً " الاتوبيسات النهرية من أكثر وسائل المواصلات امنا، ويتم الكشف دوريا وتجدد الرخصة كل اربعة سنوات، ويجدد المحرك بشكل مستمر"
ويكشف "عطية " أن تكلفة مشروع تطوير قطاع أتوبيسات النقل النهري لم تحدد بعد ولم يحدد اسماء الشركات أو عدد الوحدات والمراسي التى سيتم إنشائها أو التكلفة الفعلية المشروع، ولن يتم ذلك إلا بعد عرض المناقصة من قبل وزارة المالية.
وينقد "هشام "سلوكيات ركاب الأتوبيس النهري والذين يتجاهلون تعليمات النظافة الخاص بالوسيلة، وبعضهم يراها وسيلة ترفيه فقط دون ان تكون وسيلة مواصلات، موضحا ً أنه لاعجز فى اعداد سائقي الاتوبيس النهري ، وإذا تم الحاجة، يتم الاستعانة بالجهاز التنظيم والإدارة لضخ سائقين، ويتم تدربيهم وتنظيم دورات تدربية لهم وخضوعهم لاختبارات قبل التعيين والحصول على رخصة سائق نهري من هيئة النقل النهري.
ويكشف "كل اتوبيس لابد أن يكون لديه سائق واتنان بحارة ومعدات الامن الصناعى من طفايات الحريق واطواق النجاة وقارب النجاة، وكذلك ميكانيكى وكهربائي، وبالنسبة للامن لا يتواجد على متن الاتوبيس ولكن بالاستراحات والمراسي، وجارى إنشاء بوفية لكل أتوبيس ويكون لهى عامل مستقل به "
وعند مواجهته بواقعة المختل، أكد أنه لابد من التحقيق فيها، ومحاسبة المسؤلين بالمرسي، خاصة أنه لم يعترض من قبل أى سائق، وكان من المفروض أن يمنع من الدخول من قبل شرطة المسطحات النهرية والرقابة الميدانية ومباحث الأمن العام والريس البحري، وتساءل كيف سمحوا له بدخول الأتوبيس وتوعد بمحاسبة المسئولين عن تلك الواقعة.
وأنهى حديثه أن هناك حوالى 25 أتوبيس نهريا و16 محطة ومرسي، وينقل حوالى 9 آلاف مواطن وهو معدل قليل، والأتوبيسات مسئولية هيئة النقل العام بشكل مطلق، وهيئة النقل النهري هى مسئولة عن إصدار الرخص وتأمين المراكب فى نهر النيل بشكل عام.