قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الفيل الأزرق والهوس الجنسي


بالرغم من أنني لا أتحمس لدخول الأفلام المصرية في السينما نظرا لأن أغلبها ركيك الصناعة، إلا أنني قررت دخول فيلم "الفيل الأزرق"، بعد أن وجدت حملة إعلامية وفيس بوكية تشيد بالفيلم، وبعد مشاهدة الفيلم أدركت أن جميع هذه الدعاية وهمية، وأنني أمام سيناريو لفيلم به الكثير من المشاهد التعسفية، والكادرات المنقولة من أفلام أمريكية والتي أذكر منها مشهد غمر الطبيب يحيى وجهه في الماء المأخوذ من مشهد لروبرت دي نيرو في فيلم "Righteous Kill" ، والمشهد الأول الذي جمع بين شخصية "شريف الكردي" الذي يجسده خالد الصاوي والطبيب "يحيى" الذي يجسده كريم عبد العزيز في المستشفى المأخوذ من مشهد استجواب المسجون الذي كانت تتلبسه روح شريرة أيضا في فيلم "Identity" من بطولة جون كيوزاك.
فيلم "الفيل الأزرق" مأخوذ عن رواية أحمد مراد التي حصلت على جائزة البوكر العربية وهو نفسه مؤلف الفيلم. يدور الفيلم حول الهوس الجنسي الذي تعيش فيه المجتمعات العربية وقد تطرق له الفيلم من خلال شخصيات السيناريو منها: شخصية الرجل الثري الذي يلعب البوكر ويغزل من وحي خيالة قصص جنسية هو بطلها المغوار تعويضا عن ضعفه الجنسي. وشخصية شريف الذي لم يستطع الإنجاب من زوجته عبر سنوات زواجه - ولم يوضح الفيلم بسبب العقم أم الضعف الجنسي- فتضطر زوجته للجوء الى السحر الأسود لتحسين العلاقة الجنسية بينهما. وشخصية الطبيب النفسي يحيى المتمزق بين ثلاثة أنواع من العلاقات النسائية هن الحبيبة "لبنى" التي تزوجت غيره وبالرغم من ذلك ظل يحلم بها ويشتهيها ، والزوجة المتوفية زميلته في العمل وكما جاء على لسان الشخصية "ماكنش بيننا أي أرض مشتركة" فرفضها جنسيا بالرغم من إنجابه منها، والعشيقة "مايا" التي تشعره بذكورته.
وقد أفصح سيناريو الفيلم عن فكرته الرئيسة المتمحورة حول الهوس الجنسي وتداعياته على الإنسان على لسان شخصية "خديجة" رسامة التاتو "حياتنا كلها متوقفة على العلاقات الجنسية لو نجحت بنعيش سعداء ولو فشلت بنجرح في بعض". لكن السيناريست قدم شخصيات جميعها يسير وراء غريزته البيولوجية دون ظهور شخصية سوية أو خط أخلاقي واضح في الفيلم جعلنا لا نخرج من الفيلم بأي هدف إيجابي.
أما عن حبكة سيناريو الفيلم فقد إفتقدت المنطقية في العديد من المشاهد وكان التعسف الدرامي سيد الموقف ، فعلى سبيل المثال في المشهد الذي جمع بين "يحيى" و"مايا" في منزله راحت الأخيرة تثني على الأول وتمتدحه وتطلب منه الزواج ثم تهديه علبة بها أقراص هلوسة معروفة بالحبة الزرقاء مرسوم عليها فيل ، فالدافع من وراء إعطائها هذه الأقراص ليحيى غير موجود وبالتالي فظهور هذه الأقراص في هذا المشهد تعسفي. من المدهش أيضا في الفيلم أن تكون أقراص الهلوسة هي المدخل لفك طلاسم حالة شريف المرضية ، فكيف لشخص مغيب عقليا أن يدرك كل هذه التفاصيل التي تأتيه عن طريق حلم؟ وهي رسالة سلبية الى المتلقي لأن كشف الحقائق لا يتم تحت تأثير أي مخدر وإنما يتم بيقظة تامة.
الفيلم وضع المتلقي في مواجهة تساؤلات عدة لم يجب عليها منها : كيف وصل قميص شخصية "نائل النكاح" المسروق من المتحف الإسلامي الى شريف؟ ، من هي شخصية عم سيد المتوفي منذ سنوات الذي ظهر للطبيب يحيى في المستشفى عدة مرات في الواقع وأعطاه قميص قديم من عنده، وظهر له أيضا في الحلم أثناء تأثير حبوب الهلوسة عليه؟ مما يجعل المشاهد في حيرة من أمره هل شخصية يحيى مريضة نفسيا أم سوية؟.
شخصية "لبنى" التي جسدتها نيللي كريم مقحمة على الفيلم فهي شخصية دون دور فاعل وكان من الممكن الإستعاضة عن ظهورها بالحديث عنها أو الحوارات التليفونية فقط ، ولكن يبدوا أنه لا فيلم سينمائي دون بطلات.
بعد كل مارصدناه علينا أن نتساءل ما السر وراء شعبية فيلم "الفيل الأزرق"؟ والإجابة تتلخص في النقاط التالية: أولا: لأن أغلب جمهور السينما المصري غيرمنتفتح على التجارب السنيمائية العالمية وغير متمرس على تحليل الخطاب والعلاقات في الدراما. ثانيا: لأن هذا الفيلم إذا ماوضع بجوار أفلام العيد التي جميعها تقريبا من إنتاج السبكاوية التي تخاطب الشريحة المجتمعية الأقل ثقافة وتعليماً يكون بمثابة فيلم مبهر. ثالثاً: أن الفكرة الرئيسية للفيلم تدور حول الهوس الجنسي في المجتمعات العربية بشكل عام ومصر نموذجا ، وهذا بمفرده كافي لإنتشار أي منتج فني أياً كان نوعه في أغلب دول الوطن العربي.