بوتفليقة يوقع قرارا للحد من تواجد المخابرات العسكرية بالمنشآت العامة

أكدت مصادر حكومية أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وقع قرارا يحد من تواجد المخابرات العسكرية في المؤسسات العامة للتقليل من شأن خصومه وضمان التحول السلمي للسلطة عندما يتنحى.
ومنذ الاستقلال عن فرنسا في عام 1962 هيمن على المشهد السياسي في الجزائر صراع على السلطة خلف الكواليس بين قادة عسكريين ومدنيين للسيطرة على قطاعات من الحكومة.
ويقول محللون إن بوتفليقة بدأ قبل عام اتخاذ خطوات لإخراج الجيش وجهاز الاستعلامات والأمن التابع له من المشهد السياسي قبل إعادة انتخابه لفترة رابعة في أبريل الماضي ليمهد لخروجه من السلطة في نهاية المطاف.
لكن بوتفليقة سرع وتيرة إصلاح جهاز الاستعلامات والأمن منذ إصابته بجلطة في المخ العام الماضي أضعفت قواه وأثارت تساؤلات بشأن من سيخلفه بعد حكم مستمر منذ 15 عاما.
وقال ضابط متقاعد من جهاز الأمن لرويترز طالبا عدم نشر اسمه لانه ليس مخولا له الحديث مع الإعلام إن بوتفليقة يريد أن يركز جهاز الاستعلامات والأمن بشكل أكبر على الأمن وأن يتحلى بقدر أكبر من الحرفية. وبهذا يمكن أن تكون إصلاحاته إيجابية."
وقالت المصادر إن القرار الذي وقعه الرئيس يقضي بأن تسحب الإدارة مسؤوليها من المؤسسات العامة في أوائل أكتوبر حسبما. لكن القرار لن ينشر في الجريدة الرسمية وهي السجل الذي يجعل القوانين سارية بشكل رسمي فور نشرها فيه.
ولعب جهاز الاستعلامات والأمن دورا حيويا في التسعينيات عندما كانت الدولة على شفا الانهيار في صراع مع متشددين إسلاميين قتل خلاله 200 ألف شخص.
وقال مراقبون دوليون إن الانتخابات الجزائرية كانت حرة ونزيهة بشكل عام وإن الرئيس والبرلمان اختيرا من خلال صناديق الاقتراع. لكن الكثير من الجزائريين يرون أن العشائر المتنافسة داخل جبهة التحرير الوطني وقادة الجيش هم الذين يسيطرون على مقاليد الأمور في الشأن السياسي من خلف الكواليس.
ويقول محللون ومصادر جزائرية إن بوتفليقة دفع الجيش ببطء خارج المشهد السياسي وعزز موقف عشيرته وحول الجزائر بشكل أكبر إلى دولة مدنية استعدادا لتنحيه.
وتراقب واشنطن والعواصم الأوروبية عن قرب الاستقرار في الجزائر التي تلعب دورا أساسيا في الحملة الغربية على التشدد الإسلامي في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل. كما أن الجزائر مورد رئيسي للغاز لأوروبا.
ولم يشاهد بوتفليقة (77 عاما) في العلن إلا فيما ندر بعد تعافيه من الجلطة العام الماضي الأمر الذي أثار تكهنات في وسائل الإعلام المحلية بشأن قدرته على انهاء فترة ولايته التي تنقضي في 2019.
وحتى عندما خطفت جماعة متشددة مواطنا فرنسيا وأعدمته قبل أسابيع لم يظهر بوتفليقة علنا ولم يدل بأي تصريحات تاركا لرئيس حكومته مسألة الاتصالات القادمة من باريس.
ووضع بوتفليقة حدا للتكهنات مرة أخرى عندما ظهر مع الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي.
والقرار الخاص بجهاز الأمن هو أحدث إجراء يتخذه بوتفليقة للحد من دور الجيش في السياسة. وقبل بضعة أشهر حل دائرة الاستعلامات بجهاز الأمن وأنهى مهمة كانت موكلة إليه للتحقيق في مزاعم فساد كما عزل عددا من كبار قادته.
وقلصت توجهاته المكاسب التي حققها جهاز الأمن في التسعينيات عندما انزلقت الجزائر إلى دائرة الفوضى في الصراع مع الإسلاميين عندما لم تستطع الحكومة المدنية بسط سيطرتها على الأمور.
وأصبح مدير جهاز الأمن محمد مدين شخصية مؤثرة في تحديد القيادة السياسية.
ومع تصدر الأمن والاستقرار الأولوية استطاع جهاز الاستعلامات والأمن أن يوسع دوره في محاربة الإرهاب مما زاد من نفوذه في السياسة والإعلام والقضاء تحت مسمى خوض حرب.
وقال أحد المصادر إن قرار بوتفليقة إنهاء وجود جهاز الأمن في المؤسسات العامة ومنها وزارات وشركات تملكها الدولة مؤشر على أن "التهديد الإرهابي الموجه لها لم يعد كبيرا".
وقال المحلل الأمني أنيس رحماني إنه في التسعينات كانت المؤسسات العامة معرضة لخطر الإرهاب وكان مطار الجزائر مستهدفا وكذلك عشرات المؤسسات العامة.
"والوضع الآن تحسن لدرجة تجعل وجود جهاز الاستعلامات والأمن غير ضروري."