قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

انتكاسة المدمنين


لعل أصعب ما يواجه المدمن وفريقه العلاجي والأسرة هو ما يسمى بالانتكاس أو العودة للتعاطي، والانقطاع عن البرنامج العلاجي، والارتداد إلى السلوك الإدماني بكل تبعاته.
ولا يمكن إنكار مشكلة الإنتكاس أو العودة للتعاطي، خاصة مع متعاطي الخمور والأفيونات والكوكايين والمنشطات والمنومات والمهدئات الصغرى والحشيش والمذيبات الطيارة، ولكن بدرجات متفاوتة، فمعدلات الإنتكاسة في الأصناف الثلاث الأولى تتجاوز نسبة 90% لمرة واحدة، و 85% لمرتين، و 80% لثلاث مرات أو 75% لأكثر من ثلاث مرات في العام الواحد.
بينما تشير تقارير أخرى إلى أن نسبة 40-60% ممن يعالجون من إضطرابات تعاطي المواد المؤثرة نفسياً ينتكسون على مدار العام التالي للعلاج.
فالإنتكاسة هي عودة المشكلة بعد فترة من التحسن، والوقاية من الانتكاسة تحتاج إلى مجهود ذاتي من المريض والمعالج حتى يتغلب على الاشتياق واللهفة للمخدر والذي يمكن أن يستمر لفترة طويلة.
والعودة لغوياً هي: الرجوع إلى الشيء بعد البدء فيه فالرجوع إلى الشيء مرة واحدة كافياً ليسمى الفعل عوداً، والفعل عائداً.
لذا يخطئ من يظن أن الإنتكاس هو مجرد الإستخدام مرة أخرى للعقار، بل أن الحقيقة يبدأ الإرتكاس قبل إستخدام العقار بوقت غير قصير
ولا تشير الإنتكاسة فقط إلى الحدث الذي تم خلاله التعاطي وخرق القواعد الخاصة بالتعافي وإنما أيضاً مجموعة العلامات والإشارات التحذيرية التي تظهر قبل قيام الشخص بتعاطي المخدر سواء كانت هذه العلامات مثيرات من البيئة الخارجية أو إشتياق داخلي.
ويمكن لنا أن نفرق بين ثلاث مراحل للإنتكاس ألا وهي:-
أ- الهفوة: Lapse
وتعرف بأنها نوبة أولية لتعاطي العقار بعد فترة إنقطاع، وتشافي، أو إستخدام معتدل. وتكرار الهفوة يعني الإنتكاس، وهي أول تعاطي أو إستخدام للعقار بعد فترة إنقطاع.
ب- الكبوة الأمامية: Prolapse
وتعني الإنزلاق للأمام Slide on fall forward وهي مرحلة تعقب مرحلة الهفوة وتتميز بأنها مرحلة وسطى بين الإنتكاس والتشافي ويمكن تجاوزها إلى مرحلة التشافي إذا إستطاع الفرد إستجماع قواه مرة ثانية.
ج- الأنهيار التام: Collapse
ويعني السقوط التام، وهي مرحلة متأخرة من مراحل الإدمان تتميز بتكرار حدوث الإنتكاس، وفقدان السيطرة، وقد تحتوي على الإصابة بمرض خطير أو الموت.
فالمدمن من الممكن له أن يجتاز مرحلة الهفوة أو الزلة أو السقطة المؤقتة وتمر عليه كخبرة تعليمية يلاحظ من خلالها بعض العلامات والمؤشرات الهامة التي يجب أن يحتاط منها مستقبلاً سواء كانت هذه العلامات داخلية نابعة من داخل الشخص نفسه أو خارجية نابعة من مؤثرات البيئة المحيطة به وممكن أن تؤدي به إلى العودة مرة أخرى للإنتكاس حسب درجاتها من الهبوط إلى الإنتكاس الكامل وحسب تسلح المدمن بالأسلحة السلوكية والمعرفية والتكنيكات التي تهيئ له قدراً من رؤية جديدة للتعامل مع المواقف ذات الخطورة العالية أو العلامات والمؤشرات التحذيرية المنذرة بالإنتكاس
كما أن هناك مفهوم آخر هام يرتبط بالإنتكاس ألا وهو:-
الأشتياق أو اللهفة: Craving
ويقصد بالأشتياق المشاعر الإيجابية والحوافز التي تربط المدمن بالمخدر ويطلق عليها المدمنون لفظ الشعوذة. وقد أستخدم هذا المصطلح في البداية للإشارة إلى الحوافز القوية لخبرة تعاطي الهيروين لدى متعاطيه في أثناء مرحلة الأعراض الإنسحابية، وقد أستخدم فيما بعد للتعبير عن الرغبة القوية الملحة لتعاطي أي نوع من المخدرات في أي وقت
والعملية العلاجية تمثل إصلاح وبناء لمدمن تداعت قدراته الذاتية والمعنوية بدءاً من إزالة السموم من جسده وإعادته إلى حالته الطبيعية، مروراً بالبناء المعرفي وإعادة تشكيل طريقة تفكير المدمن وكيفية استجاباته لمشاعره النفسية والعاطفية، وإنتهاء بتبصيره بالعوامل التي ساهمت في إنخراطه في عالم المخدرات وإلحاقه بمجتمعه وتهيئة الفرصة له للبدء من جديد.
لذا فالعملية العلاجية عملية تحتاج إلى جهد وتعاون بين الفريق المعالج والمدمن وأسرته لإنجاح العلاج وبلوغ مرحلة التعافي من الإدمان. والتصدي لعوامل الإنتكاسة يحتاج أن يفهمها كل من المدمن وأسرته للتقليل والحد من فاعلية تلك العوامل التي تجذب المدمن إلى الإنتكاس.
لذا علينا جميعاً كأفراد داخل المجتمع وكأسر تعمل جاهده على حماية أبنائها من وحش الإدمان ، وكعاملين فى الحقل النفسي والطبى أن نعى أهمية الإنتكاس كتحدي يواجه الفريق العلاجي والعملية العلاجية وكون الإنتكاس جزء من العملية العلاجية، فلا يوجد ما يسمى بالإنتكاس إلا في رحلة علاجية أو من خلال تتبع المدمن لمراحل وخطوات برنامج علاجي، يدرب فيه على الوقاية من العلامات والمؤشرات المنذرة بالإنتكاس.
فالهدف الأساسي هو منع الإنتكاس أو إطالة فترة الإقلاع عن التعاطي، ومساعدة المدمن على تجنب مواقف الإنتكاس من خلال المتابعة والاستمرارية في التمسك بالأسلحة الواقية من تكنيكات معرفية وسلوكية تجنبه الوقوع مرة ثانية في براثن الإدمان ولأهمية الموضوع وخطورته سوف نستكمله فى المقال القادم بإذن الله تعالى.