ديفيد جاردنر: الاستثمار في الشرق الأوسط فرصة للربح رغم المخاطرة

دعا الكاتب البريطاني ديفيد جاردنر المستثمرين إلى مكافحة الصراع والاضطراب المتزايد في منطقة الشرق الأوسط والمخاطرة بحثا عن الربح.
واستهل مقالا نشرته الـفاينانشيال تايمز بالقول إن الحديث عن المخاطرة في الشرق الأوسط كمنطقة من أكثر مناطق العالم اضطرابا، عادة ما يبدو مثل التساؤل عما إذا كان من الممكن أن تنحدر الأوضاع إلى الأسوأ؟ وعادة ما يأتي الجواب بالإيجاب.
وأضاف جاردنر أنه إذا كانت الحرب الأهلية في سوريا، على سبيل المثال، قادت إلى سقوط نحو 300 ألف إنسان وتشريد أكثر من نصف تعداد السكان والتقسيم بحكم الواقع للبلد، وإذا كان العراق في الجوار يعاني التمزق تحت وطأة طائفية متثاقلة، فإن الاتفاق الحديث الذي أبرمته إيران مع أمريكا وخمس قوى عظمى أخرى قد يكون تحويليا لمسار الأوضاع في المنطقة.
وأكد أن البديل عن هذا الحل الدبلوماسي كان الحرب الإقليمية الأكبر في منطقة تمزقها بالأساس طائفية قديمة بين سُنة وشيعة وحروب بالوكالة، بالإضافة إلى تنظيم داعش الذي يهدد الجميع مستغلا إحباطات يعانيها السنة وحالات فشل في دول متسلسلة.
ولفت إلى أن داعش هو تنظيم ذاتي التمويل وجيد التسلح ويسيطر على نحو ثلث العراق وحوالي نصف سوريا، وبه ضباط عراقيين سابقين يمثلون عمودا فقريا إداريا، وهو يتصف بالوحشية والتطور في ذات الوقت، كما يتقن فتح ثغرات له في البلاد المجاورة .. وإذا كانت الحملة الجوية التي تقودها أمريكا قد حققت نجاحا جزئيا في احتواء داعش، فإنها أخفقت حتى الآن في منعه من توطيد أركانه.
أما الحلفاء التقليديون لأمريكا في المنطقة بما فيهم إسرائيل، فهم يخشون أن يؤدي طرح العقوبات عن كاهل إيران إلى أن تستخدم الأخيرة ثرواتها للحفاظ على مكاسبها إن لم يكن تعزيزها في المنطقة العربية .. ونوه جاردنر عن أن هؤلاء الحلفاء رأوا كيف أسهم اجتياح أمريكا للعراق وتولي الشيعة زمام السلطة هناك، في تمكين إيران من بناء محور شيعي في الشام من بغداد إلى بيروت متجها صوب الخليج.
وأعاد إلى الأذهان نصيحة باراك أوباما للأنظمة العربية بخفض انزعاجها من طهران والانشغال بدلا من ذلك بمشاكلها الداخلية حتى هبت عواصف الربيع العربي .. ورأى جاردنر أن نفوذ أمريكا وأوروبا كفاعلين خارجيين تقليديين في المنطقة قد ضعف على نحو فتح الباب أمام روسيا لاستعراض قوتها في سوريا.
وقال إن هذا الوجود الروسي قد يشجع إيران التي تدعم الأسد هي الأخرى حتى تستفيد من هذا الوجود، غير أن روسيا لم تكن يوما في الشرق الأوسط أكثر من مجرد منافس يسعى لتفويت الفُرص على أمريكا.
ورأى الكاتب أن العقلية التي استخدمتها إيران إبان التفاوض على الاتفاق النووي لرفع العقوبات تؤكد التوجه البراجماتي النفعي لإيران الباحثة عن شرعنة لوضعها كقوة إقليمية تتعامل مع جيرانها وتعيد الاتصال بالاقتصاد العالمي والبدء في توفير فرص عمل لشبابها المتعلم الجموح.
وأكد جاردنر في هذا الصدد أن أكثر ما تريده إيران في الوقت الراهن هو المال .. ودعا إلى ترجمة الاتفاق النووي مع المجتمع الدولي إلى اتفاق مع دول الجوار، فيما يُسميه الرئيس أوباما "حوارا عمليا" بحيث تساعد إيران على سبيل المثال في تيسير عملية انتقال سياسي في سوريا للخروج من حمأة الحرب الأهلية، على أن تساعد دول الخليج الغنية في المقابل في تمويل احتياجات طهران المالية التي يُقدّرها متخصصون اقتصاديون بنحو 850 مليار دولار على مدار السنوات الخمس المقبلة.
وتحتاج إيران المساعَدة لتمويل كميات ضخمة من السلع الرأسمالية، من الطائرات إلى البنية التحتية في قطاعات النفط .. فيما تعتبر -الإمارات العربية المتحدة على سبيل المثال بما تتمتع به من ثرواتها السيادية وشركات بناء دولية وشركات اقتصادية إيرانية ضخمة متناثرة في دبي- مؤهلة بشكل جيد للانتفاع الاستثماري.. واختتم جاردنر قائلا إن المخاطرة، حتى في الشرق الأوسط، تمثل فرصة.