سر وصية رسول الله بـ«حسن الخلق»

يوصينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دائما بتقوى الله تعالى وأن نكفر عن سيئاتنا بفعل الكثيرمن الطاعات والأعمال الصالحة وأن نعامل الناس بحسن الخلق، فحسن الخلق مفتاح كل خير، ورردت الكثير من الأحاديث النبوية التى تحثنا على ذلك ومنها، ما ورد عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، قَالَ: قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي، قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ , وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ»، رواه الترمذي حديث حسن صحيح.
وقال الإمام صفى الرحمن المباركفوري فى شرحه لجامع الترمذي، أن قوله –صلى الله عليه وسلم- :«يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي، قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ»، أصل التقوى هى أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية تقيه منه فتقوى العبد لربه أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من ربه من غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من عذاب الله وهو فعل طاعته واجتناب معاصيه.
وأضاف المباركفوري فى شرح الحديث، أن المقصود من قول النبى: «حَيْثُمَا كُنْتَ»، فيه إرشاد إلى عبادة الله على وجه المشاهدة فإن لم يكن فعلى الأقل على وجه المراقبة فالمطلوب من العبد أن يتقي الله في أي مكان كان فلا يتقيه في مكان يراه الناس فيه ولا يتقيه في مكان لا يراه فيه أحد فإن الله يراه حيثما كان فليتقيه حيثما كان.
وأوضح الإمام أن معنى قوله: «وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا»، أى لما كان العبد مأموراً بالتقوى في السر والعلانية مع أنه لا بد أن يقع منه أحياناً تفريط في التقوى إما بترك بعض المأمورات أو بارتكاب بعض المحظورات فأمره بأن يفعل ما يمحو به هذه السيئة وهو أن يتبعها بالحسنة.
وبين أن هذا القول فيه إشارة إلى أن الحسنة تزيل السيئة فإذا كانت الحسنة هي التوبة فهي تمحو أي سيئة، وأما إذا كانت الحسنة عملاً صالحاً فإنه يوازن بين السيئة والحسنة فإذا رجح العمل الحسن على السيئ زال أثره بل إذا كان مع العمل الصالح توبة وتضرع وبكاء وندم كلما ذكر الذنب أو العمل السيئ كتب بذلك حسنات.
وأوضح أن المقصود من قول الرسول: «وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» أى خالطوا الناس بالأخلاق الحسنة وزايلوهم بالأعمال الصالحة، وهذا القول يشير إلى الخلق الحسن عامة دون تحديد لأخلاق معينة بحيث يجتهد العبد في كل ما هو حسن من الخلق فيتجمل به ويكون عنده حرص على كل ما يحسن خلقه مع الناس.