الشبكة بين المهر والهدية.. ابتدعها المصريون.. ومن حق الرجل عند فسخ الخطوبة

الشبكة بين المهر والهدية
«علي جمعة»:
الشبكة مهر ابتدعه المصريون وأفضل الزوجات أقلهن مهرًا
«مبروك عطية»:
الشبكة من حق العريس حتى لو كان المتسبب في فسخ الخطبة
«البحوث الإسلامية»:
الشبكة كجزء من المهر تُرد للرجل طالما لم يعقد القران وإن تسبب في فسخ الخطبة
«الإفتاء»:
مهر الزوجة يظل دينًا في رقبة الزوج حتى يسدده يعاني شباب هذا الزمان -المُقبل على الزواج- من مغالاة الأهالي في المهر والشبكة، تحت عنوان «الشبكة هدية العريس»، بما يطرح تساؤلات عدة، هل الشبكة جزء من المهر أم هدية العريس؟ ومن الأحق بالمهر العروس أم أهلها؟ وحال فسخ الخطبة لمن الشبكة؟ من هنا استطلع «صدى البلد» حكم الشرع في هذه المسألة.
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق، إن المهر في الإسلام حقّ من حقوق الزّوجة يدفعه الزوج كعطية واجبة تُعطى للطرف الثاني -الزوجة-، مستشهدًا بقول الله تعالى: «وآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا» [النساء: 4].
وأوضح أن الآية الكريمة السابقة تقرِّر مبدأ عظيمًا، وهو حقُّ الملكية الفردية للمرأة، وأن الصداق حق لها يجب دفعُه إليها طيِّبة به النفسُ، وهو دليل على صدق الرغبة فيها، لا ثمن لبضعها؛ فإن الحرائر لا تُشترى ولا تباع.
الشبكة وابتداع المصريين
وأكد «جمعة» أن المهر ليس ركنا من أركان الزواج، لكنه أمر ابتدعه المصريون، والشبكة تُعد جزءًا من المهر، كما جرى العرف؛ لأن الناس يتفقون عليها في الزواج، وهذا يخرجها من دائرة الهدايا ويلحقها بالمهر، وقد جرى اعتبار العرف في التشريع الإسلامي؛ لقوله تعالى: "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ" [الأعراف: 199].
وجاء في الأثر عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "ما رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ الله حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ الله سَيِّئٌ" أخرجه أحمد والطيالسي في مسنديهما. فالشبكة من المهر، حتى إن الشبكة المقدمة من الخاطب لمخطوبته تكون للخاطب إذا عدل أحدهما أو كلاهما عن عقد الزواج، ولا يؤثر في ذلك كون الفسخ من الرجل أو المرأة؛ لأن الشبكة جزء من المهر.
وأشار إلى أن أيسر الفتيات مهرًا على الرجل هي أفضل الزوجات، فمنذ ترك الأهالي البساطة في الزواج، أدى ذلك إلى تأخر سن الزواج في المجتمع، مدللا بحديث وصفه بالضعيف، ولكن معناه صحيح وهو:«أقلهن مهرًا أكثرهن بركة»، أي أقل النساء مهرًا هي أكثرهن بركة للزوج، موضحًا أنه يجوز أن يكون المهر في صورة أموال أو شيء عيني.
المهر ملك العروس
من ناحية أخرى، نبهت أمانة الفتوى بدار الإفتاء، بأن مهر العروس ملك لها، وليس لأهلها ولا لغيرهم منه شيء إلا أن تسمح نفسها وتجود بذلك؛ قال تعالى:«وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً» [النساء: 4]، وقال عزّ مِن قائل كريم: «وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ﴾ [البقرة: 229]، فنسب النصُّ العزيز المهر إليهن لا إلى غيرهن من أهل أو غيرهم، وشأن ولي الأمر أنه القائم بمصالح المُوَلَّى عليه، فإن طابت نفوس المعقود عليهن بإنفاق المهر أو جزء منه في المصارف المذكورة بالسؤال فلا حرج في ذلك، ولا شك في جواز ذلك.
فيما قال الدكتور مبروك عطية، الداعية الإسلامى، إن الشبكة من حق العريس وليس لأهل العروس حق فيها حتى لو كان العريس هو الذى قام بفسخ الخطبة، طالما لم يعقد القران.
واتفقت معه لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، بأنه إذا قدم الرجل شيئًا من المهر لخطيبته قبل أن يعقد عليها، ثم فسخ الخطبة لسبب أو لدونه، فله الحق في أن يسترد ما دفعه لأجل الزواج، لأنه دفعه للزواج ولم يتم، موضحة أن الخطوبة وعد بالزواج لا تترتب عليه أي حقوق أو التزامات، فإن كانت الشبكة مشروطة من قبل المرأة ووليها، وقدمها الرجل على أثر شرطهم، باعتبارها جزءًا من المهر، ثم فسخ الخطبة، فله أن يستردها كاملة إن كانت باقية.
وأضاف عطية: "أما إن تصرفت فيها المرأة، فعليها أن ترد قيمتها، لأن المرأة لا يستقر ملكها للشبكة أو بعض منها إلا بالعقد ولم يحدث"، مشيرًا إلى أنه بالنسبة للذهب الذي ينفقه الزوج بمحض إرادته دون شرط من الولي ولا المرأة، وينفقه كهدية لها، فالفتوى على أنه إن تم الفسخ من قبله فيجوز أن يؤخذ منه قدر ماعاد من ضرر بسبب الفسخ.
دين في رقبة الزوج
فيما أقرت أمانة الفتوى بدار الإفتاء، بأن المهر يصح كونه حالًّا ويصح كونه مؤجَّلًا في الذمة؛ فإذا استدان الرجل قيمة المهر فلا يكون هذا مبطلًا لنكاحه، ولا فرق بين أن يكون الدائن هو من سيتزوجها أو غيرها ولا يقدح ذلك في صحة نكاحه منها بعد ذلك، ولا يكون إثبات هذا المهر المستدان من الزوجة في وثيقة النكاح تدليسًا بحال من الأحوال، ولا يصح ادعاء بطلانه وإلّا لبطل كل نكاح فيه مهر مؤجَّل في الذمة.
وأفادت دار الإفتاء، بأن المهر قد وجب بالعقد، وتأكد بالدخول فأصبح جميعه دينا قويا في ذمة الزوج، لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء، فلا يسقط شيء منه بالدخول، ولا بمضي مدة بعد الدخول مهما طالت؛ إذ الحق لا يسقط بتقادم الزمان.
وقالت إن المهر دين للمرأة على زوجها، ولها أخذه من تركته حال وفاة الزوج ، ومثله ما لو كان حيا بعد الدخول، ولا يقضى بسقوط شيء منه بحكم الظاهر.