أكد الشيخ علي فخر، مدير إدارة الحساب الشرعي وأمين الفتوى بدار الإفتاء،أن الفقهاء اختلفوا في صيام ستة أيام من شوال بعد يوم عيد الفطر،التي وردت في السُنة النبوية الشريفة.
وأوضح «فخر»،في برنامج «فتاوى الناس»،أن هذا الأمر فيه خلاف كبير بين الفقهاء، وإن كان اختلافهم بيانًا لحلاوة هذا الدين وسعة الاختيار، فيُمكن للمُسلم أن يصوم ستة أيام متتابعة عقب العيد مباشرة، ويمكنه أن يصوم ثلاثة أيام قمرية ويكمل بثلاثة آخرين قبلها أو بعدها، ومن الممكن له أيضًا أن يصوم يوما الإثنين والخميس من كل إسبوع ويتمم ستة أيام من شوال.
وأضاف أن جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة ومتأخري الحنفية ذهبوا إلى أنه يُسن صيام ستة أيام من شهر شوال بعد يوم عيد الفطر، ويُقال متأخري الحنفية لأن الإمام أبي حنيفة كره أن يُصام ستة أيام في شوال متتابعة أو متفرقة، حيث خاف أن يُلحق هذا برمضان.
وعلل ذلك، فقال: حتى لا يُلحق بعض أهل الجفاء - المتشددين- هذه الأيام بشهر رمضان، ويظنوا أنها من رمضان، أي أنهم يتممون بها رمضان، فتتوارثها الأجيال حتى يتناسى الأمر التشريعي الأول، ثم يظن الناس أنها من تمام شهر رمضان، فقد عبروا عن هذا بقول بعض العوام في أزمانهم «أننا نُشيع رمضان بست من شوال».
وألمح إلى أنه خاف أن نفعل كالأمم السابقة فنلحق في عباداتنا عبادات أخرى ونضمها إلى العبادات الأصلية، ونظنها كلها عبادة واحدة، فنشُق على أنفسنا ثم بعد ذلك يضيع الدين بسبب ذلك، فهذه كانت وجهة نطر أبو حنيفة .
وتابع: وبعده جاء الإمام أبو يوسف، قال يكرهها متتابعة فقط لنفس الغرض، ولكن نصومها متفرقة، لذا كانوا يصومونها اثنين وخميس، إذن المتقدمين كرهوا صيام ستة أيام من شوال، والمتأخرين لم يروا مانع بعدما استقرت الأمور وزال السبب، ولكن تُصام متفرقة.
واستطرد: أما الجمهور فقد انقسم إلى قسمين، الشافعية والحنابلة رأوا أنه لا مانع من صيام ستة أيام، مع تأكيدهم أن الفضيلة لا تكون إلا في صيام شوال، وتوسعت الشافعية، فقالت وهي جائزة لمن صام رمضان ومن لم يصُمه، بمعنى أنه من أفطر في رمضان لسبب ما ثم عافاه الله، فيمكنه أن يحوز على هذه الفضلة بصيام الستة من شوال ثم بعد ذلك يصوم ما فاته من رمضان.
وزاد: واختلفت معهم الحنابلة في هذه الناحية فرأوا لأنه لا يحوز هذه الفضيلة إلا من صام رمضان فليتمه أولا ثم يصوم ستة أيام من شوال، وذهبت الشافعية إلى أن التتابع وتعقيب الصيام بعد يوم الفطر أولى وأفضل، حتتى تتابع العبادات لأن في تأخيرها قد تُنسى أو تشُق، والتتابع أفضل، فيما والحنابلة لم يفرقوا بين التتابع والتفريق في الفضيلة.
ولفت إلى ما رأى الإمام مالك بأن الفضيلة تتحقق في شوال وفي غير شوال، فيمكن إتمام صيام الستة أيام في الشهر الذي يليه أو ما بعده، بل قال وصيامها في أول العشر من دي الحجة أفضل من شوال، فهذه الأيام لها فضائل كثيرة ومُحبب فيها إقامة العبادات والصيام.
واستشهد برد الإمام مالك على من نوهوا إلى حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم- الذي نص فيه على شوال فقال :« ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ »، مشيرًا إلى أن هذا التخصيص في الحديث لا يُراد به تخصيص الزمان وإنما يُراد به التخفيف على العباد، حيث كانت على عهد قريب بالصيام ، فإذا ما ألحقت الصيام بصيام كان خفيفًا على الناس، وبين الإمام مالك على جانب من عطف الرسول وحنوه بالأمة.