أكدت الدكتورة نادية عمارة الداعية الإسلامية، أن مؤخر الصداق دين في رقبة الزوج، ولا يسقط عنه بعد وفاته، ويجوز للزوجة التنازل عنه بطيب نفس.
وأوضحت «عمارة» خلال تقديمها برنامج «قلوب عامرة»، أنه يجوز في المهر أن يكون معجلًا -يدفع قبل الدخول بها- أو مؤخرًا -بعد الدخول بها-، أو يكون بعضه معجلًا وبعضه مؤخرًا، حسب ما يتفق عليه الزوجان، ولا حرج في ذلك.
ونبهت الداعية الإسلامية، على أن الزوجة تستحق على زوجها الصداق كاملًا، مقدمه ومؤخره، بدخوله بها، أو خلوته بها خلوة صحيحة كما ذكر الفقهاء.
وأشارت إلى أن مؤجل الصداق ما يسمى بـ«المؤخر»: دين في ذمة الزوج، وحق من حقوق المرأة على زوجها، ومرجع استيفائه إلى الشرط حين العقد إذا وُجد، أو إلى العرف السائد بين الناس في مجتمع الزوجين، المعمول به لديهم بلا نكير؛ إذ المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا.
ونوهت بأنه إذا اشترط الزوجة في العقد أن المؤخر يحل في أجل معين، بعد سنة أو سنتين، أو أقل من ذلك أو أكثر، فالواجب على الزوج أن يوفيه في الأجل المحدد له، وألا يماطل زوجته به، وهو في ذلك كسائر الديون التي لا يحل لصاحبها أن يماطل صاحب الحق، إذا حل أجله، وكان قادرًا على الوفاء.
وتابعت: فإذا لم تحدد الزوجة أجل معين لسداد مؤخر الصداق، فإن المطالبة به تكون عند الفرقة بطلاق أو نحوه، أو عند موت أحد الزوجين؛ فإن مات الزوج أولًا: حق للزوجة أن تأخذ من تركته مؤخر صداقها، قبل إخراج وصيته، أو توزيع تركته على الورثة، ثم تأخذ نصيبها من التركة كاملًا، إن بقي شيء فيها.
واستطردت: وإن كانت الزوجة هي التي ماتت قبل زوجها: فلورثتها أن يأخذوا نصيبهم في مؤخر الصداق، كغيره من أموالها، ويوزع عليهم بحسب نصيبهم في الميراث، بمن فيهم الزوج.
جدير بالذكر أن ابن القيم قال في كتابه «إعلام الموقعين» (3/81): «فصل: تأجيل جزء من المهر وحكم المؤجل... الذي اتفق الزوجان على تأخير المطالبة به، وان لم يسميا أجلا، بل قال الزوج مائة مقدمة ومائة مؤخرة؛ فإن المؤخر لا يستحق المطالبة به إلا بموت أو فرقة. هذا هو الصحيح، وهو منصوص أحمد فإنه قال في رواية جماعة من أصحابه: إذا تزوجها على العاجل والآجل، لا يحل الآجل إلا بموت أو فرقة. واختاره قدماء شيوخ المذهب والقاضي أبو يعلى، وهو قول النخعي والشعبي والليث بن سعد».
وسئل الشيخ العلامة السعدي "الفتاوى السعدية" (502): إذا تزوج بصداق بعضه حال ، وبعضه جرت عادتهم أنه لا يحل إلا بموت أو فراق ، فهل يصح؟ فأجاب: "هذا التأجيل صحيح، سواء تلفظوا به أو جرت عادتهم المطردة بذلك.
وعلى ذلك، فليس للمرأة ولا لأهلها المطالبة بالمؤجل والزوجة في حباله، وليس لها الامتناع حتى تقبض الصداق المؤجل؛ لأنهم اتفقوا وقت العقد على تأجيله التأجيل المذكور، وإذا ذهبت إلى أهلها، وقالوا: لا نسلمها حتى يسلم الزوج الصداق، فليس لهم ذلك، وامتناعهم عن تسليمها: بغير حق، ولو استمرت على هذا الامتناع بهذه الحجة فقط، فليس لها على الزوج نفقة؛ لأنها ناشز، والناشز بغير حق ليس لها نفقة.