عام على سقوط الطائرة الروسية.. شرم الشيخ دفعت الثمن بركود السياحة.. والعمالة هجرت القطاع بعد إغلاق مئات الفنادق والبازارات

• الحادث تسبب في تشريد آلاف العاملين في مجال السياحة بشرم الشيخ
• 2015 و2016 الأسوأ في ذاكرة العمالة السياحية

أوقات عصيبة مرت على العاملين بالسياحة بشرم الشيخ منذ سقوط الطائرة الروسية فى 31 اكتوبر الماضى ولم تشهدها السياحة من قبل تسببت فى تشريد الاف من العاملين وأصيبوا بحالة نفسية سيئة نتيجة قلة العمل وفصل وتشريد الكثير منهم وحتى الذين بقوا اصبحوا يشعرون بالفراغ وحالة حزن على ما اصاب القطاع السياحى.

وبعد مرور عام على مأساة القطاع السياحى مازالت الأزمة مستمرة ولم يعد القطاع السياحى يوجد به الاستقرار والامان فى العمل، فلم يتوقع احد ان سقوط الطائرة الروسية المقلعة من مطار شرم الشيخ الدولى لروسيا تصل تداعياته الى لذلك الحد المفزع من المآسى، حيث اصيبت المدينة العالمية بسكون رهيب ورغم استمرار انوارها التى اصبحت خافته الا ان البسمة اختفت من وجوه العاملين وسيطر الخوف والقلق على كل من فيها.

وأغلقت مئات الفنادق والمحلات والبازارات تجنبا للخسائر فرغم أن جنوب سيناء تعرضت لعدة ازمات سابقة لكن كانت هذه الازمة بمثابة " القشة التى قصمت ظهر البعير" كما يصفها العاملون بالسياحة فلم تتأثر المدينة بالأزمات السابقة من هجمات ارهابية وأحداث 11 سبتمبر والتفجيرات الارهابية وحرب الخليج وهجوم اسماك القرش بالإضافة للأحداث المتعاقبة بعد الربيع العربى وفض اعتصام رابعة.

ولأول مرة يضرب الركود والكساد شرم الشيخ وتصبح المدينة شبه خاوية من السياح الاجانب وتهجرها العمالة بدون امل فى العودة.

وحتى جهود الحكومة فى مبادرة السياحة الداخلية لم تنجح فى جلب سياح بأسعار مناسبة وساعدت فقط على تشغيل الفنادق وقد بلغت الخسائر فى القطاع السياحى 3 مليارات دولار فى السنة.

"الاوبن داى وسيلة زوجات المرشدين السياحيين لاستمرار الحياة بشرم الشيخ"

ولم تجد بعض زوجات المرشدين السياحيين فى شرم الشيخ الا اللجوء لتنظيم" اوبن داى" فرش منتجات وبضائع متنوعة لبيعها فى نادى شرم الشيخ الرياضى من اجل استمرار الحياة فى شرم الشيخ بعد ازمة الطائرة الروسية التى سقطت وانحسار حركة السياحة.

تقول مروة العربى زوجة مرشد سياحى: ان كل ما ادخرناه قبل ثورة 25 يناير تم صرفه بعد تضرر السياحة خلال الفترة الماضية، مشيرة الى ان هناك مئات الاسر بعد ازمة السياحة لم تستطع ان تقوم باحتياجات المعيشة وتكلفة السكن بشرم الشيخ وتركت المدينة وأضافت انها وبعض الزوجات اخترن ان ينظمن "أوبن داى" لعرض وبيع الملابس لمساعدة ازواجهن فى تلك الازمة حتى تستمر الحياة.

وأضاف "السيد" مرشد سياحى ان العاملين فى السياحة لم يستطيعوا مواصلة استقرارهم فى شرم الشيخ بسبب انخفاض دخولهم بعد ازمة الطائرة الروسية حيث ان الايجارات مرتفعة وتتجاوز الـ4 آلاف جنيه شهريا ويرفض الملاك تخفيض الإيجار مما يضطر الاسر للجوء لعمل اخر مثل الاوبن داى لعرض بعض المنتجات.

العمالة هجرت السياحة وأصبح غير "مستقرة"

وقال فرج سلمان مدير قسم بأحد الفنادق لم يعد أحد يريد الاستقرار فى العمل بالفنادق والشركات السياحية لضعف الدخل والمرتبات وصار دخل الوظيفة الحكوميه اضعاف دخل العمل بالسياحة ولا يستطيع اى مدير ان يملى اوامره على العاملين الجدد بعد انخفاض الدخل للعامل فى قطاع السياحة بعد الازمة التى ضربت السياحة عقب 25 يناير وخاصة بعد الازمة الاخيرة والتى كانت اشد وأصعب.

وأضاف عادل جابر عامل بأحد الفنادق انه قبل 25 يناير كان زملائى يحسدوننى على العمل بالسياحة وبعد 25 يناير اصبح العاملون بالسياحة يثيرون الشفقة والرحمة عليهم وبعض رجال الدين طلب مساعدتهم من باب اخراج الصدقات والإعانات.

وكشف مدير مالى بأحد الفنادق ان الفنادق الافضل لها ان تغلق اقل خسارة من تشغيل الفندق بدون سياح اجانب.

وقال احمد بدوى الخبير السياحى بشرم الشيخ والذى هاجر لالمانيا ان عودة السياحة بسرعة اصبح شبه مستحيل ولابد من البحث عن حلول اخرى وان يبدا العاملون بالسياحة البحث عن عمل اخر بجانب السياحة.

وشكا مراد على حسن احد العاملين بفندق سياحى من الشعور بالغربة والوحشة فى ظل عدم وجود سياح فى الفندق قائلا لن نتحمل ذلك الفراغ والسكون وتابع انه ترك العمل وعاد لبلده مرة اخرى للبحث عن عمل اخر.

وأضاف يوسف حجاج مستأجر مطعم سياحى انه منذ ثورة 25 يناير وانحسار الحركة السياحية وتأثر شرم الشيخ بتلك الاضطرابات السياسية تنبأ بان لا تعود حركة السياحة مشيرا الى انه ترك شرم الشيخ وهاجر لألمانيا مع زوجته الاجنبيه.

"سكون المنتجعات السياحية"

قال اسماعيل امام خبير سياحى بشرم الشيخ اننا حتى الان لم نعمل بسيناء سياحة مشيرا الى ان السياحة بشرم الشيخ مجرد تقديم خدمات للشركات الاجنبيه لعدم وجود طيران ينقل السياح من كل دول العالم.

وكشف عبد العاطى سالم شيف بمنشأة" تراسينا السياحية" بشرم الشيخ ان الحكومة لم تؤجل مديونيات القطاع السياحى كما ادعت اعلاميا ولم تصل خطابات للمنشأت السياحة مشيرا الى انه مازال اصحاب المنشآت السياحية يسددون " الكهرباء والمياه والضرائب والإيجارات المرتفعة" فى ظل ازمة السياحة الحالية.

وطالب بلقاء عاجل من الحكومة مع المتضررين من العاملين وأصحاب المنشآت السياحية وسماع مشاكلهم.

ثلث المحلات اغلقت بشرم الشيخ والفنادق تجبر المستأجرين على الفتح والإيجارات

كشف سيد مجاهد رئيس ائتلاف مستأجرى شرم الشيخ ان ثلث المحلات اغلقت فى وضع مأساوى لم يمر على شرم الشيخ من 26 سنة وشكا مجاهد من اجبار ملاك المنتجعات السياحية والفنادق المستأجرين على الفتح وإضاءة الانوار بالرغم من عدم وجود سياح.

وتابع: تأثرت كافة نواحى الحياة الاجتماعية بشرم الشيخ بازمة السياحة وكثير من الاسر تركت المدينة لانها لا تستطيع الوفاء بمتطلبات الحياة الباهظة وإيجارات الوحدات السكنيه المرتفعة.

وقال محمد عامر اخصائى اجتماعى بمدرسة الفيروز للغات ان لوحظ منع اسر ابناءها من الدروس الخصوصية وعدم منحهم مصروفا يوميا كما اعتادوا مما اثر على نفسية التلاميذ.

مصادر بالسياحة: آلاف من العمالة تضررت وهجرت السياحة وأصحاب الحرف تركوا السياحة

وكشفت الدكتورة هبة زهران مستشارة غرفة المنشآت السياحية السابقة عن تضرر اكثر من 50 الف عامل يعملون بالسياحة بجنوب سيناء بدون اى معالجة من الحكومة مشيرة الى ان كل العمالة التى لم تتعد الثلاثة شهور تم تسريحها وكذلك كل عامل انتهى عقده تم تسريحه.

وقالت مصادر بالسياحة بشرم الشيخ رفضت ذكر اسمها ان اكثر من 10 ألاف عامل تركوا السياحة كانوا يعملون بمنتجعات جنوب سيناء و85 فندقا اغلقت وديا ولا يستطيع اى مالك فندق ان يعلن بشكل رسمى ان الفندق اغلق او توقف لان ذلك سوف يلغى كل التراخيص والتصاريح.

وذلك بسبب الاعتماد على سوق واحد وشركات مسيطرة على السوق المصرى وهو السوق الروسى والانجليزى والشركات التركيه التى تسيطر على السياحة المصرية وعدم وجود بدائل اخرى ولابد ان يكون هناك شركات طيران مصرية ووكلاء سفر مصريين والاعتماد بشكل كلى على الشركات الاجنبيه.

ومن جانبه اكد السيد الخطيب وكيل وزارة القوى العاملة بجنوب سيناء ان النشاط الغالب فى جنوب سيناء السياحة، مشيرا الى ان عدد العاملين بالسياحة 80 الف عامل وشرم الشيخ تستحوذ على النصيب الاكبر 60 الف عامل، مشيرا الى ان مكاتب العمل حاولت الحفاظ على مرتب العامل الاساسى . مشيرا الى ان صندوق اعانات الطوارئ قام بصرف 4 ملايين و699 الف جنيه لـ52 منشأة سياحية بجنوب سيناء.

وأضاف الخطيب ان العمالة التى تأثرت من كافة محافظات مصر ولم نتمكن من تدريبهم فى تلك الفترة لانهم موجودون فى محافظاتهم.


ويظل عاما 2015 و2016م الاسوأ فى ذاكرة العمالة السياحيه حيث هجر فيهما العاملون الاكفاء الفنادق والمنتجعات السياحية، السياحة للأبد بعد السنوات العجاف التى مرت عليهم منذ اندلاع ثورة 25 يناير2011م وحتى نهاية عام 2015 الذى لم تشهده السياحة من قبل عام حزين تحجرت فيه وجوه العاملين بالسياحة.

ويقول عماد حمدى مدير كافيه فى خليج نعمة انه لأول مرة تشهد شرم الشيخ اعياد كريسماس وراس سنة وهى فارغة من السياح الاجانب ولا يوجد بها الا المصريون غير مقبلين على الشراء او تناول الوجبات فى المطاعم واشار حمدى ان شرم الشيخ لم يمر بها عام حزين مثل 2015م من قبل.

وأضاف محمد محمود مدير كافيه كريكى بخليج نعمة انه لايوجد شغل بعد ازمة الطائرة الروسية والمصريون لم يحركوا حالة الركود والكساد التى اصابت المدينة.

وقال محمد نشأت الناشط السياسى وعضو حملة تمرد ، ان الايجارات التى لم تخفض حتى الان قصمت ظهر المستأجرين ولا توجد اى اجراءات من الحكومة للخروج من الازمة.

وأضاف احمد غباشى رئيس ائتلاف دعم السياحة بشرم الشيخ ان كل امل العاملين بشرم الشيخ وسكانها خلال العام الجديد ان تعود السياحة الروسية مشيرا الى ان رجال الاعمال وملاك المولات التجاريه لم يخفضوا الايجارات رغم اجراءات التسهيل التى اتخذتها الحكومة لتأجيل ديون الفنادق والمستثمرين ، وطالب غباشى بالتحرك بسرعة وجذب السياحة العربية الغنيه.

وقال محمد زكريا بائع الورد المتجول انه كان بيبع الورد للسياح وخاصة الروس ولكن هذا العام الورد دبلان مثل حال السياحة ولم يجد من يشتريه بسبب غياب السياحة الاجنبيه والمصريون لا يريدون شراء ورد.

واضاف هانى محمد على بائع ورد اخر ان معاناة كبيرة مرت على العاملين بالسياحة طوال العام الماضى منذ سقوط الطائرة الروسية فى 31 اكتوبر مشيرا الى ان معظم الانشطة المرتبطة بالسياحة توقفت.

وشكا عاطف غريب مستأجر بازار بخليج نعمة ان تضرر المستأجرين والبعض افلس بسبب الايجارات المستمرة وتعنت البنوك معهم مشيرا الى ان بنوك شرم الشيخ لم تؤجل فوائد القروض، مشيرا الى انه حصل على قرض من بنك كريدى اجريكول وقام بسداده بدون ان يحصل على الشيكات وفوجئ بان البنك يطالبه بسداد 10 الاف جنيه بسبب خطأ موظف.

وكشف هيثم باشا المحامى عن تأثير ازمة السياحة على الحالة الاجتماعية بشرم الشيخ وارتفعت حالات الطلاق بصورة ملحوظة نتيجة تضرر العاملين بالسياحة وفصلهم من العمل وتركهم مدينة شرم الشيخ.