قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

أكاديمي:البردي ليس فرعونيا فقط..والعرب عرفوه وبدأوا استعماله في عهد أبى بكر

الدكتور محمد عبد اللطيف
الدكتور محمد عبد اللطيف

أكد الدكتور محمد عبد اللطيف أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة والرئيس السابق لقطاع الآثار الإسلامية والقبطية بوزارة الآثار أن البردي من أهم النباتات المصرية القديمة،ويرجع تاريخه إلى سنة 2000 – 3000 ق.م،وكان له دور كبير في الحضارة المصرية منذ فجر التاريخ وحتى وقت متأخر من العصور الوسطى في الحضارة الإسلامية.

وكشف عبد اللطيف في دراسة له بعنوان"البرديات العربية"عن خطأ شائع مفاده أن البردى هو فقط الذى يعود للعصر الفرعونى،موضحا أن البردي في الحقيقة ظل مستخدمًا فى مصر بعد دخول الإسلام لمدة أربعة قرون كاملة حتى القرن 4هـ / 10م واكتشاف صناعة الورق،ولهذا فقد وصل إلينا آلاف البرديات العربية أى التى كُتبت نصوصها باللغة العربية.

وتابع في دراسته:استمر البردي في مصر يقوم بدوره الحضاري الهام طوال عصورها التاريخية حتى الحكم الروماني البيزنطي،والذي كان غاية في السوء في معاملة المصريين وإثقال كاهلهم بأعباء الضرائب،فهيأ الروم بذلك للعرب الأسباب لفتح مصر التى نقم أهلها على الحكم الرومي،وودوا الخلاص منهم وبهذا أتيح لعمرو بن العاص فتح مصر بجيشه القليل في عام 21هـ / 642م وذلك بإتمام فتح الإسكندرية.

وقال:بعد دخول العرب المسلمين إلى مصر واستقرارهم بها وجدوا أن الورق في مصر كان يصنع من نبات البردي،وقد كان العرب يعرفون قراطيس البردي قبل الإسلام بدليل ظهور اسم هذا النبات في قصائدهم الشعرية،إما صراحة"البردي" وأما بإحدى أوصافه المعهودة في هذه الفترة،وبناء على ذلك يمكن القول بأن البردي كان معروفا للعرب في جاهليتهم وبعد ظهور الإسلام إلا أنه كان يستعمل على نطاق محدود للغاية، وبدء في استعماله بشكل بسيط نسبيا في عهد الخليفة أبى بكر الصديق،ثم ادخل في عمل الدواوين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب وخاصة بعد فتح مصر على يد عمرو بن العاص.

ويؤكد في دراسته علي أن العرب لم يغييروا النظام السائد في البلاد فاستعملوا البردي أيضا في مراسلاتهم وشئونهم الخاصة فى وقت مبكر من دخول مصر،وظل البردي يتصدر مواد الكتابة الأخرى فترة كبيرة من الزمن وربما كان المادة الأساسية للكتابة طوال عصر بنى أمية،لهذا قام عمرو بن العاص بالإبقاء على مصانع البردى،لإدراكه أهمية هذا الورق لإنجاز المكاتبات وسائر المعاملات والمراسلات بين حاضرة الخلافة الإسلامية وسائر الأقاليم التابعة لها.

وطبقا للدراسة ظل البردي يحظى بعناية ورعاية كبيرة من قبل الولاة المتتابعين على مصر،وذلك لان البردى اعتبر ثروة قومية لسد حاجة الدواوين وسائر مكاتبات الخلفاء للولاة والعمال والقضاة ورجال الشرطة وأصحاب الحسبة ورجال الجزية والخراج،وتم الإبقاء على الصناع الذين كانوا من الأقباط واقبلوا على إنتاج كميات وفيرة من أوراق البردى في مصانع متعددة أشهرها وأقدمها في مصنع الإسكندرية،وبعد فتح مصر دخلت مصانع البردي تحت سيطرة المسلمين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب وما تلاه من عهود في الدولتين الأموية ثم العباسية.

وكشف عبد اللطيف في دراسته وجود أعداد هائلة من البردى خاصة من العهد الأموي،وغالبيتها محفوظ حاليًا في عدد كبير من المكتبات والمتاحف والجامعات ودور الكتب العالمية وخاصة الأوربية وبالتحديد النمسا و ألمانيا،غير أن سيادة ورق البردي لم تدم طويلا اذ انه في زمن الخليفة العباسي هارون الرشيد(170 – 193هـ / 786 – 808م) ظهر المنافس القوي للبردي ألا وهو الورق قادمًا من الصين.

وقد فضله المسلمون وغير المسلمين ومعه ضعفت صناعة ورق البردي في مصر في القرن الرابع الهجري،إلا أن ذلك لم يمنع استمرار استخدام ورق البردي 3 قرون هجرية كاملة،حتى اننا نجد العديد من الوثائق الإسلامية منفذة على ورق البردي بعضها يرجع للعصر العباسي الأول (132 – 155هـ/750 - 772م)،والعصر العباسي الثاني (295 – 333هـ/ 907 – 935م)،كما توجد برديات عربية مؤرخة بالقرن الخامس الهجري وبالتحديد عام 480هـ / 1087م.

وعن فائدة دراسة البرديات العربية،قال عبد اللطيف: معرفة كثير من نواحي الحضارة الإسلامية،كما لعبت البرديات العربية دورا كبيرا في دحض الأكاذيب والافتراءات التي روجتها مجموعة المستشرقين وتشويه صورة الفتوحات الإسلامية في الأقاليم المفتوحة،كما فندت الوثائق البردية زعم المستشرقين ان المسلمين نشروا الدين الإسلامي بالسيف والنار.

وطالب عبد اللطيف في نهاية دراسته بأن علم البردي العربي يجب أن يأخذ حقه الكامل فى مصر من العناية والرعاية،حيث يوجد الكثير من البرديات العربية التي لم تتم دراستها حتى الآن ربما تكشف عن جوانب أخرى هامة في مجالات عديدة للحضارة الإسلامية في مصر،بينما تهتم كثير من جامعات ومعاهد أوروبا وأمريكا بدراسة البرديات العربية لإدراكهم أهميتها،خاصة فى جامعة هايدلبرج بالمانيا وجامعة ليدن بهولند والمكتبة الوطنية بالنمسا ومعهد الدراسات البردية فى زيورخ بسويسرا وجامعتى ميتشجان وبرنستون بأمريكا.