- الفيوم أهم محطات مفتى تنظيم الجهاد عمر عبد الرحمن
- عارض نظام عبد الناصر وأفتى بتكفير السادات
- بث خطبة السامة لشباب الفيوم بمعظم مساجد القرى والنجوع
- أتباعه ألقوا عبوات ناسفة على دور السينما بالفيوم وبعض الكنائس والسياح
كانت الفيوم إحدى أهم المحطات الرئيسية في حياة مفتي تنظيم الجهاد، عمر عبد الرحمن، أستاذ التفسير بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر، والذي أفتى بكفر الرئيس السادات، ووجوب إسقاط نظام حكمه، حيث تم تعيينه إمامًا لأحد مساجد قرى المحافظة في بداية حياته.
فالدكتور عمر عبد الرحمن الذي فقد بصره، بعد ستة أشهر من ولادته، في مدينة الجمالية بمحافظة الدقهلية عام 1938، التحق بكلية أصول الدين بالقاهرة وتخرج منها في العام 1965 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وعين في وزارة الأوقاف إمامًا لمسجد إحدى قرى الفيوم، ثم حصل على شهادة الماجستير، وعمل معيدًا بالكلية مع استمراره بالخطابة.
وصدر قرار باعتقال الشيخ الأزهري المثير للجدل، في سبتمبر 1981، ضمن من شملتهم قرارات التحفظ الشهيرة، لكنه تمكن من الهرب، حتى قبض عليه في أكتوبر 1981 وحوكم في قضية اغتيال الرئيس السادات أمام المحكمة العسكرية ومحكمة أمن الدولة العليا، وحصل على البراءة في القضيتين، وسافر بعدها إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليقيم في ولاية نيوجرسي.
الشيخ عمر، المعروف بمعارضته الشديدة لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، المحبوس حاليا في سجون أمريكية، ترى الجماعة الإسلامية أن حبسه جاء بناءً على مكيدة ومؤامرة دبرها الرئيس المخلوع مبارك بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية، حيث كان الرجل صاحب عدة فتاوى جدلية، تستحق وبجدارة وصف "القنابل الموقوتة"، إذ كان من بينها ما صدر عنه في ثمانينيات القرن الماضي بجواز قتل الأقباط والاستيلاء على أموالهم وفرض الإتاوات عليهم بهدف دعم الدعوة الإسلامية ونشرها والجهاد في سبيلها، وبعدها انتشرت موجة قتل الأقباط، ونهب محلات الذهب المملوكة لأقباط الصعيد.
ولم تقتصر فتاوى الشيخ على قتل الأقباط فقط، وإنما امتد تطرفه إلى إباحة قتل المفكرين المسلمين الذين يخالفونه أفكاره، وكان على رأسهم منّظر الدولة المدنية فى مصر الكاتب والمفكر الراحل فرج فودة، الذي قتل بالرصاص في العام 1992، بعد فتوى عمر عبد الرحمن نفسه، بإهدار دمه.
وتكرر الأمر نفسه، مع أديب نوبل الراحل نجيب محفوظ، حيث كانت فتوى عمر عبد الرحمن سببا وراء محاولة اغتيال محفوظ، عام 1994، إلى جانب عدد كبير من الفتاوى المتطرفة ضد النظم السياسية وشركات السياحة، لأن "السياحة حرام ومصر لا تحتاج للسائحين كي يتكسب الناس من ورائهم".
عاش عبد الرحمن في الفيوم، وارتبط بعلاقات قوية مع قيادات الجماعة الإسلامية، في محافظات الصعيد، وبالرغم من التضيقات الأمنية عليه، إلا أنه كان يستطيع الدخول والخروج من منزله في الفيوم، للاجتماع وعقد اللقاءات مع قيادات الجماعة، في المحافظة والمحافظات المجاورة.
جاء الشيخ عمر عبد الرحمن إلى الفيوم في منتصف الستينيات من القرن العشرين ليعمل إماما وخطيبا بأحد مساجد الأوقاف بقرية فيديمين بمركز سنورس، لتكون الفيوم أولى محطاته، حيث ظهرت ميوله المعارضة لنظام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وانضم لجمعية النهضة التي كانت تتخذ مقرا ومسجدا لها بشارع متفرع من شارع بطل السلام بحي الحواتم بمدينة الفيوم، ثم انفصل عن الجمعية لخلافات وقعت بينه وبين بعض قياداتها، وحصل خلال تلك الفترة على الماجستير والدكتوراة وعمل مدرسا بكلية أصول الدين بفرع جامعة الأزهر بأسيوط، حيث ارتبط بعلاقات قوية مع قيادات الجماعة الإسلامية بمحافظات الصعيد، وكانت الجماعة تكونت مع ظهور الجماعات الدينية بالجامعات المصرية، حيث تواصل عمر عبد الرحمن مع عدد منهم، من بينهم أبو العلا ماضى وكرم زهدى وعبد المنعم أبو الفتوح وعاصم عبد الماجد وعصام دربالة وغيرهم، وكونوا فيما بعد الجماعة الإسلامية.
ظل عمر عبد الرحمن يتخذ من بعض مساجد مدينة الفيوم منبرًا لخطبه وتحريضه ضد النظام مثل مسجد الشهداء بحى مصطفى حسن ومسجد التقوى بحي النويرى بمدينة الفيوم، بالإضافة إلى قيامه بالخطب بالعديد من مساجد قرى الفيوم، ومن ضمنها قرية منشية عطيفة التابعة لمركز سنورس وهي مسقط الإرهابى محمود شفيق، الانتحارى مفجر كنيسة البطرسية بالقاهرة.
وتنقل بين أكثر من مسجد بالمحافظة لإلقاء خطبه المثيرة رغم تضييقات الأمن عليه، وبعد رحيل الرئيس عبد الناصر وتولي الرئيس السادات مقاليد الحكم أفتى بتكفيره، وهي الذريعة التي استند إليها قتلة الرئيس السادات أثناء حضوره احتفالات انتصارات أكتوبر عام 1981.
عرفت الفيوم العنف مبكرا مع تزايد نشاط عمر عبد الرحمن في النصف الثاني من الثمانينيات، ففي مارس عام 1989 ألقى مجهولون عبوات حارقة على عرض مسرحية "أصل وخمسة" التي نظمتها نقابة الزراعيين، ما تسبب في إصابة ضابط كان يقوم بتأمين العرض وآخرين.
ويوم الجمعة 7 أبريل 1989 من نفس العام، وقع صدام مسلح بين أنصاره والشرطة عقب الصلاة أمام مسجد الشهداء بمصطفى حسن، تم خلالها ضبط 16 من أتباعه وبحوزتهم أسلحة نارية وقررت النيابة حبسهم، ومنهم عمر عبد الرحمن، بتهمة مقاومة السلطات واستغلال الدين في ترويج أفكار بقصد إثارة العنف وإحراز أسلحة نارية والشروع في قتل مأمور بندر الفيوم آنذاك.
وأعقب ذلك يوم السبت 15 أبريل إلقاء زجاجتين حارقتين من قطار "الفيوم - إبشواي" على رواد سينما عبد الحميد بميدان السواقي، ما تسبب في إصابة عدد من الرواد أثناء وقوفهم أمام شباك التذاكر، وتم ضبط الفاعل وهو من أتباعه بعد مطاردة مثيرة، وهو نفس الشخص الذي قام فيما بعد بتكرار إلقاء العبوات الناسفة على السياح بميدان السواقي وأصاب سبعة منهم، كما ألقى عبوة ناسفة على حفل للمرضى بمستشفى الفيوم العام نظمته جمعية أصدقاء المرضى وطلاب كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة الفيوم، ما تسبب في إصابة عدد منهم وطالبة وطفلة وإحدى عضوات مجلس إدارة الجمعية، وهذا العضو الذي كان ناشطا في هذه الأعمال بجماعة عمر عبد الرحمن كان من بين المتهمين فيما بعد في قضية اغتيال الدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب، وقد لقي مصرعه وآخرون من شركائه في مواجهة مع الشرطة بالقرب من أسوار جامعة القاهرة.
ثم وقعت في أبريل عام 1990 أحداث سنورس التي هاجم خلالها المتطرفون 3 صيدليات وأشعلوا النار في عدد من المنازل ودراجة نارية في محاولة لإثارة فتنة طائفية، وتصاعدت الأحداث بإلقاء عبوة ناسفة وإطلاق النار على قوة تأمين كنيسة العذراء بقرية سنهور القبلية بسنورس أثناء تناولهم الطعام عقب انطلاق مدفع الإفطار، ما أسفر عن استشهاد مساعد شرطة وإصابة اثنين من قوة الحراسة.