- الدكتور مهدي عفيفي في حوار لـ"صدى البلد":
- ترامب اتخذ قرار حظر دخول رعايا الدول السبع لأمريكا دون موافقة الكونجرس أو البنتاجون
- انفصال ترامب عن "حلف الناتو" يخل بموازيين القوى وينذر بحرب عالمية
- السوق الأوروبية المشتركة في طريقها للانهيار نتيجة سياسات ترامب
- المؤسسات الأمنية الأمريكية اعتبرت قرار حظر السفر تشكيك في قدراتها
- أقليات يهودية تتحكم فى صنع القرار الأمريكى
قال الدكتور مهدي عفيفى، عضو الحزب الديمقراطي ومستشار حملة هيلاري كلينتون خلال الانتخابات الأمريكية الأخيرة، إن الرئيس دونالد ترامب يعيش حالة من التخبط السياسي، ما تسبب في تأثر علاقة أمريكا بالكثير من حلفائها، خاصة دول أوروبا.
وأضاف عفيفي، في حواره لـ"صدى البلد"، أن أمريكا باتت تمارس سياسة جديدة تجاه العالم، وأن هذا يظهر في خطابات ترامب.. وإلى نص الحوار..
إلى أي مدى أثارت قرارات ترامب الأخيرة العالم ضد أمريكا؟
منذ بداية الانتحابات الأمريكية اتسمت تصريحات ترامب بالتخبط السياسي وخلت من المبادئ السياسية، وذلك بحكم افتقاره الخبرة بالعمل السياسي وتعامله مع ملفات العالم بعقلية رجل الأعمال، وهذا التخبط كان غريبا وجديدا على المجتمع الأمريكي، واتضح ذلك من خلال تعمده المنظم إثارة ملفات تتعلق بالأمن والاقتصاد والسياسات التقليدية التي يتبعها الساسة بشكل غير مدروس، إضافة لقرارات الهجرة والتي تمت بدون موافقة الكونجرس والخارجية الأمريكية.
وتأكيدا لهذا التخبط بدأ تصريحاته بمهاجمة المرأة ثم إهانة الأمريكان السود "المكسيكان"، ثم إثارة ضجة بمهاجمة المسلمين، حيث لعب على هذا المحور لجذب انتباه العالم تجاهه، فنجد أن بعض المصريين المتواجدين فى أمريكا، خاصة أقباط "المهجر" بواشنطن يروجون أن مصر راعية للارهاب ولإشعال الفتنة بين المسلمين والمسيحيين.
البعض يقول إن أوباما ترك إرثا من المشاكل لخليفته "ترامب".. كيف تقرأ هذا الأمر؟
كلام غير صحيح، هذا مجرد كلام لتحسين صورة ترامب بالتشكيك في أعمال أوباما، والحقيقة أن إدارة أوباما المنتهية قررت ترك أثر جيد قبل رحيلها من خلال خدمة "أوباما كير"، التي غطت أكثر من 25 مليون مواطن أمريكي لم يتمتعوا بتأمين صحي من قبل.
هل ترى أن العقوبات التى فرضها "ترامب" على إيران تعبر عن رؤية وحس سياسي لرئيس أكبر دولة فى العالم؟
العقوبات التي تم فرضها على إيران بمثابة رسالة رد مناسب لحماية أمن أمريكا، وأيضا لوقف التمدد الإيراني في دول الخليج، والذي وصل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عبر اليمن وسوريا والبحرين والعرق ولبنان، والحقيقة أن تلك العقوبات في جوهرها أقل بكثير من العقوبات من العقوبات التى فرضتها أمريكا من قبل على طهران، وفيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني فأمريكا لا تستطيع إلغاءه وحدها، وفي حال وجود تطورات من جانب إيران فلن تسمح بها أمريكا وستتخذ خطوات جادة، فأمريكا دولة لا تهدد.
هل تمارس أمريكا سياسة جديدة تجاه العالم؟
بالتأكيد هناك تغيير في الخطاب الأمريكي، فالسياسة الأمريكية بدأت فى التغيير وهناك تخبط واضح بها وهذا لم يحدث من قبل، فنجد تصريحات نائب الرئيس الأمريكي في بعض الأحيان لا تتفق مع سياسات الرئيس ترامب، وهذا لم نشاهده من قبل.
هل قرار حظر سفر الدول السبع إلى أمريكا سبب أساسي في الأزمة التي تعيشها واشنطن؟
بالتأكيد، وهذا نتيجة قرارات ترامب غير المدروسة وغير المتفق عليها، وهذه القرارات جاءت لمجرد إرضاء الناخبين وتأكيدا على صدق وعوده الانتخابية ونوعا من إظهار القوة، دون الالتفات لنتائجها، وهذا سبب تمسكه بقرار حظر السفر دون الرجوع للقضاء والكونجرس للبت فيه خلال 90 يوما لتحديد صلاحيات القرار وتأثيره.
ومن وجهة نظري لا يصح العمل بهذا القرار لأن أمريكا مبنية على المهاجرين، والقرار أحدث تخبطا شديدا، حيث أصدر قاضي بنيويورك أمرا قضائيا بإيقاف تنفيذه ثم حاولت الإدارة تنفيذ هذا القرار مرة أخرى بالطعن أمام محكمة الاستئناف، فجاء الرد لصالح القاضي الفيدرالي برفض طعن الإدارة وترامب مجبر على الالتزام بحكم المحكمة.
منذ عقود لم يمنع رعايا أي دولة من دخول أمريكا.. لماذا هذا القرار؟ خاصة أن أمريكا لديها جهاز مخابرات قادر على تحديد هوية الإرهابيين؟
قرار حظر المواطنين من السفر وملحقاته التي تشمل إلغاء آلاف التأشيرات وسحب الإقامة الشرعية يعد قرارا مؤثرا في السياسات الأولى وأدى إلى تشكيك المواطنين الأمريكيين والعالم الخارجي في قدرة المؤسسات الأمنية والخارجية الأمريكية على حماية المواطنين، وبالنسبة لوضع أي لاجئ فإنه يتم عمل بحث لحالته وفقا لـ17 مؤسسة أمنية بالإضافة للرجوع إلى الخارجية ولمعلومات البلد الأصلية.
هل يمارس الحزب الجمهوري أي ضغوط على الرئيس الأمريكي؟ وهل للحزب أي دور في سياسة القرار؟
الحزب الجمهوري له دور كبير جدا فى ملاءمة القرارات الرئاسية لطبيعة السياسات الأمريكية، ودوره يتضح فى تصحيح المسار لأن هذه المنظومة تعد حزام الأمان حتى لا ينفرد الرئيس الأمريكي بقرارات معينة، ورأينا هذا من أعضاء الكونجرس وجون ماكين، عضو مجلس الشيوخ من قبل، فأعضاء الحزب الجمهوري ولاؤهم الأساسى للناخبين المتواجدين بـ50 ولاية أمريكية، وهدفهم الوفاء بالمصداقية حتى لا ينعكس عليهم الأمر خلال الجولات الانتخابية المقبلة للكونجرس لعام 2018، حيث بدأ بالفعل الاستعداد داخل عدد من الولايات للانتخابات المقبلة.
من هي جماعات الضغط التى تؤثر في صنع القرار الأمريكي؟
هناك ثلاث جماعات مؤثرة بالفعل تعرف باسم جماعات الضغط، الأولى جماعات حزبية تدعمها الأحزاب، والثانية جماعات متخصصة لأقليات يهودية وهي أقوى الأقليات، والثالثة جماعات تابعة لأقليات مختلفة، وأعتقد أن هناك ضرورة الآن لتشكيل جماعات مصرية وعربية لتحسين الصورة الذهنية للمسلمين.
هل من الممكن أن ينسحب ترامب من الاتفاق النووي الموقع نهاية 2015 والذي ضم 6 دول بالإضافة لإيران؟
ترامب لا يمكنه إنهاء الاتفاق النووي الذي وقعت عليه أمريكا وإيران و6 دول في 2015 الماضي، وإذا أراد الانسحاب فسينسحب منفردا دون التأثير على الدول الأخرى، ولن يستطيع فرض الحصار الاقتصادي على إيران مثلما حدث قبل لأن دول أوروبا لن تقف معه في هذا الأمر في الوقت الحالي والعقوبات التى تم فرضها مؤخرًا بسيطة ولن تؤثر على الجانب الإيراني.
هل تهديدات ترامب بالانسحاب من حلف "الناتو" يمكن أن تدخل حيز التنفيذ يوما ما؟
لا يمكن لترامب الإقدام على الانفصال عن دول الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو كما صرح أكثر من مرة خلال فترة الانتخابات، فالحلف يمثل جبهة دفاع للولايات المتحدة، والكونجرس ووزارة الدفاع والمخابرات الأمريكية لن تقبل بهذه الخطوة، وفى حال إصرار ترامب ستتكبد أمريكا كثيرًا من الخسائر، فهذه التصريحات لاقت رفضا تاما من الداخل الأمريكي وتتسبب في اختلال موازين القوى، وقد تنذر بحرب عالمية.
وبالنسبة للتحالفات الأخري كالتحالفات الاقتصادية، فإن المستفيد الأول منها أمريكا سواء مع ألمانيا، والتي تمثل أكبر قوة اقتصادية في أوروبا أو فرنسا ذات الثقل السياسي.
إلى أي اتجاه تسير العلاقات "الأمريكية-الأوروبية" في الوقت الحالي؟
أعتقد أن العلاقات "الأوروبية – الأمريكية" لن تتأثر بالسلب في عهد ترامب لأنها بالأساس علاقات وطيدة منذ القدم ومتشابهة من خلال السياسات إضافة للروابط الاقتصادية والثقافية بينهما، لكن هناك تخوفات بانتقال العدوى من أمريكا لأوروبا، خاصة خلال الانتخابات المقبلة التي تشهد هيمنة اليمين المتطرف، والذي يستغل نعرة الإرهاب الاسلامي مثلما يفعل ترامب.
وللأسف العرب والمسلمون هم من أعطوا الفرصة للغرب لتشويه صورة الإسلام وترويج أفلامهم دون اتخاذ موقف للتصدي من خلال الثقافات أو غيره.
فرنسا القوة السياسية وألمانيا القوة الاقتصادية لأوروبا.. هل باتت علاقتهما متوترة مع إدارة ترامب؟
بالطبع خطاب ترامب عموما أثار مخاوف كثيرة داخل الأوساط أدى لتوتر شبه مصطنع، ما أثار مخاوف الدول الأوروبية، ولكن في حال انتهاج السياسات الأوروبية مسار اليمين المتشدد، فإن احتمالية انهيار السوق الأوروبية المشتركة قوية وفي أسرع وقت.