"الجلابية مش عيب".. عمال البعثة الألمانية: 40 عامًا من البحث عن "التاريخ" وفي النهاية "اتريقوا علينا"

أيادي .. باطنها أخشن من الحجر.. على ظهرها اختلط "البياض" بالجلد.. بياض خلفه تراب الحفر لم تفلح المياه في محو أثره.. "عمر" انفرطت شهوره وسنواته في "البحث والتنقيب" من موقع إلى آخر.. من محافظة إلى أخرى ومن الجنوب إلى "بحري" والدلتا.. مهنة توارثوها "صبيانًا" عن آبائهم وأجدادهم.. يعرفون عن التاريخ ما يغفله ربما بعض "الدارسين".. في أمريكا ودول أوروبا سُطّرت عنهم كلمات، ثناءات وقصص عن براعة "البحث" وعشق "الأثر".
"جلابية وعمامة على الرأس" تميزهم عن الجميع، بشرة سمراء و"لكنة" تكشف أنهم قادمون من الجنوب، ربما رأيناهم لأول مرة في المطرية وبالتحديد في منطقة "العرب" حيث الاكتشاف الأثري لتمثال الملك رمسيس الثاني :" اتريقوا علينا يا بيه وبيقولوا الناس اللي لابسين جلاليب أنا في المهنة دي من سنة 75 يعني بقالي 42 سنة" هكذا صاغ "الريس" عبد الفتاح قاعود أحد عمال الحفر والتنقيب التابعين للبعثة الأثرية الألمانية العاملة بمنطقة المطرية ما جال في صدره بشأن الحديث عن العمال عبر مواقع التواصل الاجتماعي عقب الاكتشاف الأثري وتداول صورهم خلال العمل.
عبد الفتاح قاعود رجل في نهاية العقد السادس من عمره، ملامح حادة، بشره سمراء الجميع يناديه "يا ريس" ورغم عمله مع "الخواجة الألماني" وانتقاله بين المحافظات إلا أنه لا يزال يحتفط بلكنته "الصعيدية" وإن جاز التعبير بلكنته "القناوية":" أنا من مركز قفط من قنا ومهنة البحث عن الاثار وراثة من أبويا ومن قبله جدي، الناس فاكرانا عمال عاديين ما حدش يعرف إننا بنعشق العمل في الآثار واللي نعرفه عنها دارسين كتير ما يعرفوهوش، إحنا شغالين مع البعثة الألمانية وبنروح مواقع تنقيب كتير وأفتكر إن أهم حاجة أنا شاركت في استخراجها كان معبد في المنصورة بس من سنين فاتت".
"الريس" عبد الفتاح تحدث عن طريقة عملهم وتوصيفها :" شغلنا حفر بطريقة معينة بنستخدم أدوات زي الفأس والمسطرين وتوصيف مهنتنا فني أثري وكل مكان بيبقي ليه طبيعة مختلفة في الشغل حسب المنطقة وهل هي حجرية ولا رملية ولا أرض طينية، أنا زي عامل الساعات شغلنا حساس جدا وبنخاف على الأثر أكتر من أي حد تاني وبنعشق تاريخنا وعشان كدا الخواجة متمسك بينا".
وعن ما يتقاضونه من أجور قال :" إحنا شغالين مع البحث في الوقت اللي بيكون فيه شغل وبمجرد ما تنتهي المهمة بنقعد في البيت لغاية ما ندخل معاهم في شغل جديد وأجورنا اليومية في حدود 95 جنيه للعامل، ودي شغلتنا نقدر نشتغل غيرها صحيح بس إحنا بقينا نعشقها، إحنا بندور عن التاريخ ونطلعه".