الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

5 أخطاء


دعم أقل.. أسعار أعلى ومرتبات ثابتة، هكذا يستقبل المصريون التطورات الاقتصادية التي شهدتها البلاد منذ ثلاثة أعوام، خطة معلنة ومستمرة من قبل الحكومة المصرية من أجل تخفيف الأعباء المالية التي تتكبدها ميزانية الدولة لدعم المحروقات، حيث صرح وزير البترول بأن تكلفة استيراد مصر من البنزين والسولار والبوتاجاز والغاز تصل إلى 800 مليون دولار شهري مشيرًا لإلغاء الدعم كاملًا بحلول عام 2019 على مراحل تدريجية لأن الدولة لا تستطيع تحمل كل تلك الأعباء.

ولفهم أدق لهذه الأوضاع، هناك 5 أخطاء تم ارتكابها خلال نصف القرن الماضي قادت للوضع الاقتصادي الراهن في مصر، فالحكومة الحالية تتحمل جزءا كبيرا من مسئولية الإصلاح والتغيير للجيل الحالي واستدامته لأجيال المستقبل.
 
الخطأ الأول.. تأخر مشاريع الطاقة النووية
على الرغم من سبق مصر في تراكم رصيد أكاديمي ضخم من الأبحاث النووية منذ فجر العصر النووي الذي بدأ بضرب مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين بقنبلتين نوويتين في أغسطس 1945، إلا أن الحكومات التي تعاقبت في القاهرة لم تبدِ للمشروع النووي المصري اهتماما يعادل قيمته الاستراتيجية في بناء وطن مزدهر ومتقدم تمثل الطاقة عموده الفقري.

وخلال سبعين عامًا، لم تبنِ مصر سوى مفاعلين اثنين فقط الأول تم تشييده بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي في مدينة أنشاص عام 1961 لأغراض البحث العلمي والثاني تم بناؤه عام 1992 بالتعاون مع الأرجنتين لنفس الغرض، وتصل قدرة انتاج المفاعلين معًا 24 ميجا وات فقط.
 
لا أريد مقارنة هذه القدرات النووية ببلد عملاق مثل الصين أو الهند، ولكن لنقارنها بكوريا الجنوبية التي لا تصل مساحتها لربع مساحة مصر، فهي تمتلك 24 مفاعلًا نوويًا بقدرة إنتاجية 22.5 جيجا وات، والأرقام معبرة لحجم الفجوة الرهيب بين مصر وكوريا الجنوبية مما يبرر نفس الفجوة بين اقتصاد البلدين. ولا يمكن نكران ارتكاز قوة الاقتصاديات المتقدمة على الطاقة الكهرو نووية، ففي مصر لا يوجد البديل النووي مما تسبب في توقف الاقتصاد على النفط وبالتالي أصبح بلا مناعة أمام اضطرابات أسواق النفط العالمية.

الملفات العالقة نار تحت الرماد.. حدود ومياه!
لقرون طويلة، حاول حكام مصر ضبط حدودها وحقوقها الإقليمية خاصة حقها في مياه نهر النيل، لكن لم تنتهِ هذه المحاولات بالنجاح الكامل حيث لا تزال هناك ملفات شائكة مفتوحة أو مغلقة لكنها تنتظر مَن يثيرها.

ولا تعد جزيرتا تيران وصنافير فريدتان، وإنما هناك مشكلة مثلث حلايب وشلاتين مع السودان ومشكلة أم الرشراش التي احتلتها إسرائيل عام 1949.. هي نيران تحت الرماد ولم يتم حسمها حتى الآن.
 
أما نهر النيل.. "رئة مصر" تأتي وسط تلك الأحداث بعد مماطلة وعناد من جانب اثيوبيا، فعلى الرغم من توقيع مصر والسودان لاتفاقيتي توزيع حصص المياه سنة 1929 ثم 1959، إلا أنها اتفاقيات تمت بين دولتي مصب وليست منبع، ولا تعد دول المنبع سواء في هضبة البحيرات العظمى بوسط أفريقيا كرواندا وبروندي ولا هضبة اثيوبيا ملتزمة قانونيًا بما تتفق عليه دول المصب باعتبارها ليست منشأ النهر ومن جهة أخرى هي معاهدات ثنائية بين طرفين اثنين فقط "مصر والسودان" دون ترتيب التزامات على دول أخرى ليست طرفًا فيها. وعدم توصل دول النيل (منبع ومصب معًا) لاتفاقية تخصيص حصص المياه يجعل الأمن المائي لهذه الدول في مأزق حقيقي خاصة مع اقتراب تشغيل سد النهضة لدى اثيوبيا.
 
السياسة والدستور.. والنقاط المفقودة
عند اندلاع أزمة شرعية الرئيس السابق محمد مرسي، تساءلت كثيرًا لماذا اضطر المصريون للخروج للشوارع والهتاف ضد الرئيس والاشتباك مع أنصاره.. ألا يوجد وسيلة أخرى تسمح لهم بالإطاحة برأس الحكم في ظل ظروف سياسية مماثلة؟

أرى بالدستور المصري نقاط هامة كان يفترض أنا يشملها، وأهمها وضع آلية سلمية لاختبار شرعية الرئيس بعد مضي فترة من وصوله للسلطة مثل اجراء استفتاء شعبي على إسقاطه، علاوة على ذلك لا يشير الدستور الراهن للهوية الاقتصادية للبلاد مما يدفعني للتساؤل هل مصر بلد رأسمالي أم اشتراكي أم طريق ثالث يجمع بين الرأسمالية والاشتراكية.
 
الاستثمار والديون!
كلمتان متضادتان، فالاستثمار يغني الدول عن الاستدانة، وعلى الرغم من امتلاك مصر لقانون استثمار ذات جودة صياغة فاخرة وشاملة، إلا أن سياسات الدولة تفضل الطريق الأسهل والأسرع وهو الاستدانة التي لا تتطلب جهدًا سوى شطب بنود الدعم من ميزانية الدولة بـ "الأستيكة"!!.

وخلال إقامتي في العاصمة الألمانية، شهدت حملات ترويجية ضخمة لسفارات آسيوية لتعريف المستثمر الألماني والأوروبي بفرص الاستثمار علاوة على ازدحام القنوات العالمية مثل سي إن إن بإعلانات ترويجية للسياحة في تايلاند وأذربيجان وأرمينيا، وتساءلت حينها أين دور سفاراتنا بالخارج وسط هذا الزخم من سباق جذب الاستثمارات؟ ومتى نقلع عن الحلول السهلة؟

أخيرًا وليس آخرًا.. عدم إعطاء تعمير الصحراء الأهمية التي تستحقها يختم الكلام، أكثر من 94% من مساحة الدولة فارغ وحالم بالاستصلاح.

هل ستفهم الأجيال القادمة حتمية الهجرة لصحارينا؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط