- مناظر الحج الفرعونية تظهر تشابه طقوس الحجاج في الملبس
- في الحج الإسلامي يغطي الحجاج الكتف اليسرى وبها القلب
- هناك جداريات فرعونية تظهر تغطية الحجاج الكتف ايسرى دون اليمنى
- المصرى بحث دائما عن سبب وجود العالم.. وعرف أن هناك قوة عظمى
- المصري القديم ظل يبحث عن الخالق حتى أنعم الله عليه بالرسل ليدلونه عليها
يهل علينا هذه الأيام موسم الحج، حيث يخرج ملايين المسلمين من جميع الأجناس قاصدين بيت الله الحرام فى مكة لأداء فريضة الحج وما فيها من شعائر ومناسك تشمل الطواف سبعة أشواط ووقفة عرفات.
وفي هذا الإطار، يفجر أحد خبراء الآثار مفاجأة مفادها أن أجدادنا المصريين عرفوا الحج، وكانت لهم بعض المناسك المشابهة لتلك التى يمارسها المسلمون، مستدلا على كلامه برسومات بعض الجداريات الفرعونية.
يقول مجدى شاكر، كبير أثريين بوزارة الآثار: "لم تنقطع فكرة الحج فى عهد المسيحيين، ففكرة الطواف والملابس والتحلل كل ذلك مارسه المصرى القديم رغم اختلاف المعتقد، حيث كان المصرى دائما البحث عن سبب وجود العالم، وعرف أن هناك قوة عظمى هى التى تدفعه وظل يبحث عنها ويحاول التقرب لها بمختلف الطرق، وإن أخطأ فى بعض الأحيان حتى أنعم الله عليه بالرسل ليدلونه على هذه القوى العظمى".
وأوضح شاكر أنه لم تعرف الكتابة المصرية القديمة كلمة محددة تشير لمفهوم الحج، رغم أن هذه الرحلة كانت من أهم أمنيات كل مصرى وكانت تصور كمنظر أساسى فى معظم المقابر لكل الطبقات، وكانت رحلة الحج تتم لمنطقة العرابة المدفونة فى محافظة سوهاج، وذلك لوجود معبد "خنتى أمنيتى" ويقع على الطريق المؤدى لمقابر الملوك وقبر أوزوريس.
وأضاف أنه كانت أعز أمنية لكل مصرى أن يدفن فيه أو على الأقل يزور هذا المكان، ليتلقوا هدايا الآلهة من قرابين وبخور وليضمن لنفسه مكانا بين المتميزين من الموتى ويشارك فى أعياد أوزير، ورغم أن غالبية الشعب المصرى كانت ذات دخل لا يسمح بوجود فائض يكفى نفقات الحج المرتفعة، لذا كان بعض الموظفين يستغلون فرصة تكليفهم بمهام رسمية بالقرب من أحد المراكز الدينية، ليقوموا بتحقيق تلك الأمنية العزيزة بزيارة المكان وترك لوحة أو نقش لدى المعبود لينول البركة، وعندما يعود يشيد لوحة يثبت بها ذلك ويضعها فى مقبرته.
وتابع: "كان المصرى يهتم بيوم الدفن مثل اهتمامه باختيار مكان القبر، ولا توجد مدة محددة تفصل بين الوفاة ويوم تشييع الجنازة، والذى كان يتأخر بسبب رحلة الحج لأبيدوس، حيث كان يوضع تابوته فى وسط قارب مزين وبجواره نسوة من أقاربه يندبن ويولولن، ويقف كاهن ليقدم له القرابين ويحرق البخور أمام المومياء، وأمام ذلك قارب آخر به عدد من النساء يولولن فى اتجاه الجثة وقارب آخر للرجال ورابع لزملائه وأقاربه".
وأوضح أن موعد رحلة الحج كان اليوم 8 من الشهر الأول من فصل الفيضان، حيث كانت احتفالات أوزير تجرى فى الشهر الأول الفيضان، ويتواكب مع عيد أوزير الذى يستمر من الثامن من الشهر الأول الفيضان حتى يوم السادس والعشرون من نفس الشهر والليلة الكبيرة فى يوم 22 من نفس الشهر.
واستطرد: "بجانب الحج لأبيدوس، كانت هناك زيارات لبوتو وسايس وهليوبوليس وكلها مدن لها قدسيتها وكانت لها مقاصير تشارك فى عيد أوزير، وبعد العودة والانتهاء من رحلة الحج كانت المراكب تعود للشاطئ الغربى، وتبدأ رحلة تشييع الجنازة بوضع التابوت على زحافة يجرها أربعة ثيران، ليجرى لها طقس فتح الفم وصب الماء أمامها، ويتخلل ذلك ولولة الزوجة وهى تحتضن مومياء زوجها، وكانت أحيانا ترافق كل هذا الراقصات والمغنيات للموكب".
وكشف عن أنه بدراسة الملابس المستخدمة في الحج الإسلامي والفرعونى، فإن الملابس تعتبر جزءا مهما من المناسك الإسلامية، وهي ذات اللون الأبيض وهي نفس الملابس المستخدمة في مناظر الحج الفرعوني إلى منطقة أبيدوس، ومدون الكثير من هذه المناظر على جدران المقابر سواء الأفراد أو النبلاء، حيث اعتبرت مناظر رحلة الحج شيئا حرص المصري على تسجيل مناظرها على جدران مقبرته.
وقال: "واللون الأبيض له الكثير من الدلالات من حيث الصفاء والتسامح والتقوى والورع والسمو والغفران من الذنوب، والأبيض فى الهروغليفية (حدج) في حين كلمة الحجاز مكونة من( حدج آذ)، وكلمة آذ تعني خطوة أو الضياء والنور، وبذلك تكون كلمة الحجاز تعني الخطوة البيضاء أو الخطوة ذات الضياء (ومازلنا نقول مكة فيها جبال النور طلة على البيت المعمور) كما تغنت بها كوكب الشرق أم كلثوم".
وأضاف شاكر أنه في الحج الإسلامي يقوم الحجاج بتغطية الكتف اليسرى وتحتوي على القلب، وبالفعل هناك مناظر الحج الفرعونية تظهر تغطية الحجاج الكتف اليسرى دون الكتف اليمنى، وربما لما يحمله اللون الأبيض من قيم عالية، وأن الجانب اﻷيسر من الجسد الذي يغطيه الحاج يحتوي على القلب، وأن الله في هذا اليوم يريد أن يغفر للحجيج جميعا، لذلك يريد أن يراها بيضاء مثل اللون اﻷبيض الذي يغطي القلب والذي يكون منبع الغل والحقد كما هو أيضا منبع من الخير والإحسان.
وتابع: "لذلك يغطي كل الحجيج الكتف اليسرى لأن الله يريد أن يرى كل القلوب بيضاء وهو غافر لما بداخلها من الشرور، واعتبر الفراعنة أن القلب هو أهم ما يزين الإنسان ويجمله، ويدخل في أسماء الملوك ويأخذ صفات من الجمال وسمى "أيب"، وكانوا يصفون شخصا بأنه طيب القلب أو ذو قلب طيب، وكلمة طيب أو طيبة هى "نفر"، وكان صغار السن في الجندية هم النفر، وتعني الجمال أو الناضجين، ولمكانة القلب كان يحنط وكان يركن له ويعتبر حجة على صاحبه أثناء محاكمة الموتى الفرعونية.