قصة هجوم «طه حسين» على «العقاد» بسبب «العبقريات»: جائزة لمن يفهمها

لفترات طويلة ظلت حالة السجال والخلاف دائرة بين الأديبين الكبيرين طه حسين وعباس العقاد ما بين تهكم وانتقاد وسخرية يسخر فيها كل طرف إمكاناته الأدبية لنقد أعمال الآخر، إلا أن عميد الأدب العربي طه حسين كان الأكثر حدة في التناول مقارنة بالعقاد.
بعد أن قررت وزارة التربية والتعليم تدريس كتب محمود عباس العقاد في المدارس، دفعت طه حسين للسخرية منه وأنه لا يفهم ما الذي يقصده في كتبه في جلسة جمعته بالكاتب الكبير أنيس منصور.
ويذكر الكاتب الصحفي أنيس منصور في مقال له بعنوان «طه حسين يقول: عندي جائزة لمن يفهم الأستاذ العقاد؟!» أن: «فجأة اتجه الحوار إلى أن أحد كتب الأستاذ العقاد قد قررته وزارة التربية والتعليم على الطلبة. والطلبة يصرخون لأنهم لا يفهمون ما قاله العقاد. وظهرت البهجة على وجه الأستاذ العميد، وانفتحت شهيته لكلام قد احتبس عنده فقال: وأنا لا أفهم ما قاله العقاد.. هاها».
ويضيف منصور: «وقال طه حسين، إن أحفادي قرأوا كتاب العقاد عن «أبو الشهداء» ولم يفهموه، وأنا أعلن عن جائزة لمن يفهم هذا الكتاب هاها.. وأحنى رأسه.. وكأنه يقول لعبد الرحمن الشرقاوي.. قال الأستاذ: العقاد يضع رأيه في أفواه أبطاله.. فهم يتحركون ويفكرون بالضبط كما أرادهم العقاد».
ويكمل أنيس منصور قوله: «طه حسين يشير إلى أسلوب العقاد في تحليل الشخصيات وأسلوب طه حسين في تحليل الشخصيات أيضا. وقال طه حسين: إن كتاب العقاد عن أبي نواس كأن الذي كتبه فرويد وليس العقاد. فقد طبق العقاد على أبي نواس كل نظريات علم النفس عند فرويد..هناك مقولة شهيرة ـ أنا الذي أقول ـ إن العقاد يمشى أمام النص وطه حسين يمشى إلى جواره وتوفيق الحكيم يمشى وراءه..ثم قال الأستاذ: إن أخانا الأستاذ أنيس قد لا يعجبه ما أقول. فهو يحب العقاد إلى حد كبير.. وسكت كأنه ينتظر أن أرد! ولم انطق بكلمة! ولكن رددت عليه في عدة مقالات لم يسعد بها الأستاذ وأدهشه أن تكون لهجتي هي الدفاع عن المرحوم العقاد هكذا جارحة!».
لم تتوقف انتقادات «طه حسين» للعقاد إطلاقًا سواء في السر أو في العلن، ففي حوار استضافة فيه التليفزيون المصري بحضور 10 أدباء من بينهم «يوسف السباعي ونجيب محفوظ وأنيس منصور وعبدالرحمن الشرقاوي ومحمود أمين العالم وغيرهم» سأله أنيس منصور حول أدب العقاد، صمت «طه حسين» ثم رد على سؤال أنيس بقوله: «وهل تفهم منه شيئًا»، ليجيبه منصور: «نعم أفهم لا أستطيع أن أقول أنني لا أفهم»، فرد طه حسين: «أنا لا أفهم منه شيئًا وضحك».
ظن الجميع أن الأديبين لن يلتقيا أبدًا إلا أنه عملًا بمبدأ «معادن الناس تظهر وقت الشدائد»، فقد دافع العقاد عن طه حسين إبان محنته بكتاب الشعر الجاهلي، وخالف رأي حزبه حيث كان عضوًا بارزًا في الوفد، وبعد سنوات عندما تحول طه حسين إلى الوفد جامل العقاد وأهداه كتاب «دعاء الكروان».