الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دراما رمضان، تطوى صفحة، وتكتب من أول السطر


بدأنا نسمع عن الواقعية لأول مرة فى الدراما السينمائية مع سطوع نجم المخرج الكبير صلاح أبوسيف، كانت أفلام مثل الزوجة الثانية، شىء من الخوف، دعاء الكروان، وغيرها من روائع السينما المصرية تجسد الدراما الواقعية بامتياز، ولكن ما سمات الواقعية التى كانت تجسدها؟

كانت تعلى من قيم إيجابية، من إنتصار الخير علي الشر، من سيادة المبادىء الصحيحة والتى دائما ما ترجح كفة العقل و الخير علي كفة المادة والشر.

فى جيل سينمائى بعد ذلك إستهوت الواقعية عادل إمام، وأحمد زكى، ونور الشريف، وكان تجسيدهم للواقعية تحت نفس المبادىء والقيم سواء بأسلوب الفانتازيا، أو التراجيديا.

ولأن الواقعية فى تلك الأعمال كانت تتماس بشكل حقيقى مع معاناة المجتمع وفى نفس الوقت تقدم له الأمل، وتؤكد علي أنه لا يصح إلا الصحيح فى النهاية، فقد كان الجمهور يقبل عليها ويشاهدها بإهتمام.

بالتوازى مع هذا الإتجاه الفنى كانت تجربة يوسف شاهين التى بدأت بأفلام مثل باب الحديد ثم أخذت فى منحني آخر لأفلام لا يفهمها الكثيرون وحتي وإن كانوا من النخبة المثقفة ورغم ذلك كانوا يبدون إعجابهم الشديد بها تحت مسميات وأسباب كثيرة أهمها الخوف من أن يقال عنهم غير متذوقون لإبداع يوسف شاهين !!

وهذا مثل حال الكثيرين من المثقفين الآن الذين يغالون فى كونهم معترضون علي أى شيء فى أى وقت فقط لإعتقادهم أن الفنان لابد أن يكون معترض دائما وفقط !!

ثم تعلق بمدرسة شاهين - التى صنعت لنفسها هالة تخيف و تصد أى أحد عن نقدها أو رفضها، حتي لا يتهم أنه غير مثقف – وريثه المدلل الذى بدأ فى تقديم الواقعيه بمفهومه الخاص حيث إقناع من يشاهد أعماله أن الشر منتشر و متأصل لدرجة أن الخير لا يمكنه الإنتصار، أن القوة فى القدرة علي أن تصبح شرير، و بعد ذلك بدأ فى إظهار معاناة المواطن المصرى وتقديمها كأمر واقع ليس له حل، وعلي أنها أسلوب حياة لكى يقنع المشاهد بحالة من اليأس تبدو كأنها حياته اليومية وبالتالى علية التعامل معها برد فعل يماثلها، فمثلا يصبح المواطن سارق دون خجل، يقوم بأفعال لا أخلاقية دون تأنيب ضمير، وهكذا.

إمتدت تلك الحالة للدراما التليفزيونية من عدة سنوات وخاصة فى أعمال رمضان فوجدناها تقدم لنا المصرى فى الأحياء الشعبية لا يتحلي بأخلاق إبن البلد، لا شهامته، ولا أخلاقه، وفى الطبقة الراقية كأنه لا يعيش فى مصر ولا تحكمه منظومة القيم، دون أدني خجل أو حتي تقديم نموذج صحى مقابل النموذج الفاسد .

ولكن الجميل أن المشاهد المصرى رغم جرعات الدراما الضخمة من هذا النوع التى سعى بعض أهل الفن فرضها عليه وإقناعه بأنها صارت يوميات مصرية خالصه، رفضها و بدأ فى مقاومتها و نقده لها ومقاطعتها، حتي تدنت نسب مشاهدتها فى التليفزيون والسينما علي حد سواء .

حتي وجدنا الدراما الرمضانية هذا العام تحمل لنا شكلا و مضمونا مختلفين، يدل علي أن التوجه العام بدأ يتعافي، ويسير علي الطريق الصحيح .

هناك وجوه اختفت من السباق، ووجوه نتيجة مسلسلاتها لم يشاهد أحد، لم نجد استفزاز طبقات المال التى تقدم لنا كل الشعب يسكن القصور، ولم نجد دراما البلطجه التى تقدم كافة المواطنين يحملون الأسلحة البيضاء ويقومون بشراء المخدرات من المحلات، ولا حالات المرض النفسى المغالي فيها والخيانة التى تقدم وكأنها خبر يومى عادى.

نعم فإن توجه الدراما قد طوي الصفحة، ويكتب الآن من أول السطر.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط