لا تستطيع أن تلمح من صفحة الفيسبوك الخاصة بالفتاة من خلال منشوراتها، سوى شخصية هزلية ساخرة محبة للجميع تلاطف الأحداث والمجريات بتعليقات ترسم على شفاهك البسمة وتقربك منها دون أن تراها.
لم تكن دينا خالد من تلك الفئة الغامضة اليائسة المنغلقة على نفسها بقدر ما كانت اجتماعية منطلقة تهوى المرح - بحسب ما كتب عنها زملاؤها - لكنها وسط كل تلك المنشورات الساخرة من انتهاء عام وابتداء عام جديد كتبت يوم 29 ديسمبر " سانتا ده بتاع العيال التوتو .. انما انا مستنية ملك الموت" ليتفاجأ الجميع بموتها بعد أيام قليلة من هذا المنشور.

كانت دينا التي لم تغص بعد في قلب الحياة لتكتشف حلوها أو مُرها، تأمل في أيا قادمة أفل من ماضيها القريب، لكنها كانت تحتفل حتى باعتقادها بأن القادم - الذي لا يأتي أبدا ولن يأتي - أفضل، كتبت دينا لتحتفل وتعزي نفسها في نفس الوقت " اليوم الذكرى السنوية لمرور 10 سنوات على اعتقادي أن السنة الجاية أجمل"، كتبتها يوم 1 يناير لتعلن انقضاء العشر سنوات على الذكرى دون العبور لعام آخر بأمر القدر وتقدير الخالق.

التعازي لم تزل تنهمر على الصفحة الشخصية لـ دينا من الآلاف ممن يعرفونها وممن لا يعرفونها، لتتحول صفحة الفقيدة إلى مدونة لا يكتف الزائر لها بمجرد النظر، بل يتجول في كل منشوراتها ويحلل نكاتها الساخرة التي لا يستوحش أن يترك تحتها تعليقا مفاده "إنا لله وإنا إليه راجعون".