EN
عرفها الأطفال بصوتها المميز، وبقدميها فقط أضحكتهم، تعلقوا بها وأحبوا مشاهدها، وخلال عرض كرتون توم وجيري، ينتظر الصغار ظهور مربية المنزل السمراء التي دوما ما تفسد خطة توم وجيري.
ظهرت الخادمة أو المربية في سلسلة حلقات كرتون توم وجيري بنصفها السفلي فقط، وأثارت فضول الصغار والكبار لرؤية وجهها، إلا أنها لم تظهر بصورتها الكاملة في الحلقات إلا نادرا، حتى سرح البعض بخياله لرسم شخصية المرأة وملامح وجهها، والشيء الوحيد الذي ظهر منها هو بشرتها السمراء التي بدت على ساقيها، ظن الكثيرون أنها مجرد شخصية من وحي خيال مؤلف الكرتون إلا أنها لم تكن كذلك.
ومن صوتها عرفها البعض، هاني ماكدانيال، تلك الممثلة المسرحية والمغنية الأمريكية من أصول أفريقية، وتعد أول من فاز بجائزة أوسكار من أصول زنجية، وكرهها الأمريكيون العنصريون حتى هاجمها البعض بعد فوزها بالأوسكار."مامي mammy "، هكذا عرفت ماكدانيال واشتهرت في توم وجيري بهذا الاسم، تلك الشخصية التي لمعت بعدما جسدتها في فيلم "ذهب مع الريح" عام 1939، والذي فازت عنه بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة مساعدة، وحفلت مسيرتها المهنية بالعديد من الأعمال الفنية والغنائية، حيث ينسب لها أنها أول امرأة سوداء تغني على الراديو في الولايات المتحدة، والتي كانت تعد طفرة في هذا المجال آنذاك نظرا للعنصرية التي كانت تطغى على المجتمع الأمريكي وقتها.
ابتسامتها الراضية لم تفارقها بالرغم من الشقاء الذي عاشته أثناء طفولتها، بداية من ولادتها لأبوين من العبيد السابقين، وكانت الفتاة الأصغر من 13 طفلا، وحارب والدها في الحرب الأهلية، إلا أنها وأشقاؤها أحبوا المسرح فعملوا به منذ الصغر.انحصرت أدوار السيدة السمراء في أدوار الخادمة بمعظم أفلامها، إلا أنها أثبتت جدارتها، وإتقانها للشخصية التي تجسدها جعلها مصدر إلهام للكثيرين، حتى فازت بشخصية "مامي" في فيلم "ذهب مع الريح"، وبالرغم من أدوراها المعدودة، هوجمت بشدة بسبب لون بشرتها، ومع زيادة شهرتها انهالت عليها الانتقادات حتى أن بعض المجتمعات السوداء أبدت استياءها من وضع ماكدانيال في شخصيات الخادمة فقط، مطالبين بتغيير أدوارها.
رحلت هاني ماكدانيال عن عالمنا عام 1952 عن عمر ناهز 57 عاما، لتظل عالقة في أذهان أجيال عديدة، يعشقها الصغار والكبار، لتبقى نموذجا للإصرار والنجاح رغم التمييز العنصري، وتصبح بشرتها السمراء هي سر تعلق الأطفال بها.
