قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ندوة للأوقاف: الصدق والأمانة أساس التعامل بين التاجر والمستهلك

ندوة للأوقاف
ندوة للأوقاف

أكد الدكتور أسامة فخري الجندي، مدير إدارة المساجد بالديوان العام لوزارة الأوقاف، أن الشريعة الإسلامية جاءت لتحقق للإنسان إنسانيته، من أجل ذلك أنزل الله -عز وجل- القيم التي تحفظ للإنسان حياته، وتحقق له السعادة والطمأنينة والاستقرار، وتدفع عنه الظلم والجور، وتضبط حركته مع نفسه ومع الناس جميعًا.

وأضاف «فخري» خلال ندوة علمية لوزارة الأوقاف بعنوان: «حماية المستهلك في ضوء الشريعة الإسلامية» بمسجد النور بالعباسية، أن من هذه القيم الأمانة، والصدق، والتعاون، والإتقان، وعدم الجشع، والاستغلال وغيرها، ومن ثَمَّ فعلى الإنسان أن يلتزم بتلك القيم، وإلا وقع في الفساد، ولا يأتي الفساد إلا إذا انحرف الناس عن منهج الله، وقد أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- تلك القيم فقال: «إِنَّ الْهَدْيَ الصَّالِحَ وَالسَّمْتَ الصَّالِحَ وَالاِقْتِصَادَ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»، فما أجمل الهدي الصالح بحسن الاهتداء بالأنبياء والرسل.

وأوضح أن حماية المستهلك في ضوء الشريعة الإسلامية تأتي على مسارين: الأول: يتعلق بحماية المستهلك نفسه، وهذا يتحقق بالترشيدٍ في حاجياته دون إسراف أو تبذير، قال تعالى: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ».

وتابع: والثاني: يتعلق بتوجيه المتعامل مع المستهلك، بحيث يتحلى بالصدق والأمانة وعدم الغش في عرض المنتج للمستهلك، لأجل ذلك كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتابع بنفسه حركة السوق، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرَّ على صبرة طعام ، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا، فقال: «ما هذا يا صاحب الطَّعام؟ قال: أصابته السَّماء يا رسول الله ، قال: أفلا جعلته فوق الطَّعام كي يراه النَّاس؟ من غشَّ فليس منِّي».

وأشار إلى أن الإسلام قد نهى عن التطفيف المركب فى الكيل والميزان، لأن التطفيف ينقص الميزان ويبخس الناس أشياءهم، ومن هنا أنزل الله عز وجل منهجا يضمن سعادة الحياة وسلامتها، قال تعالى: «وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا»، وهذه الآية الكريمة تجعلنا ندرك أن الله -عز وجل- أكد الدقة في الميزان خاصة، لأنه مجال واسع للغش والخداع وأكل أموال الناس.

وفي كلمته، نوه الدكتور عبد الخالق صلاح عبد الحفيظ عطية، إمام مسجد السيدة زينب -رضي الله عنها-، بأن حقَّ العيشِ الكريمِ مكفولٌ لكل إنسانٍ، وعلى المسلمين- أفرادًا وجماعاتٍ بما تفرضُه عليهم نوازعُهم الإنسانيَّةُ، وتوجبُه ثوابتُهم الإيمانيَّةُ – أن يُرسِّخوا هذا المفهومَ في نفوسِهم ويحققوا وجودَه في حياتِهم، ويُراعوا حضورَه حالَ تعاملِهم أخذًا وعطاءً، بيعًا وشراءً مع بني جنسِهم؛ حتى يَسودَ التَّوادُّ والتَّحابُّ بينهم ويشيعَ التَّعاونُ والتآزرُ في معاملاتِهم.

وواصل: فيُحبُّ كلٌّ منهم للآخرِ ما يحبُّه لنفسِه، ويكرهُ له ما يكرهُهُ لنفسِه، وهو ما يقتضيه الإيمانُ الَّذي يعنيه الرسولُ -صلَّى الله عليه وسلَّم- في قولِه: «لا يؤمنُ أحدُكُم حتَّى يحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسِه»، حبًّا لا أثرةَ فيه ولا استغلال، ولا غشَّ ولا ابتزاز ، ولا تدليسَ أو احتكار ، ولذا يقولُ الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «خيرُ الناسِ أنفعُهم للناسِ»، فلنجعل من هذه الإشراقةِ النبويَّةِ، والضياء الرباني نِبراسًا يَهدينا إلى حُسنِ المعاملةِ ونُبلِ الأخلاقِ، في بيعِنا وشِرائِنا من خلالِ التخلي عن كل مايشيننا، ويضر بمصالح بني جنسنا، فلا تبخس حقَّ أحد ولا تُغَرِّرْ به أو تَغُشَّه، في بيعٍ أو شراءٍ ولا تحتكِر بضاعة، يقول -صلَّى الله عليه وسلَّم- في مَن يحتكرُ: «لا يَحتكرُ إلاَّ خاطئٌ».

ولفت إلى أن الغشِّ والتدليسِ منهيٌ عنهما فى الشرع الحنيف لذا يقول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «مَن غشَّنا فليس منَّا»، كما حرم الإسلامُ – حِمايةً للمستهلكِ – التلاعبَ بالأسعارِ عن طريق النَّجَشِ؛ وهو: أن يزيدَ الإنسانُ في ثَمنِ السلعةِ وهو لا يريدُ شِراءَها إنَّما فقط لدفعِ الآخرين لشرائِها، وقد يكون ذلك بتواطُؤٍ بين البائعِ والنَّاجشِ؛ يقول -صلَّى الله عليه وسلَّم- ناهيًا عن ذلك: «ولا تناجشوا».

من جهته، ألمح الشيخ عباس فتح عباس صالح، إمام مسجد النور، إلى أنَّ القرآن الكريم قد ضبط ميزان التعامل بين التاجر والمستهلك بأهم قاعدة وميزان سبق كل الدعوات العالمية وهو ما جاء في قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» وقد بين النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- هذه القاعدة في التعامل حيث قال: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى».

ثم وضع الإسلام القواعد التي تحمي المنتج والمستهلك جميعًا فجاء الأمر بذلك في قوله تعالى: «وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ» وقوله تعالى: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ»، وقوله تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»، وفي قول ابن عباس -رضي الله عنهما-: «كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان سرف ومخيلة»، وفي قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ»، كما حرم الإسلام الاحتكار، بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ».

واختتم حديثه بالتأكيد على أن الصدق والأمانة هما أساس التعامل بين التاجر والمستهلك، كما في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: «التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ» فعلى الجميع أن يتخلق بخلق الإسلام، وأن يتأدب بأدبه ليعم الخير في المجتمع وليسع الخير كل الناس.