الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عماد الفشني يكتب الأزهري.. ومدرسة الإمام حسن العطار

صدى البلد

ما بين مدرستي المحافظين والإصلاحيين في الجامع الأزهر ظهرت مدرسة متفردة بديعة نسبت للعلامة الإمام المجدد حسن العطار، أطلق عليها صاحب جمهرة أعلام الأزهر العالم الجليل الدكتور أسامة الأزهري (مدرسة المحافظ المستنير) تميزت عن سابقتيها بعمق رؤيتها وبعد نظرها، وعظم قدرتها على معايشة الواقع وربطه مع الشرع الشريف، وأنها الأكثرانفتاحًاعلى المدارس والثقافات في الشرق والغرب مع الحفاظ على هويتها وتراثها الأزهري، إضافة لكونها مقبولة من المدرستين السابقتين، وموضع اتفاق من الجميع، وأنها الأكثر تعبيرًا عن الأزهر ومنهجه الرصين في المظهر والجوهر.

استمدت المدرسة قوتها من مؤسسها العلامة الشيخ حسن العطار، تلك الشخصية الفريدة من نوعها التي قلمًا يجود الزمان بمثلها نظرًا لحدة ذكائه وأتساع أفقه، وصفاء قريحته، وكثرة اطلاعه، فقد أتقن علوم الشرع الشريف ثم انخرط في العلوم العقلية والتجريبية فدرس الفلك والهندسة والتشريح وعلوم المنطق والمقولات. 

مما أكسبه عقلية سمت به عن معاصريه، وأثقلته قوة وسكينة في الأحداث العاصفة التي عاصرها إبان الغزو الفرنسي لمصر عام 1798م، فعاين سقوط بلاده في أقل من ثلاثة ساعات أمام المدافع الفرنسية ثم اقترب من المحتل، وزار المجمع العلمي الذي أنشاءه علماؤه ورأى التفوق العلمي المذهل للفرنسين وشاهد بعض التجارب العلمية التي صدمت بعض معاصريه، جعلتهم يقفون باندهاش وذهول عاجزين عن التفسير والفهم، وأصابت البعض بصدمة المعرفة، لكن العطار وقف بثبات، يحلل ويفكر فاستوعب الواقع، وعلم مقدارالفجوةالعلمية التي نتجت عنالعزلة بين أمته والغرب فنادى بضرورة تجديد المعارف بمصر، فقال: "إن بلادنا لابد أن تتغير أحوالها ويتجدد بها من المعارف ماليس فيها" فما أن هبت رياح التغيير وتولى محمد على باشا حكم مصر، حتى استعان بالإمام العطار في تأسيس المدارس العلمية المختلفة، وإرسال البعثات العلمية.

أما عن منهج هذه المدرسة فهو الانفتاح على المدارس العلمية المختلفة في المشرق والمغرب، كما فعل إمامها عندما أرسل تلميذه الشيخ رفاعة الطهطاوي، مع البعثة العلمية إلى فرنسا، وأمره برصد كل كبيرة وصغيرة عن المجتمع الفرنسي، وهو ما وضعه رفاعة نصب عينيه وأتمه من خلال مؤلفه الذي سماه: "تخليص الإبريز في تلخيص باريز"، كما أرسل تلميذه العلامة الشيخ محمد عياد الطنطاوي إلى روسيا ليُدرِّس في جامعة سانتبطرسبورغ، فظل يؤدي واجبه حتى وفاته عام 1861م.

أما عن رسالتها فهي صناعة عقول تتقن العلوم الاثني عشر، على نحو يمكنها من فهم الوحيين، وربطه بالواقع لتصنع رؤية تنير الطريق للعباد والبلاد، وتساهم في صناعة الحضارة والمدنية ونشر الأمن والطمأنينة والفضيلة في أرجاء المعورة.

أما عن أعلام هذه المدرسة فما أكثرهم، وهم كل من سلك مسلك العطار وتلامذته أمثال: مفتي الديار الشيخ محمد بخيت المطيعي، والشيخ محمد عبد الله ديراز، وغيرهم الكثير.