حكاية لوحة.. يدان داعيتان تكريم آلبرخت دورر لشقيقه بعد كسر أصابعه

رسم الفنان الألماني آلبرخت دورر، لوحة "يدان داعيتان"، تكريمًا لشقيقه آلبرت، حيث رسم يداه بكل ما تحملهما من تفاصيل، الشقوق والتشوهات، بدقة وبراعة متناهية.
وتعتبر هذه اللوحة إحدى أكثر اللوحات استنساخًا حتى يومنا هذا، فكثيرًا ما تتواجد في المكاتب والبيوت وأماكن المناسبات الدينية و طاقات المعايدة كرمز للشكر والمحبة.
واستوحى منها النحاتون تماثيل عديدة نظرًا لدقتها، وانتشرت كذلك كوشم تبركًا برمزيتها الدينية، وعلى الرغم من مرور خمسة قرون على رسم هذه اللوحة، إلى أنها ألهمت في مغزاها العديد من الناس على مر السنين.
ألبرخت ديورر، ولد لأسرة فقيرة مكونة من 18 أخًا وأختًا، كان والده الذي يعمل بالحدادة في إحدى القرى الألمانية المعيل الوحيد للعائلة، وعلى الرغم من تعلم ألبرخت مهنة والده والعمل بها لسنين، فقد بقي متعلقًا بحلم أن يصبح فنانًا وكان لأخيه الأكبر ذات الحلم، ومع يأسهما من مساعدة والدهما في إرسالهما إلى أكاديمية نورنبرغ لتعلم الرسم، إلا أنهما وفي إحدى الليالي، وبينما كانا يتناقشان حول الأمر، اتفقا على رمي العملة في اليوم التالي، والخاسر سوف يعمل في أحد المناجم القريبة، ويعيل الآخر لأربع سنوات إلى أن ينهي تعليمه، وعندما يتخرج الأخ الفائز فإنه يعيل أخاه في الأكاديمية، إما من مبيعات أعماله الفنية، أو بالعمل في المناجم إذا لزم الأمر.
وألقى الأخوان العملة بعد العودة من الكنيسة يوم الأحد، وقد فاز ألبرخت بالقرعة فذهب شقيقه للعمل في المناجم، وعلى مدى أربع سنوات في الأكاديمية، تفوق دورر في الرسم حتى على أساتذته وذاعت سمعته، ومع نهاية تخرجه كان قد تلقى العديد من طلبات اللوحات وقبض ثمنها، وبعد تخرج دورر وعودته إلى قريته الصغيرة، وأقامت عائلته حفلًا خاصا بهذه المناسبة، قال فيها آلبرخت كلمة شكر مؤثرة بحق أخيه، وختم قائلا: "أخي المبارك آلبرت، حان دورك الآن، يمكنك الذهاب إلى نورنبرج لمتابعة حلمك، وسوف أعتني بك".
في تلك اللحظات بدا آلبرت شاحبا باكيًا حيث أنه لن يستطيع الذهاب إلى الأكاديمية، فقد تحطمت أصابع يديه أكثر من مرة، وأصيب مؤخرًا بالتهاب المفاصل في يده اليمنى جراء العمل في المناجم، بحيث لا يستطيع قرع كأسه بكاس أخرى لشرب نخب عودة أخيه، حيث قال دورر: "لن يستطيع التحكم بالفرشاة أو القلم في الرسم، لقد فات الأوان".