الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بتكلفة أكثر من 22 مليون ريال.. الكعبة المشرفة ترتدي كسوتها الحريرية الجديدة المرصعة بـ120 كيلوجرام من الذهب بمساعدة 120 فنيًا وصانعا

استبدال كسوة الكعبة
استبدال كسوة الكعبة

  • 120 فنيًا وصانعًا يشاركون في مراسم استبدال كسوة الكعبة
  • «ملك حمير» أول من كسى الكعبة المشرفة قبل الإسلام
  • «أم العباس» أول امرأة كست الكعبة بنذر قبل الإسلام


بدأت صباح اليوم مراسم استبدال كسوة الكعبة المشرفة على يد 160 فنيًا وصانعًا جريًا على عادة الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في مثل هذا اليوم من كل عام، بتكلفة أكثر من 22 مليون ريال.

وأشرف على عملية استبدال كسوة الكعبة المشرفة القديمة بكسوة جديدة، الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس.

وأفاد وكيل الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام أحمد بن محمد المنصوري، بأنه تم اليوم إنزال الكسوة القديمة للكعبة، وإلباسها الكسوة الجديدة، والمكونة من أربعة جوانب مفرقة وستارة الباب، حيث تم رفع كل جنب من جوانب الكعبة الأربعة على حدة إلى أعلى الكعبة المشرفة تمهيدًا لفردها على الجنب القديم وتم تثبيت الجنب من أعلى بربطها وإسقاط الطرف الآخر من الجنب بعد أن تم حلّ حبال الجنب القديم، بتحريك الجنب الجديد إلى أعلى وأسفل في حركة دائمة، بعدها سقط الجنب القديم من أسفل وبقي الجنب الجديد، وتكررت العملية أربع مرات لكل جانب إلى أن اكتمل الثوب، ثم بعدها تم وزن الحزام على خط مستقيم للجهات الأربع بخياطته.

وأضاف: "بدأت هذه العملية أولًا من جهة الحطيم، لوجود الميزاب الذي له فتحة خاصة به بأعلى الثوب وبعد أن تم تثبيت كل الجوانب تثبت الأركان بحياكتها من أعلى الثوب إلى أسفله، وبعد الانتهاء من ذلك تم وضع الستارة التي احتاجت إلى وقت وإتقان في العمل، وذلك بعمل فتحة تقدر بمساحة الستارة في القماش الأسود والتي تقدر بحوالي ٣.٣٠ متر عرضًا حتى نهاية الثوب، ومن ثم تم عمل ثلاث فتحات في القماش الأسود لتثبيت الستارة من تحت القماش، وأخيرًا تم تثبيت الأطراف بحياكتها في القماش الأسود على الثوب".

وأشار المنصوري إلى أن الكسوة تتوشح من الخارج بنقوش منسوجة بخيوط النسيج السوداء ( بطريقة الجاكارد ) كتب عليها لفظ (يا الله يا الله ) ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) و( سبحان الله وبحمده ) و( سبحان الله العظيم ) و( يا ديان يا منان) وتتكرر هذه العبارات على قطع قماش الكسوة جميعها.

وأفاد بأن عدد قطع حزام كسوة الكعبة المشرفة يبلغ 16 قطعة، بالإضافة إلى ست قطع و12 قنديلًا أسفل الحزام وأربع صمديات توضع في أركان الكعبة وخمس قناديل ( الله أكبر ) أعلى الحجر الأسود، إلى جانب الستارة الخارجية لباب الكعبة المشرفة.
وبين أن الكسوة تستهلك نحو (670) كيلو جرامًا من الحرير الخام الذي تتم صباغته داخل المجمع باللون الأسود و120 كيلو جرامًا من أسلاك الذهب و100 من أسلاك الفضة.

ولفت إلى أنه يعمل في مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة قرابة (200) صانع وإداري، وجميعهم من المواطنين المدربين والمؤهلين والمتخصصين, مبينًا أن أقسام المجمع هي : قسم المصبغة والنسيج الآلي وقسم النسيج اليدوي وقسم الطباعة وقسم الحزام وقسم المذهبات، وقسم خياطة وتجميع الكسوة الذي يضم أكبر مكينة خياطة في العالم من ناحية الطول حيث يبلغ طولها 16 مترًا وتعمل بنظام الحاسب الآلي ,مبينًا أن هناك بعض الأقسام المساندة مثل : المختبر والخدمات الإدارية والجودة والعلاقات العامة والصحية للعاملين والسلامة المهنية بالمجمع.

من جهته، قال الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، إن ما شهده الحرمان الشريفان من إنجازات عظمى، وخدمات مثلى، وتسهيلات كبرى، وما تحقق من المشاريع العملاقة المباركة ستعكس الجهود المتميزة والمثالية خلال هذا الموسم العظيم، التي سينعم بها ضيوف الرحمن الكرام.

مراحل صناعة كسوة الكعبة
تمر كسوة الكعبة بـ6 مراحل في التصنيع، أولها الصباغة، ويبدأ قسم الصباغة بصباغة أفضل أنواع الحرير الطبيعي فى العالم، ويتم تأمينه على هيئة شلل خام عبارة عن خيوط مغطاة بطبقة من الصمغ الطبيعى لمادة تسمى "سرسين"، تجعل لون الحرير يميل إلى الاصفرار، وتزن الشلة حوالى 100 جرام وبطول حوالى 3000 متر تقريبا وبارتفاع 76سم.

ويمر بمرحلتين، مرحلة إزالة الصمغ وغسله بماء ساخن تصل حرارته إلى 95 درجة مئوية، ويعاد غسله بماء دافئ لإزالة المادة، لتبدأ عملية الصباغة بإضافة المواد الكيميائية والأحماض القلوية في أحواض مضادة للصدأ لمدة 30 دقيقة.

ويأتي دور قسم النسيج الآلي في المرحلة الثانية، وهو المسئول عن زخرفة الخيوط الحريرية بالعبارات والآيات القرآنية المنسوخة، وتتم عملية النسج بالآت وتقنيات حديثة، وتجمع الخيوط التي تبلغ أكثر من 9 آلاف خيط، لتدخل في مرحلة طباعة الآيات على الخيوط مباشرة.

أما المرحلة الثالثة، فمن نصيب قسم المختبر الذي يُطابق الخيوط للمواصفات من حيث الدقة والجودة والقوة المحددة، وتركب ألوان الصبغة ويعاد اختبارها للتأكد من ثبات اللون ومقاومة الغسيل بإجراء تجارب عديدة بواسطة مواد كيميائية وأبحاث.

وفي المرحلة الرابعة، يجهز النسيج في قسم الطباعة على ضلعين لتبدأ عملية الزخرفة والتصميمات والكتابة المطرزة ويثبت بعدها القماش الحرير غير المنقوش، وينقل التصميم المراد طباعته على شرائح بلاستيكية بقلم خاص ليحدد الرسوم المطلوبة والآيات المحددة بشكل ثابت ودقيق.

والمرحلة الخامسة، قسم التطريز وهي أهم مرحلة لأنها تميز كسوة الكعبة بالتطريز بالفضي والذهبي، وتضع الخطوط القطنية بكثافات مختلفة فوق الخطوط، ويطرز فوقها خيوط من القطن الأصفر والفضي والذهبي بمهارة عالية ودقة في الخطوط.

أما المرحلة السادسة، فتجميع الكسوة تتم بالآت بعد عملية تفصيل كل قطعة على جانب، وتشكل لجنة مسؤولة عن عملية تجميع وتثبيت القطع المزخرفة مع مراعاة النسب والأطوال ومقاسات الكعب بجوانبها الأربعة المختلفة.

وعقب جميع هذه المراحل، يقام فى موسم حج كل عام احتفال سنوى فى مصنع كسوة الكعبة المشرفة يتم فيه تسليم كسوة الكعبة المشرفة إلى كبير سدنة بيت الله الحرام، ويقوم بتسليم الكسوة الرئيس العام لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوى الشريف، كما يسلم كيس لوضع مفتاح باب الكعبة تم إنتاجه فى المصنع.

تاريخ كسوة الكعبة قبل الإسلام وبعده
ويعود هذا التقليد إلى عصر ما قبل الإسلام، حيث عدّت كسوة الكعبة المشرفة من أهم مظاهر الاهتمام والتشريف والتبجيل لبيت الله الحرام.

تذهب بعض المصادر التاريخية إلى أن سيدنا إسماعيل -عليه السلام- هو أول من كسا الكعبة، والبعض الآخر يذهب إلى أن عدنان جد النبي "محمد"- صلى الله عليه وسلم- الأعلى هو أول مَن كساها، غير أن الثابت تاريخيًّا أن أول مَن كساها هو "تبع أبى كرب أسعد" ملك حمير سنة 220 قبل الهجرة بعد عودته لغزوة يثرب.

وروى عن النبى- صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن سب تُبَّع ملك حمير بقوله: "لا تسبوا تبعا، فإنه كان قد أسلم"، رواه أحمد فى مسنده عن سهل بن سعد وكان تُبّع هو أول مَن كسا الكعبة كسوة كاملة – كساها "الخصف"، تدرج فى كسوتها حتى كساها "المعافير" وهى كسوة يمنية، كما كساها "الملاء" وهى كسوة لينة رقيقة، وعمل لها بابًا ومفتاحًا، ثم تبعه خلفاؤه من بعده فكانوا يكسونها "الوصايل"، وهى أثواب حمر مخططة، و"العصب" وهى أثواب يمنية يصعب غزلها؛ أى: يجمع ويشد.

وأخذ الأمراء فى تقديم الهدايا إليها من الأكسية المختلفة، وكلما جاءت كسوة طرحت سابقتها إلى أن جاء عهد "قصى بن كلاب"، ففرض على القبائل رفادة كسوتها سنويًّا، وما زالت قريش تقوم بكسوة الكعبة حتى زمن "أبى ربيعة بن المغيرة المخزومي" وكان من الأثرياء، فقال لقريش: "أنا أكسو الكعبة وحدى عامًا وجميع قريش عامًا، فوافقت قريش، وسمى بذلك "العدل"، لأنه عدل بفعله قريشًا كلها".

أول امرأة كست الكعبة بنذر
أما أول امرأة كست الكعبة فى الجاهلية فهى "نبيلة بنت حباب" أم العباس بن عبد المطلب، وكانت قد نذرت ذلك. ومن المعلوم أن الكعبة قبل الإسلام كانت تُكسى فى يوم عاشوراء، ثم صارت تُكسى فى يوم النحر، وصاروا يعمدون إليها فى ذى القعدة فيعلقون كسوتها إلى نحو نصفها، ثم صاروا يقطعونها فيصير البيت كهيئة المحرم، فإذا حل الناس يوم النحر كسوها الكسوة الجديدة.

النبي والصديق يكسوان الكعبة بالثياب اليمنية
وعن كسوة الكعبة بعد الإسلام، فلم يتح لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- كسوة الكعبة إلا بعد فتح مكة، فكساها هو وأبو بكر الصديق بالثياب اليمنية، ثم كساها عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان "القباطى المصرية"، وهى أثواب بيضاء، رقيقة كانت تُصنَع فى مصر.

وحظيت مصر بشرف صناعة كسوة الكعبة منذ أيام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- حيث كتب إلى عامله فى مصر لكى تحاك الكسوة بالقماش المصرى المعروف باسم "القباطي" الذى كان يصنع فى مدينة الفيوم، وقد تعددت أماكن صناعة الكسوة مع انتقال العاصمة فى مصر من مدينة إلى أخرى حتى انتهى الأمر إلى مدينة القاهرة المُعزِّيَّة.

وتأسست دار كسوة الكعبة بحى "الخرنفش" فى القاهرة عام 1233هـ، وهو حى عريق يقع عند التقاء شارع بين السورين وميدان باب الشعرية، وما زالت هذه الدار قائمة حتى الآن، وتحتفظ بآخر كسوة صنعت للكعبة المشرفة داخلها، واستمر العمل فى دار الخرنفش حتى عام 1962 ميلادية؛ إذ توقفت مصر عن إرسال كسوة الكعبة لما تولت المملكة العربية السعودية شرف صناعتها.