الناس موتى وأهل العلم أحياء، والعلماء لا يموتون ولكنهم يرحلون. وفي الذكر الحكيم {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا منكُمْ وَالَّذِين أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}.... [المجادلة:11].
نذكر هنا في هذه السطور الراحل عبد الصبور شاهين .. مفكر إسلامي مصري ومن أشهر الدعاة الإسلاميين في مصر والعالم الإسلامي، خطيب مسجد عمرو بن العاص أكبر وأقدم مساجد مصر سابًقا.
مولده
ولد في أسرة تنتمي إلى العلم بمفهومه الديني، فوالده الشيخ محمد موسى موسى علي شاهين قد تخرج في الأزهر، وجده الأكبر شاهين بك زعيم المماليك إبان حكم محمد علي باشا، وأول من قتل في مذبحة القلعة، ووالدته من ريف المنصورة من قرية اسمها الخيارية، وهي نفس القرية التي خرج منها الوالد إلى الأزهر الشريف، وهي من أسرة عريقة، فأمها ذات علاقة قربي بالشاعر الكبير إسماعيل باشا صبري، فهو خالها.
عمل أستاذًا بقسم الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن فترة من الزمن، وله 65 كتابا ما بين مؤلفات وتراجم، أكبرها مفصل لآيات القرآن في عشرة مجلدات، وأحدثها مجموعة "نساء وراء الأحداث" 10 كتب.
أشهر مؤلفاته
ويبقى مؤلفه الأشهر "أبي آدم" والذي أثار ضجة كبيرة ولا يزال، أول من اشترك مع زوجته في التأليف، إذ أخرجا معًا موسوعة "أمهات المؤمنين" و"صحابيات حول الرسول" في مجلدين، وينسب له توليده وتعريبه لمصطلح حاسوب وهو المقابل العربي لكلمة كمبيوتر والذي أُقر من قبل مجمع اللغة العربية.
أعماله
كان الدكتور عبد الصبور شاهين -رحمه الله- شاهدًا على عصره فعالًا فيه، ويعد واحدًا من رجال الدعوة المميزين، تاركًا بغيابه ثغرةً كبيرةً، أضيفت للثغرات التي تركها الكبارمن قبله، خاصة في السنوات الأخيرة، كـ الشيخ سيد سابق، والشيخ محمد الغزالي، والدكتور أحمد العسال، والشيخ الشعراوي، والشيخ عبد الرحمن خليف، والشيخ حسن أيوب، وغير هؤلاء الكثير، رحمهم الله جميعا، وجزاهم عنا وعن الإسلام خيرًا.
لقد كان الدكتور عبد الصبور شاهين من القلائل الذين تصدوا لتيار التغريب، والتكفير الحقيقي، أي إخراج المسلمين من الإسلام عن طريق الشبهات أو الجهل والتشكيك أو مهاجمة العلماء في محاولة للنيل من هيبتهم وقدرهم لدى الناسن. فكانت كلماتهم وبحوثهم وردودهم ومواقفهم أنوارًا تبدد ظلمات الكفر والتكفير، الذي غفل عنه الكثيرون، والجحود، والانحراف، والشذوذ الفكري، والفهوم السقيمة لصحيح الدين، وأسس العقيدة، بل لأسماء الله وصفاته.
كان الدكتور عبد الصبور شاهين رحمه الله خطيبًا مفوهًا، يتمتع بفصاحة اللغوي العارف العالم، وروح الشباب الوثاب، وحجة المتمكن المتبصر المتبحر، عرفته دار العلوم بجامعة القاهرة أستاذًا بارعًا، وعرفه جامع عمر بن العاص في القاهرة معلمًا راشدًا ومرشدًا، وعرفته جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، محاضرًا مخلصًا دقيقًا حريصًا على نشر العلم، وتعميم المعرفة، وعرفته المكتبة العلمية الإسلامية، كاتبًا متمرسًا شديدًا في الحق لا يخاف في الله لومة لائم، وقد أثرى المكتبة الإسلامية بأكثر من 70 كتابا.
لقد ترك الدكتور عبد الصبور شاهين، ذكرًا حسنًا، وصدقات جارية، وعلمًا في صدور الرجال، وبطون الكتب، ذخرًا للأجيال القادمة، لذلك هو من الخالدين في هذه الدنيا، ونسأل الله أن يجعلنا وإياه من الخالدين في الفردوس الأعلى مع النبيين، والشهداء، والصديقين، وحسن أولئك رفيقا، في إحدى اللقاءات معه، أكد الدكتور عبد الصبور شاهين بأنه نذر نفسه للدفاع عن الإسلام، بالدليل والحجة والبرهان، وأنه لا يخشى المعارك الفكرية، بل يهواها، ويستعد لها، أو كما قال رحمه الله: "لقد أوقفت حياتي لخوض المعارك الفكرية الساخنة ضد كل من يحاول النيل من الإسلام، سواء كان داخل مصر أو خارجها".
ولقد واجه الدكتور عبد الصبور شاهين رحمه الله دعاة العلمانية والعامية، وتفسير القرآن بها، والتخلي عن العربية، وقال عنهم: " هؤلاء الناس غرباء عن مصر، حتى ولو كانوا من بني جلدتنا، وهم يعملون لحساب جهات لا تريد الخير لمصر والعرب، فاللهجة العامية تعجز مفرداتها عن الإحاطة بألفاظ القرآن الكريم، وبالتالي لا تستطيع تفسيره، وليس لها معجم أومعاني منضبطة"، كما أكد الدكتور شاهين رحمه الله في الكثير من المناسبات بأن اللغة تقوى بقوة أصحابها وتضعف بضعفهم، فإذا أراد العرب أن تكون لغتهم قوية، فليمسكوا بزمام القوة أولًا.
أهم أعماله:
أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة
دستور الأخلاق في القرآن
مفصل آيات القرآن، ترتيب معجمي
تاريخ القرآن
موسوعة أمهات المؤمنين
وفاته
توفى مساء الأحد الموافق 17 شوال 1431 هـ - 26 سبتمبر 2010م.