صباح الثلاثاء الماضي، كان " علي العوامي" صاحب الـ35 ربيعًا يتابع عمله اليومي برفقة زملائه على "الكراكة مشهور" المتواجدة أسفل "كوبري القنطرة"، يساهم في عملية التعميق بجزيرة" البلاح"، وكان الفريق في انتظار مرور المراكب لاستكمال عملية التكريك، ووصلت إليهم أنباء تفيد بجنوح السفينة البنمية"إيفر جيفن" في مجرى قناة السويس، وانسداد المجرى الملاحي، وتوقف حركة التجارة عالميًا؛ و ليتحول ذلك اليوم إلى علامة فارقة في حياة الفريق بأكمله.
في تلك اللحظات مشاعر مختلطة انتابت علي وفريقه، فبالرغم من أن "علي" يعمل في هيئة قناة السويس منذ 17عامًا، الإ أن هذا الموقف كان الأصعب، خاصة وأنه أصبح حديث العالم بأكمله.
مساء يوم الثلاثاء، كان "علي" وزملائه يتابعون على شاشات التلفزيون وصفحات السوشيال ميديا، ما تتناقله وسائل الإعلام من أخبار حول تأزم الموقف في القناة، إلى أن جاءت لهم الأوامر بالتحرك للقناة في اليوم التالي لإنقاذ الموقف "أول ما سمعنا بالخبر سبنا كل شغلنا في الجزيرة توقف، وجات لينا أوامر إننا نتحرك على القناة تاني يوم ونفذنا الأوامر" يقولها"العوامي" في حديثه لـ"صدى البلد".
ومع شروق شمس الأربعاء، وصل الفريق بأكمله إلى قناة السويس" طاقم الكراكة بالكامل كان 75 فرد "، وعقب متابعة الأوضاع في القناة، وعقب عمل مجسات للمركب باشر الفريق في عمله " أول ما الشركة الهولندية المسؤولة عن المركب وصلت، بدأت في عمل مجسات تعرف من خلالها وضع المركب، موقعه ومرتكز على إيه، فبدأنا إحنا كمان شغلنا، حطينا خطة التكريك، وهنبدأ منين و نفذناها بالفعل".
على مدار ما يقرب من 6 أيام من العمل الشاق كان الفريق فيها يعمل بكل طاقته لتنفيذ خطة التكريك المطروحة "اتقسمنا ورديات كل فرد يومين عمل وأربعة راحة، يومين العمل 48 ساعة عمل بالكامل، وكانت أقصى فترة راحة خلال اليومين ساعتين فقط، مقسمين على مدار اليوم بأكمله".
مهمة العمال لم تكن سهلة، خاصة وأنها أول مهمة من نوعها على مستوى العالم، يحدث بها تكريك وتعميق فعلي، تحت قاع مركب موجودة فعليًا في قاع البحر" بدأنا نشتغل تكريك تحت المركب على عمق 9 متر، ثم تعمقنا إلى 10 مترًا ومنها إلى 15 متر على محور 60 متر بعرض المركب، لحد ما وصلنا إننا نبقى تحت المركب فعليًا، وده من أكبر الإنجازات اللي قدرنا نحققها بتوجيهات من رئيس الهيئة والمشرفين".
مهام الفريق كانت أشبه بالترس الذي يكمل كل أفراده بعضهم البعض لإنجاز هذه المهمة المستحيلة "أثناء عملية التكريك كانت مهام الفريق مقسمة ما بين تسهيل عمل الماكينات المسؤولة عن عملية التعميق، وجانب مسؤول عن سحب الطمي السفلي من القاع إلى جانب طاقم الميكانيكا المسؤول عن السحب والطرد وعمل الصيانة اللازمة لـ الحفار، واستخراج الستائر الحديدية العوائق أسفل المركب، حتى وصلنا إلى قاع المركب".
تلك الساعات الصعبة التي مرت على الفريق، كان "علي" يضع في مخيلته مشهد أبطال مصر من الأطباء الذين ضحوا بأرواحهم في ظل جائحة كورونا، وجنود حرب أكتوبر، الذين ضحوا بأرواحهم فداء مصر، فهو أيضًا يريد تخليد أسمه وفريقه وسط هؤلاء العظماء، فظل يردد على لسانه كلمات" نحن رجال الجيش الأزرق".
يختتم حديثه لـ"ًصدى البلد" قائلًا: إحنا كنا بـ نجازف بأرواحنا يوم وبالمعدات، لكن قدرنا نوفي المهمة على أتم وجه، ونفرح المصريين كلهم، وكفاية نظرة ولادي الأربعة ليا، وكلماتهم بابا البطل هيعوم السفينة".