الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مبادرة رئاسية لمواجهة تحديات الزواج.. علماء الدين: إخراج الزكاة لدعمها أعظم مقاصد الشرع.. والمغالاة في المهر لا تجوز .. والإفتاء: المبادرة أمر محمود شرعا

الرئيس عبدالفتاح
الرئيس عبدالفتاح السيسي

عبدالباقي: دعم المقبلين على الزواج أفضل أغراض الزكاة

الأطرش: المغالاة أنتجت أسر قائمة على الطمع سرعان ما تتهدم

كريمة: الزواج مهمة وضرورة من ضروريات الحياة

المغالاة في المهر يترتب عليها مفاسد .. اجتمعت كلمة علماء الدين على الإشادة بالمبادرة الرئاسية للتخفيف عن كاهل المقبلين على الزواج ومواجهة غلاء المهور الأمر الذي يترتب عليه عزوف الشباب عن الزواج وارتفاع نسبة العنوسة، مؤكدين جواز إخراج الزكاة لمساعدة الشاب في تجهيزات العرس ودعم والدة العروس في تجهيز ابنته، درء لمفاسد عظيمة تترتب على استمرار الوضع الراهن بما يحمله من مغالاة أدت إلى ارتفاع نسب الغارمين والغارمات، وغيرها من المشاكل التي تهدد الأمن المجتمعي.

ويرصد موقع "صدى البلد" من خلال التقرير التالي آراء علماء الدين في المبادرة الرئاسية وحكم إخراج الزكاة لدعم الشباب وأسر الفتيات في إقامة حياة أسرية مستقرة.

مبادرة رئاسية جديدة

في البداية.. الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، أعلن دراسة الحكومة إنشاء وحدات سكنية بالإيجار جاهزة بالأثاث، مضيفاً: "عايزين نخلي الناس متتخانقش على المهر والعفش وتكون الشقة إيجار بفرشها".

وأضاف السيسي، خلال تفقده عدد من مبادرات الحماية الاجتماعية في إطار احتفالية "أبواب الخير"، أن "يكون هناك أكثر من نموذج للأثاث لاختلاف الأذواق"، مضيفاً في كلمة خاطب بها رئيس جمعية "الأورمان": "عايزين نعمل 100 ألف شقة كده.. أنتم معانا ولا إيه".

وتابع: "عايزين نعمل إسكان جاهز والناس تدفع إيجار هنخلي الأسر لا تتخانق على الفرش ولا حاجة، وهنكون شغلنا أهلنا في دمياط".

حماية الأمن المجتمعي

أكد الشيخ علي عبدالباقي، الأمين العام الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية، بالأزهر الشريف، أن مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي ، رئيس الجمهورية، لدعم المقبلين على الزواج هي جزء من الأمن المجتمعي الذي ينشده الإسلام ويرغب فيه، لافتاً إلى أن الزكاة على هذا النوع من الأمن المجتمعي هو أهم وأفضل أغراض الزكاة.

مقصد شرعي

قال «عبدالباقي» في تصريحات خاصة لـ«صدى البلد»، إن الزكاة كفريضة ليست قاصرة على الأكل والشرب، كما أن فهم المتشددين لها وعدم إجازتها لخلاف الثمانية المفروضة هو جهل بالدين وتشدد في غير موضعه، فالقول بجواز إخراجها للشاب المُقبل على الزواج أو والد العروس الذي سيقوم بتجهيز ابنته قد يكون في الدين أعظم كونه درءاً لمفاسد كثيرة منها أن يكون الشاب العاجز عن تحقيق متطلبات الزواج المبالغ فيها في واقعنا المعاصر من شقة وأثاث ومهر ومنقولات زوجية إلخ، مقبل على الانحراف الأخلاقي والوقوع في الزنا، أو يقع والد العروس أو والدته في دين عظيم يعجزعن سداده وبالتالي سيصبح أعداد الغارمين والغارمات أكثر بكثير مما نعانيه، وقد تفسخ الخطب لعدم القدرة على تلبية متطلبات العرف الحالي.

ولفت الأمين الأسبق للبحوث الإسلامية إلى أن هناك قولاً للإمام الراحل محمد متولي الشعراوي حين سُئل: هل تجوز الزكاة على الموظف؟، فقال وتجوز على وكيل الوزارة، وذلك لأن مصادر الدخل قد لا تكفي معيشته بالشكل المقبول.

 وشدد على أن الزكاة جائزة على العريس وأهل العروس أو مشروع الدولة نفسه ضماناً للأمن المجتمعي وقد يندرج الأمر على أنهم فقراء أو غارمون أو غيرهم من صنوف المستحقين الزكاة، لأن في ذلك إصلاحاً للشاب وإنقاذاً للفتاة التي ربما تتخطى السن المتعارف عليه بين أقرانها فتدخل في حالة نفسية ومزاجية صعبة، فضلاً عن ارتفاع نسب العنوسة.

مغالاة لا تجوز

فيما أفتى الشيخ عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف، بعدم جواز المغالاة في المهور من الناحية الشرعية، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أقلهن صداقاً أكثرهن بركة"، لافتاً إلى أنه من شروط الزواج الصداق وأقله هو ربع دينار، وهناك من النصوص التي جعلت صاحب الخلق والدين والصلاح مقدماً على صاحب المال ومنها قول النبي: "التمس ولو خاتماً من حديد".

أكثرهن بركة 

واستند «الأطرش» في تصريحات خاصة لـ«صدى البلد»، إلى أن ما روي في شأن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حينما أراد الوقوف في وجه المغالاين في المهور وخاطبته المرأة بأن الله تعالى قد سن المهور وهو يعطلها فعقب بإصابة امرأة وأخطأ عمر لا يعني إقرارها في المغالاة بقدر موافقتها في أمر الصداق، وهو ما يوضحه دعوة عمر إلى الرأفة بعد ذلك في المطالبة بالمهر.

 وأوضح أن هناك من النصوص النبوية التي توضح الأصل الأصيل الذي يبنى عليه الزواج من تخير الزوج التقي والزوجة الصالحة، حيث بين النبي -صلى الله عليه وسلم- مراتب الزيجات من ذات المال، العز، الجمال، والدين وعقب على ذات الدين بقوله "فاظفر بذات الدين تربت يداك".

مفاسد المغالاة

وأشار رئيس لجنة الفتوى الأسبق إلى أن ما يفعله الناس من مغالاة يترتب عليه مفاسد عظيمة منها زيادة العنوسة، والغارمين والغارمات، عزوف الشباب عن الزواج، وغيرها من المفاسد الأمر الذي يتطلب توعية بأهمية الزواج عن فهم صحيح لمقاصد الزواج وحاجة المجتمع لأسر صالحة تقوم على التقوى والألفة والمحبة والوئام، حيث على والد العروس أن يتخير لابنته الزوج التقي الذي إذا أحبها أكرمها وإن بغضها وكرهها لم يظلمها، وعلى الشاب أن يظفر بذات الدين، فلا يقوم زواج على طمع سرعان ما يؤدي في نهاية المطاف إلى إنهيار الأسرة.

وأشاد الأطرش بمبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي لتوفير سكن جاهز تيسيراً لأمر الزواج قائلاً:" الرئيس يضرب لنا المثل في الراعي الصالح لأمر الرعية والمسؤول عنها وفق ما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم في قوله كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته، فهذه المبادرة تحمي الشباب من جشع السماسرة وأصحاب العمارات وتضمن مأوى لهم من الشوارع والطرقات والعزوف عن الزواج والسير في طريق المحرمات، فهي مبادرة حالفها الصواب".

الزواج من ضروريات الحياة

كما أفتى الدكتور أحمد كريمة، الأستاذ بجامعة الأزهر، بجواز إخراج زكاة المال للشاب الذي يرغب في الزواج ولكن ليس معه ما يكفيه لإتمام الزواج.

وقال كريمة، في تصريحات لـ صدى البلد، إن الزواج مهمة وضرورة من ضروريات الحياة، وبدونه قد يقع الشاب في الزنا أو يرتكب الفاحشة وبإخراج الزكاة له للزواج نكون قد عصمناه من الفاحشة وساعدناه على حياة كريمة.

وأشار إلى أن الإنسان لو كان عاجزاً عن نفقات مهمة ضرورية يجوز إخراج الزكاة له لقضاء هذه المهمة، منوهاً إلى أن المسكين هو من كان معه النفقة ولكن لا تكفيه وله تجوز الزكاة.

وأكد أن إخراج زكاة المال أو مساعدة الشاب في الزواج، تكون في الأمور الأساسية لبناء البيت فقط، دون زيادة أو رفاهية، فتكون مثلا بتوفير أدوات المنزل الأساسية من الألومونيوم والبوتاجاز الشعبي والثلاجة العادية، دون سجاد أو ستائر وما شابه.

حكم إخراج الزكاة لتزويج الشباب 

أكدت دار الإفتاء المصرية أن السنة النبوية المطهرة دعت إلى تيسير أمر الزواج والحض عليه عند الاستطاعة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم في النصيحة الشريفة: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلَّا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض».

وأضافت الدار في بيان لها، أن الشرع الحنيف جعل المَهْرَ في الزواج لمصلحة المرأة صَوْنًا لكرامتها وعزة لنفسها، لكن المغالاة في المهر تُعدُّ عائقًا أمام الزواج وتنافي الغَرَض الأصلي منه، فالرفق بالشاب الذي يبتغي العفة في الزواج والتيسير عليه في قيمة المهر وتكاليف الزواج هو مما حَثَّ عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حيث قال: «أعظم النساء بركة أيسرهن صَدَاقًا». والصداق: هو المهر.

وأشارت إلى أن المبادرة الرئاسية التي تُعْنَى بتقديم الدعم للشباب والفتيات المقبلين على الزواج بتوفير منزل مُجَهَّز للسكن لمَن أراد الزواج ودعمه من الجهات المختصة؛ هو أمرٌ محمود شرعًا، ومن جملة ما حَثَّ عليه الشرع الشريف وحَضَّ عليه، وجدير أَنَّ يتوفَّر له الدَّعْم والتمويل من جميع جهات التبرع والصدقات والزكاة، وقد نَصَّ فقهاء المالكية والحنابلة على أنَّه يجوز إخراج أموال الزكاة والصدقات والتبرعات مساعدةً لمن أراد الزواج وهو عاجزٌ عن تكاليفه.

واستشهدت الدار كذلك بما فعله الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز الذي أمر مناديًا ينادي في الناس ويقول: أين المساكين؟ أين الغارمون؟ أين الناكحون؟ حتى أغنى كُلًّا مِن هؤلاء؛ وذلك ليعطيهم من بيت مال المسلمين.