الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الرواة| أبي سعيد الخدري .. الفقيه المجدد

رواة الحديث
رواة الحديث

الرواة .. يواصل موقع “صدى البلد” الإخباري، في سابع أيام شهر رمضان المبارك رحلته مع الرواة، لنتعرف على سيرتهم واقتفاء أثرهم، ونتعلم منهم كيف كانوا على قدر المسئولية والأمانة والثقة في نقل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا في منأى عن أي جرح أو تعديل.

ولعل من أهم الرواة ممن يطيب ذكره في هذا اليوم هي صحابي جليل، روى عن سيد الخلق وإمام المرسلين سيد محمد صلى الله عليه وسلم ما يقرب من 1170 حديثا ما جعله في مقدمة الرواة ، فمن هو؟

ذكر

أبو سعيد الخدري

يعد أبو سعيد الخدري من الطبقة الأولى في جامعي الحديث والرواة الأكثر في تاريخ السنة النبوية فقد روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم 1170 حديثا.

وهو سعد بن مالكٍ بن سنان بن ثعلبةٍ بن عبيدٍ بن الأبجر بن عوف بن الحارث بن الخزرج، وذهب ابن هشام إلى أنّ اسمه سنان، وأياً كان اسمه؛ فقد كان إماماً، ومجاهداً، ومُفتِياً للمدينة المُنوَّرة، وأحد الفقهاء المُجتهدين، وكان ممّن شَهِد غزوة الخندق، وبيعة الرضوان.

دخل أبو سعيد الخدري إلى الإسلام قبل أن يصل إلى سن البلوغ، ولم يُمكنه سنه الصغير من المُشاركة في غزوة بدر، وعندما جاءت غزوة أحد كان قد بلغ أبي سعيد سن الثالثة عشر، فأخذه والده إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، واقترح عليه أن يأخذه معه إلى غزوة أحد، لكن رفض الرسول مُشاركته نظرًا لسنه الصغير، وعند قدوم غزوة الخندق شارك أبو سعيد بها، وقد شهد بيعة الرضوان أيضًا.

يقول أبو سعيد: أتى علينا رسول الله ونحن أناس من ضعفة المسلمين ما أظن رسول الله يعرف أحدًا منهم، وإن بعضهم ليتوارى من بعض من العري. فقال رسول الله بيده، فأدارها شبه الحلقة، قال: فاستدارت له الحلقة، فقال: "بما كنتم تراجعون"؟ قالوا: هذا رجل يقرأ لنا القرآن، ويدعو لنا، قال: "فعودوا لما كنتم فيه"، ثم قال: "الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم" ثم قال: "ليبشر فقراء المؤمنين بالفوز يوم القيامة قبل الأغنياء بمقدار خمسمائة عام، هؤلاء في الجنة يتنعمون، وهؤلاء يحاسبون".

القرآن

رواية الحديث

اعتنى أبو سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- بالحديث الشريف عنايةً فائقةً برزت في عهد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حتى غدا من أكثر الصحابة روايةٍ عن النبيّ، فأقبل إليه الناس يستزيدون من حديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ لعلمهم بمكانته الحديثيّة العظيمة، وقُربه من الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، واهتمامه بالراوية عنه، والأخذ منه، وحرصه على ذلك، وقد كَثُر المُحدّثون عن أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- من الصحابة، والتابعين.

وقد تميّز أبو سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- بكثرة شيوخه الذين روى عنهم؛ فأوّلهم الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، وعددٌ من الصحابة الكرام على رأسهم الخلفاء الأربعة: أبو بكرٍ، وعُمر، وعثمان، وعليّ، وغيرهم من أمثال: ابن عباس، ومعاوية، وجابر بن عبد الله، ومن الأنصار أخوه لِأمّه قتادة بن النعمان، وزيد بن ثابت، وأُسيد بن حُضير، وهكذا فقد روى أبو سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- عن العديد من الشيوخ من مكّة والمدينة؛ أنصاراً، ومهاجرين.

وقد روى عنه أنس بن مالك، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعامر بن سعد بن أبي وقاص، وأبو المتوكل الناجي، وأبو صالح السمان، وعبد الله بن خباب، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وعبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، وسعيد بن جبير، وعطاء بن يسار، وأبو هارون العبدي.

يُعتبر الصحابي القدير أبو سعيد الخدري رضي الله عنه من رواة الحديث الثقات، حيث روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يُقارب ألف ومئة وسبعين حديثًا، وكان من أفضل العلماء الأنصار والصحابة، وقد نصح الخلفاء الراشدين بالعديد من النصائح، ووعظهم، وأرشدهم إلى الطريق الصحيح، وقد كان مُفتٍ للمدينة المنورة نظرًا لفقهه الكبير، ومن أحاديثه روايته عن الرسول قوله: (دْخِل اللهُ أهل الجنةِ الجنةَ . يُدْخِلُ من يشاءَ برحمتهِ . ويُدْخل أهل النارِ النارَ . ثم يقول : انْظُروا من وجدتُم في قلبهِ مثقالُ حبةٍ من خردلٍ من إيمانٍ فأخرجوهُ . فيُخْرجونَ منها حممًا قد امتُحشُوا . فيُلقونَ في نهرِ الحياةِ أو الحيا . فينبتونَ فيهِ كما تَنبتُ الحبّةُ إلى جانبِ السّيلِ . ألم تروها كيف تخرُجُ صفراءَ مُلتويةً . وفي رواية : فيُلقونَ في نهرٍ يقال له الحياةْ . ولم يَشُكّا . وفي حديث خالد : كما تنبتُ الغثاءةُ في جانبِ السيل . وفي حديث وُهَيبٍ : كما تنبتُ الحبّةُ في حمئةِ أو حمِيلةِ السيلِ) [صحيح]. 

 

وفاته

أوصى أبو سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- ابنه عبد الرحمن قبل وفاته أن يدفنَه في مكانٍ يقع أقصى البقيع، وحين تُوفِّي يوم الجمعة أنفذَ ابنُه عبد الرحمن وصيَّته، وكانت وفاته في المدينة.