الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رؤية النبي في المنام واليقظة خلال ربيع الأول .. أمر واحد يحققها لك

رؤية النبي في المنام
رؤية النبي في المنام واليقظة

رؤية النبي في المنام واليقظة خلال ربيع الأول .. هل توجب الشفاعة؟.. سؤال أجابته عنه دار الإفتاء حيث سائل يقول: هل يجوز للأولياء والصالحين رؤية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في اليقظة من عدمه؟ وقد جاء بالطلب أنه حدث نقاش بين بعض المواطنين في هذا الموضوع؛ فرأى البعض استحالة ذلك، ورأى آخرون إمكانه. 

وأن أصحاب الرأي الأخير استدلوا على رأيهم باجتماع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالأنبياء ليلة الإسراء والمعراج وأنه صلى بهم، وأن الفريق الأول رد على هذا الاستدلال بأن ذلك إنما كان معجزة للرسول الكريم، كما استدل الفريق الأخير أيضًا بحديث أخرجه البخاري (9/ 33، رقم 6993): «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة». وردَّ الفريق الأول على ذلك بأن المراد الرؤية في الآخرة.

رؤية النبي في المنام واليقظة خلال ربيع الأول

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن العلماء قالوا إن أول علامات دخول الإيمان في قلب المؤمن «رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام».

وأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنه إذا رأى أحدنا نبي الله -صلى الله عليه وسلم- في المنام على هيئته التي وردت بالشمائل فإن ذلك يكون من البشرى ،ولا يعني هذا أن الذي لم يرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على شر بل لم يبشر بعد .

وتابع: وقالوا ونهاية هذا أن ترى النبي -صلى الله عليه وسلم- يقظةً، يعني الأولى في الحلم والثانية في اليقظة، فمن رآه يقظةً ختم له بخير، فاللهم اجعلنا ممن يرون سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمامه أبدا..أمين، منوهًا بأنه كان سيدنا المرسي أبو العباس دفين الأسكندرية يرى النبي -صلى الله عليه وسلم- يقظةً دائما.

واستشهد بما ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة »، يعني قد يراني في اليقظة ،ويعني قد يراني قبل وفاته، ويعني قد يراني يوم القيامة، ويعني يوم القيامة ولا نحجب عنه -صلى الله عليه وسلم- فيتشفع فينا ويقول : «يا رب أصحابي أصحابي».

وأضاف: إذن فرؤيا النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما تنشأ من حضور القلب، ولذلك قالوا إذا ذكرت الله كثيرًا رأيت النبى -صلى الله عليه وسلم- في المنام، وكان سيدنا المرسي يقول: «لو غاب عني طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين»، لو غاب عني طرفة يعني معاه على طول.

رؤية النبي في المنام واليقظة خلال ربيع الأول .. هل توجب الشفاعة؟

وقالت الإفتاء إن الأنبياء أحياء في قبورهم حياة برزخية لا تشبه الحياة في الدنيا، ورؤية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في اليقظة أمر جائز عقلًا وشرعًا؛ لأنها من جملة الممكنات التي لا تستحيل على القدرة الإلهية وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، ولورود النصوص الصحيحة في رؤيته صلى الله عليه وآله وسلم، ومنها: ما روي أن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «منْ رَآنِي فِي المَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي اليَقَظَةِ، وَلاَ يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي» وزاد مسلم: «فَكَأَنَّمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَةِ». 

وتابعت: ولا يتعارض ذلك مع أن بعض معجزات الأنبياء لا يجوز أن تكون كرامة للأولياء –كما هو الحال بمعجزة القرآن فلا يمكن تكريم الولي بأن يأتي بقرآن آخر مثلًا، ومعجزة ليلة الإسراء والمعراج-؛ لأن الأمر ليس على إطلاقه، فبعض المعجزات يجوز أن تكون كرامة للأولياء؛ ومن ذلك ما روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى جيشه بنهاوند ببلاد العجم وهو يخطب على المنبر بالمدينة، ونادى بقوله: يا سارية الجبل الجبل. محذرًا له من كمين وراء الجبل نصبه العدو، وأن سارية سمع نداءه مع بعد المسافة بينهما. 

واستطردت: غير أنه لا بد من التنبيه إلى أن المرئي هو نوره صلى الله عليه وآله وسلم متمثلًا في جسده الشريف بحيث يظن الرائي أنه الجسم الشريف؛ لغلبة الحال وليس هو حقيقة؛ لأنه لو وقع لأثبت الصحبة للرائي، ولكان باب الصُّحبة مفتوحًا إلى يوم القيامة وهذا غير جائز.

وأضافت: إنه ينبغي أن يعلم أن عالم الأرواح يختلف عن عالم المادة اختلافًا كثيرًا في أحواله وأطواره؛ فالروح بعد مفارقتها الجسد تبقى في البرزخ في المدة ما بين مفارقتها الجسد إلى البعث والنشور حيَّة مدركة تسمع وتبصر وتَسْبَحُ في ملك الله حيث أراد وقَدَّرَ، وأنها في كل أحوالها لطيفة لا يحدها مكان ولا يحصرها حَيّز ولا ترى بالعيون والآلات كما ترى الماديات والمحسوسات.
وشددت إن الأنبياء أحياء في قبورهم حياة برزخية لا تشبه الحياة في الدنيا، كما لا تشبه النوم؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما قبض ولحق بالرفيق الأعلى كان كبقية الموتى من حيث خروج الروح من الجسد الشريف، إذ لو كانت حياته كحياتنا لقام بعد خروج الروح من جسده الشريف وخاطب الصحابة فيما اختلفوا فيه من أمر الخلافة، وبذلك يتضح أن حياة الأنبياء لا تدرك حقيقتها، ولا سبيل للعقل في الوصول إلى هذه الحقيقة مهما أوتي من علم؛ لأن حياة الأرواح مما استأثر الله بعلمه فلا تحيط بها عقول البشر ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾.
واستدلت على رؤية المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بأحاديث صحيحة واردة بصحيح البخاري؛ فقد ورد في هذا الموضوع الأحاديث التالية:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «منْ رَآنِي فِي المَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي اليَقَظَةِ، وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي». وزاد مسلم: «فَكَأَنَّمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَةِ». وفي رواية: «فَقَدْ رَآنِي فِي الْيَقَظَةِ» أخرجه ابن ماجة في "سننه". وبذلك يكون هذا الحديث قد ورد بثلاثة ألفاظ من طرق أخرى، فقد ورد مرة بلفظ: «فقد رآني في اليقظة»، ومرة أخرى بلفظ: «فكأنما رآني في اليقظة»، وفي رواية ثالثة بلفظ: «فقد رأى الحق»، وهناك روايات أخرى وردت بلفظ: «من رآني في المنام فقد رآني» دون لفظة في اليقظة، وقد روي عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِي، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده".
وفي رواية عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ، فَلْيَنْفِثْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلَاثًا، وَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَزَايَا بِي» أخرجه البخاري، وفي رواية عن أبي سلمة أن أبا قتادة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى الحَقَّ» أخرجه البخاري. وفي رواية عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى الحَقَّ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَكَوَّنُنِي» أخرجه البخاري.
ولفت إلى الفرق بين الرؤيا والرؤية، فالرؤيا بالألف تكون خاصة بما يرى في المنام، أما الرؤية بتاء التأنيث فهي إدراك المرئي بحاسة البصر. وقد تطلق على ما يدرك بالتخيل نحو: أرى أن زيدًا سافر. وقد تطلق على التنكر النظري نحو: إني أرى ما لا ترون. وقد تطلق على اعتقاد أحد النقيضين من غلبة الظن. وقد ذكر ابن الأثير أن الرؤيا والحلم عبارة عما يراه النائم في النوم من الأشياء، لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن، وغلب الحلم على ما يراه من الشر والقبح.
ويرى القاضي أبو بكر بن العربي أن رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن كانت بصفته المعلومة تكون إدراكًا على الحقيقة، وإن كانت على غير صفته تكون إدراكًا للمثال، ويكون إدراك الذات حقيقة وإدراك الصفات إدراكًا للمثال؛ وقد ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه "فتح الباري بشرح صحيح البخاري" (12/ 322) ما ملخصه: إنه قد شذ بعض القدرية فقالوا: الرؤيا لا حقيقة لها أصلًا، كما ذكر أنه شذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع بعيني الرأس حقيقة، كما ذكر أن بعض المتكلمين يقول: هي مدركة بعينين في القلب، وأن معنى قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: فسيراني. أنه سيرى تفسير ما رأى؛ لأنه حق، وقيل: معناه: فسيراني يوم القيامة، وقد علق الإمام ابن حجر على القول الأخير بأنه لا فائدة من هذا التخصيص -أي تخصيص الرائي برؤية الرسول-؛ لأن الجميع سيرونه يوم القيامة حيث يستوي فيه من رآه في المنام وغيره، وأن معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: فكأنما رآني. في بعض الروايات أنه تشبيه ومعناه أنه لو رآه في اليقظة لطابق ذلك ما رآه في المنام بمعنى أن تكون الرؤيا في الأول حقًّا وحقيقة، وفي الثاني حقًّا ومثالًا.
قال الإمام ابن حجر: وهذا كله إذا رآه على صورته المعروفة، فإن رآه على خلاف صفته فهي أمثال. هذا وقد نقل ابن حجر عن القرطبي أنه قد اختلف في معنى الحديث على النحو التالي:
1- قال قوم: هو على ظاهره، والمعنى: أن من رأى حقيقته في النوم كمن رآه في اليقظة سواء، وقد ذكر الإمام القرطبي تعليقًا على هذا الرأي: بأنه فاسد؛ لأنه يلزم منه ألا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها، كما يلزم عليه ألا يراه اثنان في وقت واحد في مكانين، كما يلزم عليه أن يحيا الآن وأنه يخرج من قبره ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه، وهذا إن تحقق يلزم منه خلو قبره من جسده الأمر الذي يترتب عليه أن الزيارة تكون لمجرد قبره، وأن السلام عليه عند قبره يكون سلامًا على غائب. إلى أن قال: وهذه جهالات لا يلزم بها من له أدنى شيء من العقل.
2- وقال قوم: معناه: أن من رآه يكون قد رآه على صورته التي كان عليها، ولم يَرْقَ هذا الرأي عند الإمام القرطبي فعلَّق عليه: بأنه يلزم منه أن من رآه على غير صفته تكون رؤياه من باب أضغاث الأحلام، ومعلوم أنه يرى في النوم على حالة تخالف حالته في الدنيا من الأحوال اللائقة به، وتقع تلك الرؤيا حقًّا كما لو رئي وقد ملأ دارًا بجسمه مثلًا، فإنها تدل على امتلاء تلك الدار بالخير. ثم انتهى القرطبي إلى القول بأن الأولى بنا أن ننزه رؤياه صلى الله عليه وآله وسلم أو رؤيا شيء منه أو مما ينسب إليه شيء من ذلك فهو أبلغ في الحرمة وأليق بالعصمة كما عصم من الشيطان في يقظته، كما انتهى إلى أن الصحيح في تأويل الحديث أن مقصوده أن رؤيته في كل حالة ليست باطلة ولا أضغاثًا بل هي حق في نفسها -ولو رئي على غير صورته-؛ لأن تصور تلك الصورة من الله وليست من الشيطان.