الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

النبي أوذي كثيرًا فصبر| شومان : الإسلام جاء بمنهج متكامل للتعامل مع الأزمات

عباس شومان - وكيل
عباس شومان - وكيل الأزهر السابق

هل الابتلاء دليل على غضب الله ؟ سؤال أجاب عنه الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الأسبق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، مؤكداَ أن ما يعانيه الإنسان من بلاء وابتلاء سُنة الله في كونه.

هل الابتلاء دليل على غضب الله ؟

وقال شومان خلال خطبة اليوم الجمعة من رحاب الجامع الأزهر الشريف، إنَّ سنة الله في الخلق أن يمر الناس بأزمات في حياتهم، وليس هناك عصر من العصور يخلو من أزمات، ومن أكثر العصور ابتلاء في الأمة المحمدية الصدر الأول وأكثر من فيه ابتلاء هو رسول الله ﷺ، فقد أوذي كثيرًا فصبر، وأوذي صحابته الكرام -رضوان الله عليهم- بصنوف شتى من الإيذاء ومنها الإيذاء الاقتصادي فمرت بهم مجاعات أكلوا على إثرها أوراق الشجر وربطوا على بطونهم الحجر، فما تزحزح إيمانهم قيد أنملة، صبروا وشكروا وعلموا بأن الله -عز وجل- يبتليهم ويختبرهم وأنهم لن يضيعوا إيمانهم مهما بلغ بهم الأمر فاستحقوا أن يكونوا من السابقين إلى الجنة.

وأشار وكيل الأزهر إلى أن الناس في عصرنا وفي أيامنا هذه مرَّت عليهم أزمة كورونا، ومن بعدها أزمة قديمة زادت جديدًا وهي أزمة «زيادة الأسعار» فشقَّت حياة الناس عليهم جراء عوامل كثيرة منه الاضطرابات والحروب الدائرة في بعض الدول وعواقب جائحة كورونا التي عطلت الإنتاج، ومنها تباطأ الناس عن العمل وركون بعضهم إلى الدعم، وأمور أخرى كثيرة يعرفها أهل الاختصاص، وهذه الأزمات التي يتعرض لها الناس تأتي أحيانا من باب الابتلاء والاختبار وتأتي أحيانًا عقابًا للناس لبعدهم عن كتاب ربهم وعن هدي شرعهم وضعف عقيدتهم وإيمانهم: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.

وأضاف في بيانه هل الابتلاء دليل على غضب الله ؟ أنَّ الإسلام جاء بمنهج متكامل للتعامل مع الأزمات والتخفيف من حدتها، فأمر بالإنفاق مما آتى الله العباد من مال، وألا يتكلف العباد فوق طاقتهم وأن يكونوا وسطًا في كل أمورهم لا يسرفون ولا يقترون: {لِیُنفِقۡ ذُو سَعَةࣲ مِّن سَعَتِهِۦۖ وَمَن قُدِرَ عَلَیۡهِ رِزۡقُهُۥ فَلۡیُنفِقۡ مِمَّاۤ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُۚ لَا یُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا مَاۤ ءَاتَىٰهَاۚ سَیَجۡعَلُ ٱللَّهُ بَعۡدَ عُسۡرࣲ یُسۡرࣰا}، وان ما نراه من البعض في العيش ببذخ وإسراف يتناقض مع شرع الله ويبين عدم الإحساس بالمسؤولية.

كما شرع الإسلام الادخار ليُستعان به في وقت العسر والشدة، وشرع لنا الاقتصاد في شراء السلع والمستهلكات حتى ينتظم السوق ولا تنذر الحاجة في الأسواق جراء تهافت الناس عليها، وشرع لنا الوقاية لدفع العلاج ونفقاته، فإذا أخذنا طريق الوقاية انصرف عنا الكثير من الأمراض ووفرنا ما ينفق عليها من علاج بأمل بسيط وهو اتباع أساليب الوقاية، وهذا منهج دائم أراده الله لعباده لا يرتبط بأزمة ولا ضيق ولا بشح الموارد، ولكنها حياة المسلم: حياة وسطية، ولو أن المسلمين طبقوا هذا ما كنا لنرى كثيرًا من هذه الأزمات.

ودعا عضو مجمع البحوث الإسلامية إلى تغيير الثقافة الاستهلاكية لدى الناس والاكتفاء بما يحتاجون إليه من سلع وخدمات، فالمفترض عندما تزيد الأسعار أن يقلل الناس استخدامهم بقدر ما يستطيعون ليزيد المعروض ويقل الطلب وتنخفض الأسعار، ولكن للأسف نجد ما يحدث عكس ذلك فتزداد الأسعار زيادة، داعيًا التجار والمنتجين والمستوردين أن يتقوا الله في الناس وألا يستغلوا الأزمات ولا يغشوا ولا يغير أحد تاريخ الصلاحية كذلك ليبيع شيئا فاسدًا للناس فتغيير تاريخ الصلاحية واستغلال أزمات الناس جريمة أكل لأموال الناس بالباطل، وأن الاحتكار عمل غير أخلاقي.